المشي في المدينة... إقبال على زيارة معالم الصين سيراً على الأقدام

المشي في المدينة... إقبال على زيارة معالم الصين سيراً على الأقدام

23 سبتمبر 2023
يتجول آلاف السياح في شوارع شنغهاي يومياً (Getty)
+ الخط -

تظهر بيانات خاصة بتطبيقات إلكترونية متخصصة في رصد خطوات المشي في الصين، زيادة الإقبال بنسبة 700 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، في حين زاد عدد التفاعلات مع الموضوعات ذات الصلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي نحو 600 في المائة خلال الفترة نفسها.
ويقول خبراء إن جولات المشي في المدينة أصبحت اتجاهاً شعبياً هربا من الزحام الشديد في وسائل المواصلات، خصوصاً في الأعياد والعطلات الرسمية، فضلاً عن الفوائد الصحية باعتبارها وسيلة ناجعة لتخفيف الوزن، إلى جانب إتاحة الفرصة لتأمل الأزقة والشوارع، فيما اعتبر آخرون أن الإقبال على جولات المشي في المدينة يخلق فرصاً واعدة لتطوير السياحة الداخلية، وأنه يساهم في مشروعات التنمية الحضرية.
يقول مبرمج أحد تطبيقات التجوال سيراً في مدينة شنغهاي، جانغ وي، لـ"العربي الجديد"، إن "فكرة حث الناس والسياح على التخلي عن وسائل المواصلات جاءت بعد ملاحظة أن 95 في المائة من الزيارات للمدينة خلال عطلة عيد الربيع الصيني، تركزت حول سبعة مواقع تعتبر مركزاً للجذب السياحي، من بينها برج شنغهاي، وحديقة يو، ومدينة ديزني لاند، ومعبد جايد بوذا، في حين أن المدينة تضم أكثر من 120 معلماً سياحياً. التطبيقات توفر خريطة مبسطة لترتيب المواقع حسب الشهرة، ولا تتجاوز المسافة بين موقع وآخر أكثر من 2 كيلومتر، ما يتيح للسياح فرصة زيارة الأماكن من دون الشعور بالتعب أو الملل، بالإضافة إلى أخذ قسط كاف من الراحة بعد كل جولة".
ولفت جانغ إلى أن "الاكتظاظ والزحام المروري ساهما في إقبال السياح على هذا النوع من التطبيقات، خاصة أولئك الذين يرغبون في التفاعل المباشر مع السكان، وأهم ميزات التجوال سيراً على الأقدام هي إتاحة فرصة الوصول إلى الأزقة والأحياء القديمة التي لاتزال على هيأتها الأولى، ونجاح التجربة شجع مدناً أخرى على اتباع نفس النهج، مثل العاصمة بكين، وتيانجين (شمال)، ونانجينغ (شرق)، وشينزن (جنوب)".

الصورة
يفضل كثيرون السير على زحام وسائل المواصلات (كيان ويزونغ/Getty)
يفضل كثيرون السير على زحام وسائل المواصلات (كيان ويزونغ/Getty)

خاضت الطالبة في جامعة بكين، شياو زي، تجربة السياحة الداخلية سيراً على الأقدام، وتقول لـ"العربي الجديد"، إنها قامت بزيارة مدينة شنغهاي في شهر يونيو/حزيران الماضي، أثناء عطلة مهرجان قوارب التنين. تضيف: "كنت مترددة حيال السفر أثناء الإجازة بسبب الزحام، لكن حين قرأت في مواقع التواصل الاجتماعي عن خيارات التجوال على الأقدام، قررت مع ثلاث صديقات خوض المغامرة. منذ الوصول إلى المطار لم نستخدم سيارة الأجرة إلا مرة واحدة للوصول إلى مركز المدينة، ومن هناك بدأت رحلتنا التي استمرت ثلاثة أيام عبر التجوال سيراً على الأقدام، وتمكنا خلالها من زيارة نحو خمسين معلماً سياحياً، مثل حي شنغهاي القديم، وحارة الأجانب، وشارع المأكولات الإمبراطورية، كما زرنا الأسواق الليلية المخصصة لبيع المشغولات القديمة والتحف الأثرية".
وحول طبيعة التنقل بين مكان وآخر، أوضحت شياو، أن "التنقل كان يسيراً باستخدام التطبيقات الإلكترونية، كما أن المسافات متقاربة، وفي كل محطة توجد أماكن للاستراحة وتناول الأطعمة والمشروبات، وفي نهاية اليوم، نختار أحد الفنادق للمبيت، ثم نواصل المسير في اليوم التالي. أسعار الفنادق في متناول الجميع، وميزانية السفر خلال رحلتي الأخيرة أقل بنحو 45 في المائة مقارنة مع رحلة السابقة إلى المدينة".

في المقابل، يقلل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي من جدوى تلك التجربة، ويؤكدون أن زوار مدينة شنغهاي يأتون لرؤية معالمها الشهيرة، والغالبية يملكون من المال ما يتيح لهم استئجار سيارات خاصة للتنقل، وكذلك النوم في فنادق فاخرة قريبة من المعالم البارزة، وأن فكرة السير على الأقدام لا تستهوي سوى فئة الشباب، عوضاً عن أنه لا يمكن تطبيقها إلا في الأماكن المتقاربة، بينما المعالم الأساسية قد تفصل بينها عشرات الكيلومترات التي تستدعي استخدام وسائل المواصلات.
وبعد جائحة كورونا، سعت السلطات الصينية إلى تعزيز السياحة الداخلية باعتبارها رافعة للاقتصاد الوطني الذي تأثر خلال فترة الإغلاق بموجب سياسة "صفر كوفيد" الحكومية التي استمرت لثلاث سنوات، وحسب وزارة الثقافة والسياحة، فقد سجلت الصين 106 ملايين رحلة سياحة داخلية خلال عطلة مهرجان قوارب التنين التي استمرت ثلاثة أيام في شهر يونيو الماضي، بزيادة 32 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، بينما بلغ إجمالي عائدات السياحة خلال تلك العطلة 37 مليار يوان (نحو 5.2 مليارات دولار أميركي)، بزيادة 44 في المائة على أساس سنوي.

المساهمون