انتهى، ليل الثلاثاء، لقاء رئيس الحكومة عزيز أخنوش مع جمعية "هيئات المحامين بالمغرب"، إلى إعلان تعليق الإضراب المفتوح عن العمل الذي يخوضه منذ يومين آلاف المحامين، احتجاجا على فرض إجراءات ضريبية وردت في مشروع قانون المالية لسنة 2023، والوضع المهني المتأزم "نتيجة حملة الاستهداف غير المسبوقة في تاريخ المهنة".
وأعلنت جمعية "هيئات المحامين بالمغرب"، ليل الثلاثاء، تعليق الإضراب المفتوح عن العمل الذي بدأه، منذ الإثنين الماضي، المحامون، اعتباراً من اليوم الأربعاء، عقب "توافق مع الحكومة بخصوص الملف الضريبي" في اجتماع تم عقده بين رئيس الحكومة عزيز أخنوش وجمعية هيئات المحامين في المغرب، في "انتظار ما ستسفر عنه اللجنة التقنية المشتركة من خلاصات ونتائج".
وكشفت جمعية هيئات المحامين في المغرب، في بيان لها، أنّ الاجتماع الذي حضره رئيس الحكومة، ووزير العدل عبد اللطيف وهبي، والوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية فوزي لقجع، خلص إلى الاتفاق على خفض قيمة الأداء عن كل ملف من 300 درهم (حوالى 28 دولاراً أميركياً)، وهي الصيغة الأخيرة التي جرى إقرارها في مجلس النواب المغربي، إلى 100 درهم (نحو تسعة دولارات) عن كل ملف، على أن تُسدد وفق الطريقة التي يختارها المحامون، سواء بشكل مسبق، أو بأدائها في الشهر الموالي للسنة المحاسبية. وتُعفى الملفات المشمولة بنظام المساعدة القضائية من هذه التسبيقات.
وحصل المحامون الجدد (الذين يباشرون أعمالهم بعد نهاية فترة التمرين) على تمديد إضافي من الإعفاء من أداء هذه الضرائب، من ثلاث إلى خمس سنوات.
كما نص الاتفاق على استثناء وتوسيع دائرة الملفات ذات الطابع الاجتماعي والحقوقي المعفاة من الدفع المسبق على الحساب، وتخفيض الاقتطاع من المنبع إلى نسبة 10% بدلاً من 15%، بالنسبة للمحامين الذاتيين، و5% بدلاً من 10%، بالنسبة للشركات المدنية المهنية للمحامين.
ويفرض مشروع الموازنة الجديدة أداء المحامي تلقائياً لدى كاتب الضبط في صندوق المحكمة تسبيقاً مالياً عن الضريبة عن كل ملف في كل مرحلة من مراحل التقاضي؛ أي عند إيداع أو تسجيل دعوى أو طلب أو طعن أو عند التسجيل نيابة أو مؤازرة في قضية بمحكمة. وجاء هذا الإجراء بعدما تبين لمصالح الضرائب أنّ المحامين لا يصرحون بمداخيلهم الحقيقية.
وحدد مبلغ التسبيق المالي في مشروع قانون المالية بـ300 درهم مغربي (حوالى 28 دولاراً أميركياً)، عن كل ملف في محاكم الدرجة الأولى، و400 درهم (حوالى 37 دولاراً)، في محاكم الدرجة الثانية، و500 درهم (حوالى 46 دولاراً)، في محكمة النقض. أما الدعاوى المتعلقة بالأوامر المبنية على طلب المعاينات، فيؤدى عنها مبلغ مسبق عن الضريبة مقداره 100 درهم (حوالى 9 دولارات).
وكان المحامون المغاربة قد أعلنوا إضراباً شاملاً عن العمل، اعتباراً من الإثنين وحتى إشعار آخر، رفضاً لقرار الحكومة فرض إجراءات ضريبية وردت في مشروع قانون المالية لسنة 2023، ولـ"الوضع المهني المتأزم نتيجة حملة الاستهداف غير المسبوقة في تاريخ المهنة"، وذلك في تطور لافت في مسار الأزمة غير المسبوقة بين أصحاب البذلة السوداء والحكومة.
وتسبب الإضراب المفتوح للمحامين عن العمل في تعطيل الجلسات على نطاق واسع خلال اليومين الماضيين، ما جعل أغلب محاكم البلاد تعيش شللاً كبيراً.
وعلى امتداد أكثر من أسبوعين متواصلين، نظم المحامون وقفات احتجاجية واعتصامات أمام البرلمان المغربي وفي محاكم المملكة، وإضرابات عن العمل يومي 8 و9 من الشهر الجاري. كما قررت هيئاتهم عدم الاستجابة لدعوة وزير العدل لحضور اجتماع اللجنة المشرفة على امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة.
وتشهد العلاقات ما بين الهيئات التي تمثل المحامين في المغرب ووزير العدل توتراً غير مسبوق، بعدما تصاعد الجدال حول مسودة مشروع قانون تنظيم مهنة المحاماة وتوالت الانتقادات الموجّهة إلى بنودها وكيفية إعدادها، وما تضمنته، بحسب هيئات المحامين، من "تجاوزات خطرة وغير مسبوقة لمقاربة التشارك مع المؤسسات والإطارات (الكوادر) المهنية، ووجّهت ضربات لتعهدات الوزارة سابقاً عدم طرح القانون إلا بعد إصدار القوانين الإجرائية (قانون المسطرة المدنية والجنائية)، تمهيداً لتعزيز استقلالية المهنة وحصانتها، وتوسيع مجالات عمل المحامين".