يذكر فؤاد عبد الله يوسف (84 عاماً)، وهو لاجئ فلسطيني من قضاء صفد في فلسطين، أن والده كان تاجراً، ويملك أرضاً كان يزرعها بمساعدة بعض العمال. في ذلك الوقت، كان أهالي قرية بنت جبيل (جنوب لبنان) يأتون إليه لشراء الأرز والسكر وغيرهما من المواد الغذائية.
خرج يوسف من فلسطين وهو في الحادية عشرة من عمره برفقة عائلته بعدما بدأ الطيران الإسرائيلي بقصف العديد من القرى الفلسطينية، وكانت قد سقطت صفد وغيرها. تنقل وعائلته بين عدد من قرى جنوب لبنان، قبل أن يستقر بهم الحال في مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين في مدينة صور (جنوب لبنان). يقول: "عشنا في الخيم مدة طويلة وكنا ندرس في شوادر". لم يتمكن من العودة إلى الدراسة إلا بعدما افتتح والده دكاناً صغيراً وعملت والدته في البساتين.
يضيف: "تلك المرحلة كانت صعبة جداً. عمل الفلسطينيون ومن بينهم أمي وأبي وأنا في زراعة القطن. واللبنانيون الذين كانوا يزرعون الموز والليمون والحامض وغيرها كانوا يستعينون بالفلسطينيين بوصفهم أيادي عاملة رخيصة". ويوضح: "أنهيت تعليمي الابتدائي في مخيم الرشيدية، ثم انتقلت إلى مدرسة أخرى تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). أنهيت المرحلة المتوسطة. وفي الصيف، كنت أذهب مع أبي إلى صور لشراء البضاعة من التجار، فأحب صاحب أحد المحال التجارية عملي وعرض علي العمل معه. وبالفعل، بدأت العمل معه، وشيئاً فشيئاً زاد راتبي. في ذلك الوقت، ماتت أمي، وعشنا فترة صعبة. ثم تزوج أبي من أخرى وتحسنت تجارته".
عام 1958، التحق يوسف بحركة القوميين العرب، ثم بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. يتذكّر: "كان بيتي في الرشيدية مستودعاً للأسلحة، وكانت المجموعات الفدائية تخرج من منزلي. في وقت لاحق، بدأت المضايقات، وقد سجنت أكثر من 15 مرة".
في عام 1975، العام الذي شهد بدء الحرب الأهلية في لبنان، ترك مخيم الرشيدية وتوجه إلى بيروت. "انتقلت إلى العمل العسكري ثم عملت في اللجنة الاجتماعية الطبية، وكانت مسؤوليتي تحتم عليّ الاهتمام بعائلات الشهداء وبالمهجرين والفقراء. استأجرت منزلاً في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في بيروت، ومن ثم انتقلت للعيش في منطقة الرويس في بيروت، وذلك بعد نكبة مخيم تل الزعتر (شرقي بيروت)".
وعندما دخل الجيش السوري إلى لبنان عام 1976 "تعرضت لمحاولة اغتيال. وفي عام 1981 ذهبت إلى بلغاريا للدراسة مع مجموعة من الشباب لمدة ثلاث سنوات. بعد عودتي من بلغاريا توجهت نحو سورية، ومنها إلى لبنان حيث استقررت في محافظة البقاع. بعدها، انتقلت إلى الجزائر، ومنها إلى تونس، حيث بقيت مدة 14 عاماً، قبل أن أعود إلى لبنان".