المعلمون الفلسطينيون يعلّقون إضرابهم بعد أكثر من 40 يوماً

25 مايو 2022
مطالبة بـ"كرامة المعلم" في تحرّك سابق (عصام الريماوي/ الأناضول)
+ الخط -

أعلن حراك المعلمين الفلسطينيين الموحّد تجميد الإضراب بكلّ أشكاله في المدارس، بعد إضراب جزئي استمرّ منذ وقف اتحاد المعلمين الفلسطينيين إجراءاته التصعيدية في 14 إبريل/ نيسان الماضي، والتي شملت تعليقاً جزئياً للدوام. وكان الحراك قد أعلن المضي في الإضراب وعدم وقفه رفضاً للاتفاق الذي توصّل إليه الاتحاد مع الحكومة الفلسطينية، إذ رأى أنّه لا يلبّي حقوق المعلمين.

ويأتي تعليق الإضراب الأخير على الرغم من عدم رضا الحراك عن النتائج المقدّمة سواء من الحكومة أو من خلال مبادرة للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ومؤسسات تربوية وأهلية ومجلس أولياء الأمور، وفق بيانات الحراك.

وجاء في بيان نشره الحراك عبر مجموعات للمعلمين على مواقع التواصل الاجتماعي، أنّ قرار تعليق الإضراب يأتي لكيلا تتنصّل الحكومة من مسؤولياتها التي أعلنتها ولكي يتمكّن الحراك من الاستمرار بفعاليات أوسع وأشمل وأقوى في حال الإخلال بذلك. ويبدو أنّ قرار الحراك جاء بعد تراجع في زخم الإضراب، بعد إعلان مبادرة من الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان وباقي الشركاء، وإعلان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية الترحيب بها والاستعداد لتنفيذ بنودها.

يقول عمر عساف أحد الفاعلين في لجنة متابعة مبادرة الهيئة المستقلة والفعاليات التربوية والنقابية لـ"العربي الجديد" إنّ "المعلمين كانوا يبحثون أيضاً عن حلّ لأنّهم لا يريدون تدمير العام الدراسي وتعطيل الثانوية العامة، والمبادرة استجابت تحت سقف معيّن لمطالبهم الأساسية والجوهرية وشقّت الطريق أمامهم لتعزيز مكتسباتهم الآن ولاحقاً"، مضيفاً أنّ المبادرة وضعت حداً لما أسماه "الدورة الإضرابية الحالية إذ إنّ إضرابات المعلمين تعود كلّ أربع أو خمس سنوات".

ويشير عساف إلى أنّ "المبادرة وفّرت للمعلمين أسساً للتوصّل إلى تمثيل ديمقراطي يشارك فيه جموع المعلمين، من خلال إنشاء جسم وإطار خاصَين من ضمن اتحاد المعلمين لمعلمي المدارس الحكومية يُنتخب من قبلهم ويؤسس لتجاوز مسألة تنازع تمثيل المعلمين المستمرة منذ عقود". يضيف عساف أنّ المبادرة نصّت بشكل واضح على أحد المطالب الأساسية للمعلمين وهو "مهننة التعليم" أي أن يصير مهنة في القوانين، "كذلك نصّت على إعادة ما اقتُطع من رواتب الشهر الماضي والذي أتى كإجراء مقابل للإضراب عمدت إليه الحكومة".

ويوضح عساف أنّ "المبادرة بُنيت على ما أُنجز سابقاً"، في إشارة إلى الاتفاق ما بين اتحاد المعلمين والحكومة، "فيحصل المعلمون على تحويل ودمج العلاوة الإشرافية القائمة لتصير من ضمن علاوة طبيعة العمل بنسبة 15 في المائة، وتصير من الراتب الأساسي ليستفيد منها المعلمون في التقاعد. وكذلك تُضاف 15 في المائة أخرى بشكل فعلي على علاوة طبيعة العمل تطبّق في بداية عام 2023، وفقاً للمبادرة، بدلاً من تجزئتها على عامَين كما كان في اتفاق الاتحاد مع الحكومة، إلى جانب إضافة خمسة في المائة فعلية أخرى في عام 2024".

وحول ضمانات التنفيذ، يقول عساف إنّ "المبادرين حرصوا على توفيرها من خلال خروج رئيس الوزراء لمخاطبة المعلمين وإعلان التزامه ببنود المبادرة، بالإضافة إلى إعلانه دفع غلاء المعيشة وسنّ قانون لحماية المعلم، إلى جانب ضمانات شبيهة بما حصل عليه الأطباء والممرضون الذين خاضوا إضرابات في خلال السنة الماضية، وذلك مع ضمانة 100 مؤسسة تبنّت المبادرة ولقاءات مع الصفّ الأول من القوى والفصائل الوطنية والإسلامية".

ويفيد عساف بأنّ "المبادرة نوقشت مع مئات المعلمين، سواء عبر تطبيق زوم أو في اجتماعات وجاهية، استمرّ أحدها في الخليل (جنوبي الضفة الغربية) لأربع ساعات مع 135 معلماً تقريباً، من بينهم معلمون مؤثرون من دون الادّعاء بأنّهم منتخبون من أحد"، وقد وافق اتحاد المعلمين كذلك على المبادرة.

ويصف عساف بيان الحراك بأنّه "يشتمل على تناقضات لجهة ذكره التزام الحكومة بالمبادرة"، مشيراً إلى أنّ "الحراك تفاجأ من استجابة جموع المعلمين للمبادرة". 

ويستمرّ تجميد الإضراب بحسب بيان حراك المعلمين الفلسطينيين الموحّد حتى مطلع العام الدراسي المقبل 2022 - 2023، مع التمسّك بمقاطعة كلّ إجراءات إغلاق العام الدراسي، ورفض تعويض أيام السبت (عطلة رسمية) رفضاً قاطعاً، وترك الاختيار للمعلمين بخصوص المشاركة في مراقبة الامتحانات الثانوية وتصحيحها.

وقد أعلن الحراك البدء الفوري بوضع استراتيجية جديدة للتمثيل فيه قائمة على التدرّج، الأمر الذي من شأنه أن يتيح التنسيق بشكل أفضل مستقبلاً عند عودة الفعاليات المطلبية تزامناً مع بداية العام الدراسي الجديد.

كذلك أكّد الحراك أنّه لم يتبنّ ما يُسمّى "مبادرة المؤسسات" إلا بعد انشقاق المعلمين "الذين صدمتنا عودتهم للدوام بعد خطاب متلفز لا يعني شيئاً على الإطلاق"، في إشارة لخطاب رئيس الوزراء يوم الجمعة الماضي، معللين ذلك بأنّه ناتج عن تصرفات فردية لبعض المعلمين الذين حضروا اجتماعات حول المبادرة، وكان الحراك أعلن سابقاً أنّ لا أحد يمثّله.

تجدر الإشارة إلى أنّ الحراك كان يطالب بزيادة طبيعة العمل إلى 100 في المائة أسوة بقطاعات حكومية أخرى، وصرف غلاء المعيشة المتوقّف منذ عام 2013، ورفع علاوة الزوجة والأبناء، وضمان عدم المساس بأيّ معلم على خلفية الإضراب، وتشكيل جسم نقابي قوي يمثّل المعلمين تمثيلاً حقيقياً، وغيرها من المطالب.

وقد رفض الحراك على مدى أكثر من 40 يوماً إبراز متحدّثين باسمه على وسائل الإعلام، تجنباً للمصير الذي لقيه ممثلو الحراك في عام 2016 الذين أحالت الحكومة الفلسطينية جزءاً منهم إلى التقاعد القسري المبكر.

وطوال مدّة الإضراب، أعلن منفّذوه رفضهم الاعتراف بتمثيل اتحاد المعلمين (يُعَد إحدى مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية)، إذ رأوا أنّه خذلهم في أكثر من مرّة، آخرها بوقف إضرابه في 14 إبريل الماضي، بعد تحويل مسمّى العلاوة الإشرافية إلى علاوة طبيعة العمل بما يتيح الاستفادة منها عند التقاعد، ولاحقاً رفض الحراك اتفاقاً آخر في ظلّ استمرار إضرابه يضيف 15 في المائة على طبيعة العمل مقسمة على عامَي 2023 و2024.

يُذكر أنّه في إمكان المبادرة الأخيرة، في حال تنفيذها، أن تضع حدّاً لمشكلة تمثيل المعلمين عند إنشاء جسم نقابي يشارك في انتخابه جميع المعلمين الحكوميين الفلسطينيين.

المساهمون