المدينة القديمة في الموصل العراقية... الخراب على حاله بعد 9 سنوات على سقوطها
لا تزال المدينة القديمة في الساحل الأيمن من الموصل، مركز محافظة نينوى العراقية، على حالها منذ تحريرها من سيطرة تنظيم "داعش" في يوليو/ تموز 2017، حيث إنها لم تتقدم على صعيد الإعمار ورفع أنقاض المنازل التي هُدمت بفعل قصف طيران التحالف الدولي، فيما يتحدث ناشطون وصحافيون من الموصل عن فرق البحث عن الجثث تحت الأنقاض التي لم تستكمل عملها.
ويوافق يوم السبت 10 يونيو/ حزيران مرور تسع سنوات على سقوط مدينة الموصل، ثاني كبرى مدن البلاد، بقبضة تنظيم "داعش"، في العاشر من يونيو/ حزيران 2014، وما خلّفه الحدث من مآسٍ وأحداث مروعة على بلاد الرافدين.
وتعرّضت الموصل القديمة، الواقعة على الجانب الأيمن من نهر دجلة الذي يمر بالمدينة، لدمار هائل.
وبالرغم من أن التقارير الحكومية والبرلمانية وتقارير المنظمات المحلية في العراق تفيد بأن هناك أكثر من 40 ألف قتيل وجريح ومفقود بين المدنيين، وانهيار 70 في المائة من أبنية المدينة، إلا أنها وعموم محافظة نينوى لم تشهد أي حملات لتعمير شبكات الطرق والجسور، إضافة إلى المستشفيات والربط الكهربائي، فضلاً عن تفشي الفقر والبطالة.
وتُظهر أحدث جولة لـ"العربي الجديد" في المدينة آثار الدمار الذي لا يزال شاخصاً في حين يغيب عنها أهلها، إذ تشتتوا في مخيمات النزوح ومدن عراقية أخرى، أما بعضهم فقد اختار الهجرة إلى الخارج، ومنهم الأقلية المسيحية في الموصل.
وقال مراسل "العربي الجديد" إن "المدينة القديمة في الجانب الأيمن من الموصل لا تزال ركاماً دون أي جهود لإعادة الإعمار أو تعويض الأهالي عن خراب منازلهم، ودفعهم في سبيل إعمارها"، مبيناً أن "جماعات نافذة، بعضها من خارج الموصل، تحاول الاستيلاء على المنازل الكبيرة المهدمة على ضفاف نهر دجلة، لاستثمارها في المستقبل كمشاريع سياحية".
في السياق، أكد الصحافي والناشط من مدينة الموصل إبراهيم ذنون أن "المدينة القديمة تمثل الذاكرة الحقيقية لمدينة الموصل، لا سيما أن غالبية الشخصيات المهمة نشأت وتربت فيها، وللأسف، فإن حملات الإعمار التي قادتها الحكومة المحلية لم تشمل المدينة القديمة"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "المنظمات التي وعدت ببناء المدينة القديمة وإعمار بعض الجوامع الهامة في الجانب الأيمن لم تف بوعودها، وكذلك بعض الدول العربية، التي كانت قد تعهدت بمساعدة أهالي الموصل، لم تقدم شيئاً للمتضررين".
بدوره، أشار المحافظ الأسبق لمحافظة نينوى أثيل النجيفي إلى أن "الإعمار في الموصل وهمي وغير موجود وفق مفاهيم الإعمار المعروفة، إذ إنها ركزت على أمور ظاهرية فقط، في بعض الجوانب من الساحل الأيسر من المدينة، وإن إصلاح الطرق وبناء المجمعات التجارية لا يعني أن هذا هو الإعمار الذي ينتظره المواطن"، معتبراً في اتصالٍ مع "العربي الجديد" أن "نينوى حالياً هي أكثر محافظة تحتوي على صفقات فساد مالي وإداري".
وأكمل النجيفي بالقول إن "الساحل الأيمن من المدينة لا يزال على حاله كما هو في أول يوم من تحريرها، وأن حالات الإعمار التي يتحدث عنها بعض السياسيين والصحافيين في المدينة أجريت على يد المواطنين أنفسهم، ولا فضل للحكومة المركزية أو المحلية"، مستكملاً حديثه بأن "نينوى بحاجة ماسة إلى مشاريع استراتيجية، مثل إعادة إصلاح المصانع والمعامل والمستشفيات".
وتسبب سقوط المدينة بانهيار قطعات الجيش العراقي بشكل متسارع، لتسقط مدن شمال العراق الرئيسية في قبضة "داعش"، وأبرزها تكريت والحويجة والقيارة وتلعفر والحضر وتلكيف وربيعة والشرقاط، قبل أن يلتف التنظيم ويسيطر على مدن في غرب العراق أيضاً.
واستعادت القوات العراقية، بدعم من التحالف الدولي، السيطرة على مدينة الموصل وطرد مسلحي تنظيم "داعش" في يوليو/ تموز 2017، بعد نحو 10 أشهر من المعارك التي خلفت عددا كبيرا من الضحايا المدنيين، يقدرهم نواب ومسؤولون بعشرات آلاف القتلى والجرحى، أغلبهم من النساء والأطفال، فضلا عن دمار هائل قدرت وزارة التخطيط العراقية أنه طاول أكثر من 56 ألف منزل، ويعتقد أن نحو ألف منزل منها ما زالت جثث أصحابها تحت أنقاضها، إضافة إلى تسجيل أسماء 11 ألف مفقود.