بعد نحو ثلاثة أسابيع على وقوع زلزال إقليم الحوز المدمّر، الذي ضرب عدداً من المناطق في المغرب في الثامن من سبتمبر/ أيلول الحالي، تسابق السلطات الزمن من أجل استكمال مرحلة فك العزلة عن المناطق المتضررة وتوسعة الطرقات والمسالك، لا سيما في المناطق الجبلية.
وبالتزامن مع استمرار عمليات تأمين حاجيات المتضررين وتقديم المساعدات الاجتماعية والطبية للأشخاص الذين فقدوا منازلهم جزئياً أو كلياً، كان لافتاً تركيز وزارة التجهيز والماء جهودها على فك العزلة عن المناطق المتضررة من خلال فتح الطرقات المقطوعة من جراء الزلزال، وتوسعة الطرقات والمسالك، في خطوة استباقية أملتها مخاوف وتحذيرات من مواجهة الناجين كوارث جديدة مع اقتراب موسم الأمطار الذي قد يتسبب بسيول وانجرافات للتربة، وانخفاض في درجات الحرارة.
وتسبب زلزال إقليم الحوز في قطع 65 من الطرقات والمسالك المصنفة وغير المصنفة في المناطق المتضررة من أعنف زلزال تعرفه البلاد منذ نحو قرن، على طول 924 كيلومتراً، منها ثلاثة طرقات وطنية على طول 146 كيلومتراً، وثلاثة طرقات جهوية، و14 طريقاً إقليمياً، و49 طريقاً غير مصنف على طول 465 كيلومتراً، استناداً إلى معطيات رسمية كشفت عنها وزارة التجهيز والماء.
وحتى يوم السبت الماضي، أعلنت وزارة التجهيز والماء عن فتح جميع الطرقات المصنفة متضررة. كما تقدمت الأشغال في 92 في المائة من الطرقات غير المصنفة. وتلفت الوزارة في حصيلة لعملياتها خلال الأيام الماضية، إلى أنه بعد 48 ساعة من الفاجعة، تم فتح 90 في المائة من الطرقات المصنفة مقطوعة بمختلف المناطق المتضررة. ومنذ 12 سبتمبر/ أيلول الجاري، فتحت جميع الطرقات المصنفة أمام حركة السير.
وقالت الوزارة إن فرق التدخل باشرت، بعد فتح الطرقات المصنفة مقطوعة، عمليات توسعة وإزالة الأحجار والأتربة من على جوانب الطرقات وإصلاح الأضرار التي لحقت القارعة وتسوية المقاطع المتدهورة، ضماناً لسلامة مستخدمي الطريق. كما تم قطع حركة السير ليلاً على المقاطع الطرقية الخطرة (النقطة الكيلومترية رقم 284 من الطريق الوطنية رقم 7 بإقليم تارودانت).
ولم تكن مهمة الوزارة في عملية فتح الطرقات والمسالك في وجه حركة السير سهلة، إذ واجهت تحديات تتعلق أساساً بجسامة وحجم الأضرار التي لحقت بشبكة الطرقات من جراء الزلزال، ما تطلب اللجوء إلى وسائل وآليات خاصة، بالإضافة إلى الهزات الأرضية الارتدادية المسببة لانهيارات وتصدعات جديدة، وكثافة حركة السير وعدم انتظامها، وقوافل المساعدات، وتعذر التدخل على جبهات متعددة للطريق الوطنية رقم 7 في آن واحد وانعدام منافذ أخرى.
إلى ذلك، يقول عضو المكتب التنفيذي لـ "الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب"، كمال لغمام، إن عملية الإنقاذ اصطدمت بمجموعة من العراقيل الميدانية، والتي صعبت من مأمورية السلطات، منها صعوبة تضاريس المنطقة المتضررة باعتبارها منطقة جبلية ضمن سلسلة جبال الأطلس الكبير، بالإضافة إلى تواجد الدواوير في مناطق نائية بعيدة عن الطرقات المعبدة والمسالك الطرقية. ويوضح في حديثه لـ "العربي الجديد" أن كل المعطيات السابقة ساهمت في صعوبة عملية الإنقاذ، ما دفع السلطات إلى تسريع عمليات فتح الطرقات من أجل الوصول بأقصى سرعة ممكنة إلى المناطق القريبة والنائية.
ويلفت لغمام إلى أنه "بعد مجهود جبار ومتواصل، تمكنت السلطات المغربية (قوات مسلحة، ووقاية مدنية، وشرطة، وقوات مساعدة)، وفرق التعاون الدولي المتخصصة في عمليات الإنقاذ (الإسبانية، والقطرية، والبريطانية، والإماراتية) من فك العزلة بشكل كبير". ويوضح أن "عملية فك العزلة ساهمت في وصول المساعدات الإنسانية الشعبية للمغاربة وتلك التي وجهتها المؤسسات في أسرع وقت ممكن"، مشيراً إلى أنه بعد الانتهاء من المراحل الأولى المتعلقة بالإنقاذ وإغاثة المتضررين، طرح إشكال حقيقي يتعلق بما ستشهده المنطقة الجبلية من فصل شتاء بارد جداً، وتساقط للثلوج".
يضيف: "تحول التحدي تدريجياً إلى سباق مع الزمن من أجل تسريع عملية إعادة الإعمار وإسكان المتضررين بشكل مستعجل، ما دفع العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى وضع خطة مستعجلة تشمل تخصيص دعم مالي مباشر للأسر التي فقدت منازلها تماماً قدره 140 ألف درهم (نحو 14 ألف دولار)، وتخصيص 80 ألف درهم (8 آلاف دولار) كدعم مالي مباشر للأسر التي تضررت منازلها بشكل جزئي أو تشققات بفعل الهزة الأرضية". يتابع: "نعتبر أن السلطات المغربية نجحت بشكل كبير في معالجة هذه الفاجعة، وسارعت لاحتواء الوضع صحياً واجتماعياً وإنسانياً، بدعم من الشعب المغربي الذي قاد ملحمة إنسانية تاريخية في تأكيد وترسيخ قيم التضامن والتآزر بصيغة مغربية خالصة".