المغرب: الأثرياء المرضى بكورونا يُعالجون في البيوت

23 ديسمبر 2020
في أحد مستشفيات المغرب (فاضل سنا/ فرانس برس)
+ الخط -

يزداد طلب المرضى بكورونا في المغرب على الأجهزة الطبية التي يمكن اقتناؤها في البيت في ظل الضغط الكبير على المستشفيات، وقد لجأ أثرياء إلى إنشاء غرف مجهزة تماماً للعلاج.

وجد العاملون في قطاع المستلزمات والأجهزة الطبية، والقائمون على المراكز والمستشفيات الصحية الخاصة في المغرب، وخصوصاً في مدينتي الدار البيضاء والرباط، مصدراً للدخل خلال الأسابيع الماضية، مع ارتفاع أعداد الاصابات بفيروس كورونا، إذ تُسجّل نحو 4 آلاف إصابة يومياً. ويقول أحمد السباعي، وهو مدير شركة استيراد وتوزيع مستلزمات وأجهزة طبية، إنّه في ظل ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات بفيروس كورونا في البلاد مع تفشي الموجة الثالثة التي تلت تخفيف الحجر الصحي في أغسطس/ آب الماضي، زاد الطلب على أجهزة التنفس الاصطناعي سوء في البيوت أو تلك الخاصة بغرف الإنعاش في المستشفيات. ويقول لـ"العربي الجديد" إنّ كثرة الطلبات انعكست إيجاباً على الشركات المتخصّصة بالمعدات والأجهزة الطبية، والتي تُستردّ بعد انتهاء فترة العلاج، وذلك في مقابل أسعار مرتفعة. ويوضح السباعي أنه بسبب تزايد الضغط على القطاع الصحي، وارتفاع كلفة خدمات المراكز أو المستشفيات الخاصة المعنية باستقبال مرضى كورونا، يلجأ بعض المواطنين، ولا سيما الذين يعانون من أمراض مزمنة، إلى استئجار أجهزة الإنعاش، قبل أن تشهد هذه الخدمات ارتفاعاً بدورها مع تزايد الإقبال عليها من قبل الفئات الميسورة.

 

 


ولا يتوقف رنين الهاتف في أحد المراكز الصحية الخاصة في مدينة الرباط، لحجز مواعيد لزيارات جديدة أو مراجعة أو طلب خدمات من قبل مرضى كورونا، وقد سجلت الأسابيع الماضية إقبالاً ملحوظاً من قبل مواطنين راغبين في الاستفادة من خدمات الاستشفاء في منازلهم. وتقول هناء التي تعمل في قسم الحسابات في مركز صحي خاص، لـ "العربي الجديد"، إنه مع تزايد أعداد المرضى بكورونا، كان هناك إقبال كبير على خدمات الاستشفاء في البيوت، وتجهيز غرف إنعاش في مقابل نحو 10 آلاف درهم (نحو ألف دولار)، مقدّرة أن عدد الطلبات يتراوح بين 20 و30 طلباً في الأسبوع. وتُشير إلى أن إصرار بعض عائلات المصابين بالفيروس على عدم اللجوء إلى المراكز أو المستشفيات الحكومية، أو الإصرار على السرية، دفع المراكز الصحية الخاصة إلى اعتماد مجموعة من الإجراءات، تبدأ بزيارة أولية للطبيب لمعاينة المريض، ومعرفة البروتوكول الذي يتعين على المصاب اتباعه، وتجهيز الغرف بالأجهزة الطبية اللازمة بناء على التقرير الطبي، وأخيراً الخضوع للعلاج والمراقبة الطبية لفترة تراوح بين أسبوع و14 يوماً.


"ليكن الله في عون من يدخل المستشفى في هذه الظروف الراهنة"، يقول يوسف عواد لـ "العربي الجديد". اختار الأخير تجهيز إحدى غرف الفيلا، حيث يسكن، بسرير ومستلزمات طبية، وقد فضّل أن تعالج زوجته التي أُصيبت بالفيروس في غرفتها وتحمل تكاليف الأمر بدلاً من الانتظار. وكان عواد قد واجه صعوبات لإيجاد سرير لها في أحد المستشفيات الخاصة في مدينة الدار البيضاء، في ظل تزايد أعداد الإصابات بكورونا، والذي أدى إلى ضغط على المنظومة الصحية. 


ويرى أن هذا الواقع دفع كثيرين إلى الاقبال على الشركات المتخصصة بتجهيز غرف للعناية الطبية في منازل المصابين بالفيروس، من خلال وضع أجهزة التنفس الاصطناعي وغيرها، على أن يتم استرجاعها من قبل الشركات بعد انتهاء فترة العلاج. ويشير إلى أنّ تكاليف الاستفادة من تلك الخدمات لمدة 14 يوماً وصلت في حالة زوجته إلى 110 آلاف درهم (نحو 11 ألف دولار)، عدا عن بدل أتعاب الممرضة التي تولت المتابعة الصحية اليومية لزوجته، والذي تجاوز 7 آلاف درهم (نحو 700 دولار).

 

 


إلى ذلك، يقول الكاتب العام الوطني للمنظمة الديمقراطية للصحة، محمد عريوة، إن الضغط على القطاع الصحي، وعدم قدرته على استقبال جميع المرضى من جرّاء ارتفاع حالات الإصابات (بعضها خطرة) والوفيات في البلاد، دفع العائلات الميسورة إلى اختيار الاستشفاء في المنزل. ويقول عريوة لـ "العربي الجديد": "في ظل الضغط على المنظومة الصحية، ومع تعذّر الحصول على سرير إنعاش في المستشفيات، وجد بعض المصابين بأمراض مزمنة أنفسهم مضطرين إلى اقتناء أجهزة أوكسجين لاستخدامها في منازلهم، وقد تضاعف ثمنها ثلاث مرات". ويلفت إلى أن أنه تكفي الإشارة هنا إلى أن سعر جهاز الأوكسجين ارتفع من 7 آلاف درهم (نحو 700 دولار) إلى ما بين 21 ألف درهم (نحو 2100 دولار) و25 ألف درهم (نحو 2500 دولار)، للدلالة على من له القدرة على اقتنائها.


ففي وقت أنعشت كورونا المراكز الصحية الخاصة وشركات المستلزمات والأجهزة الطبية، رصدت "لجان اليقظة والتتبع" المعنية بتقييم دقيق للإجراءات الواجب تنفيذها والشروط والمعايير الصحية اللازم توفرها في كل إقليم لمواجهة الجائحة، تزايد الإقبال على اقتناء أجهزة الأوكسجين لتجهيز غرف إنعاش سرية في منازل أثرياء، رغبة في التكتم على إصابة أفراد من عائلاتهم، وعدم الخضوع للبروتوكول المتبع من قبل السلطات في ما يتعلق بمتابعة خارطة المخالطين. وأشارت الجهات إلى تهافت العائلات الميسورة على اقتناء أجهزة التنفس الاصطناعي من أجل الاستخدام المنزلي بدلاً من الاضطرار للتوجه إلى المستشفيات، بالإضافة إلى ارتفاع طلب الأثرياء المصابين بالفيروس على خدمة خاصة تقدم عبر آليات توصيل الخدمات عن بعد.

المساهمون