مع تردّي الأوضاع المعيشية بمخيم برج البراجنة، يفضل سكان المخيم عدم الالتزام بحظر التجول ومتابعة عملهم، إلا في حال تأمين "أونروا" احتياجاتهم
لا يتقيّد سكان مخيم برج البراجنة في بيروت بشكل تام بحظر التجول الذي فرضته الدولة اللبنانية للحدّ من انتشار فيروس كورونا. ودعت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) جميع الفلسطينيين إلى ضرورة التقيد به حرصاً على سلامتهم، من خلال بيان أصدرته أخيراً، وذلك بسبب الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه سكان المخيم.
يقول أبو عمر، وهو صاحب محل لميكانيك السيارات، يعيش في مخيم برج البراجنة، ويتحدر من بلدة كويكات بفلسطين: "منذ ثلاثين عاماً وأنا أعمل في هذه المصلحة، وكنت أعيش أنا وأسرتي منها، لكن منذ أربع سنوات، بدأت الأوضاع الاقتصادية تسوء، وتزداد اليوم سوءاً لأسباب عدة، بدءاً من إجازة العمل التي فرضها وزير العمل اللبناني السابق كميل أبو سليمان، وبدء الثورة في لبنان، وانتشار جائحة كورونا وحتى ارتفاع سعر صرف الدولار بشكل كبير جداً حيث بات الزبون الذي يريد تغيير زيت لسيارته يستغني عن ذلك. معظم قطع السيارات ارتفع سعره بسبب سعر صرف الدولار، وبطبيعة الحال، أصبح من يتقاضى أجره بالليرة اللبنانية، يفضل تأمين رغيف الخبز لأولاده على إصلاح سيارته".
يتابع: "نحن الفلسطينيين في المخيم نعيش حياة صعبة جداً. أدفع إيجار متجري، وكذلك الاشتراك بالمولد الكهربائي وغيرها من الاحتياجات، فكيف أستطيع أن أغلق محلي، ولا أحد يعمل على مساعدتنا ولو بتأمين احتياجاتنا الضرورية كالمأكل؟ لا أونروا تسأل عنا ولا فصائل منظمة التحرير الفلسطينية". ويسأل: "من سيؤمن لي احتياجاتي واحتياجات أسرتي إن أغلقت محلي والتزمت بقرار الحجر الصحي؟ علماً أنّ وجودي في المحل من دون نتيجة، لأنّ تصليح سيارة، يحتاج إلى قطع لن أستطيع تأمينها بسبب إغلاق المحال خارج المخيم". يتابع: "نحن الحلقة الأضعف، يريدون تجويعنا حتى نرضخ، وكذلك الشعب اللبناني. جميعنا في مركب واحد".
ويعلّق أبو عمر على أسعار الخضر المرتفعة، بالقول: "أسعار الخضر مرتفعة جداً. اشتريت اليوم 2 كيلو من اللوبياء بسعر 14 ألف ليرة لبنانية (9 دولارات بحسب سعر الصرف الرسمي)، فكيف بإمكاني تأمين هذه المبالغ إن لم أعمل"؟ وفي رسالة يوجهها لأونروا، يقول: "عليها أن تنظر إلى هذا الشعب الفلسطيني الفقير الذي لا حيلة له في القيام بأي شيء، وأن تعمل على تقديم مساعدات مادية له في ظلّ تردي الوضع الاقتصادي، وفي ظلّ الحجر الصحي المفروض حتى يلتزم الناس به حفاظاً على صحتهم. كما أنّها يجب أن تعمل على تأمين حواسيب خاصة للطلاب لمتابعة دراستهم عن بُعد. فمثلًا، ليس باستطاعتي تأمين هواتف لأولادي الأربعة، وصرت أضطر لترك هاتفي في البيت ليتابع أولادي دراستهم عن بُعد".
أما الحاج خالد، وهو يعمل كمزين شعر، ويقيم في مخيم برج البراجنة، فيقول: "نعيش حياة صعبة جداً، من انعدام وجود المياه الصالحة للشرب، إلى عشوائية تمديد أشرطة الكهرباء، إلى البناء المتصدع، إضافة إلى تردي الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها الناس في المخيم". وعن عدم الالتزام بالإغلاق، يقول: "فتحنا متاجرنا ومحالنا للعمل لأنّه لم يعد باستطاعتنا تحمل الأعباء الاقتصادية التي نعيشها. إذا فتحنا باب رزقنا نأكل وإن أغلقناه لا نستطيع تأمين الطعام لأولادنا. نطالب "أونروا" والمؤسسات الدولية والفصائل الفلسطينية بالنظر إلى الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعيشها أهل المخيم ولو بالحدّ الأدنى، فأونروا يقتصر عملها داخل المخيم على جمع النفايات وتأمين التعليم للأولاد الذي صار أيضاً من خلال التعلم عن بعد، حيث يجد الطلاب صعوبة في عملية التعلم. معظمهم لا يملك هواتف أو حواسيب لتلقي التعليم، أو عاجزون عن تشريج الإنترنت، علماً أنّ "أونروا" شرجت للطلاب إنترنت لمرة واحدة فقط". ويضيف: "إن أرادت "أونروا" أن نلتزم بالحجر المنزلي الصحي، فعليها أن تؤمن بالمقابل للشعب الفلسطيني متطلبات العيش بكرامة".
أما الشاب أحمد، وهو مقيم في مخيم برج البراجنة، وله عتب كبير على ""أونروا"، شأنه شأن الكثيرين من الفلسطينيين الذين يحتاجون إلى طبابة وتعليم وحياة كريمة، يقول: "أنا مصاب بكهرباء في الرأس، وأحتاج إلى دواء شهري تبلغ قيمته 450 ألف ليرة لبنانية (نحو 300 دولار بحسب سعر الصرف الرسمي)، ومعظمه مفقود اليوم بسبب الأوضاع. "أونروا" رفضت أن تساعدني بثمنه أو بأن تقدمه لي من خلال صيدلياتها، فكيف يمكنني التوقف عن العمل؟ ومن سيؤمن لي ثمن الدواء الذي أحتاجه شهرياً"؟