لا تختلف قصة اللاجئ نادر شاه سلطان (62 سنة) عن قصص آلاف اللاجئين الأفغان في باكستان كثيراً، فهي مزيج من البحث عن الرزق والسعي لتفادي مضايقات الشرطة المتكررة. يقول الستيني الأفغاني لـ"العربي الجديد": "جئت إلى باكستان مع والدي الراحل إبان الغزو الروسي لأفغانستان، وكان عمري وقتها 22 سنة، وقد عشت هنا أربعة عقود. تزوجت، وأنجبت أولادي الثمانية هنا، لكن اللجوء لم ينته بعد".
توفي والده سلطان شاه في مدينة بيشاور قبل أكثر من عشرين عاماً، ودفن هناك تنفيذاً لوصيته بعدم إعادة جثمانه إلى أفغانستان؛ والآن يريد الابن العودة إلى قرية أهله، وكلما يتذكر أن والده دفن في باكستان تخفت رغبته في العودة، كما أن الوضع في أفغانستان لا يشجعه كثيراً على اتخاذ القرار.
يقول نادر شاه: "أتمنى أن أمضي ما تبقى من حياتي في مسقط رأسي بمديرية زرمت في ولاية بكتيا بالجنوب الأفغاني؛ لكن أولادي لا يؤيدون قرار العودة بسبب الوضع الاقتصادي والمعيشي المتدهور هناك منذ سيطرة حركة طالبان على العاصمة كابول، على الرغم من أن الوضع الأمني حالياً أفضل من السابق".
أنجب نادر شاه خمس بنات وثلاثة ذكور، وابناه سرور شاه وأكرم شاه حفظا القرآن، ويعملان بالتدريس في مدرسة دينية بمدينة راولبندي، في حين أن ابنه محمد شاه يصلح الدراجات النارية، والأبناء الثلاثة يتكفلون بنفقات العائلة، وقد تزوج أكبرهم سرور شاه وأنجب فتاة، أما البنات، فقد تزوجت اثنتان منهن، والشقيقات الثلاث الباقيات يساعدن الأم وزوجة الأخ في أعمال المنزل. وتعيش العائلة في منزل متواضع بضواحي راولبندي إيجاره عشرة آلاف روبية باكستانية (نحو 57 دولاراً أميركياً)، وهو منزل طيني لا يقيهم من حر الشمس، ولا من برد الشتاء.
يقول نادر شاه: "لو كان الوضع في أفغانستان جيداً لما بقينا في الغربة طوال هذه السنوات. تحملنا الكثير من المشقة، خصوصاً ملاحقات الشرطة المتواصلة. في قريتنا، تملك عائلتي أراضي زراعية، وكنا نملك منزلاً كبيراً، لكنّه دمر خلال الحرب".
يجلس نادر شاه أمام مساجد راولبندي لبيع الخواتم والعطور وغيرها، ويبلغ إجمالي ما يكسبه يومياً أقل من 300 روبية باكستانية (أقل من دولارين)، لكنّه رغم ذلك يواصل العمل. يُذكر أنّه زار أفغانستان آخر مرة خلال تسعينيات القرن الماضي، عندما حكمت "طالبان" البلاد أول مرة، ولم يزر قريته، أو يقابل أبناء عمه الذين يعيشون هناك، منذ ذلك الحين، لكنه يتواصل معهم أحياناً عبر الهاتف.