لقي اللاجئ الروهينغي نور كمال تعاطفاً كبيراً في بنغلادش حين لجأ إليها قبل خمس سنوات هرباً من الانتهاكات العسكرية في قريته في ميانمار، إلا أن العداء الذي بات يواجهه اليوم يضعه والروهينغا الآخرين أمام خيار عودة غير آمنة إلى الوطن.
تغيّر الوضع كثيراً مذ فرّ عام 2017، هو ونحو 750 ألفاً من أقلية الروهينغا المسلمة إلى بنغلادش المحاذية، ونجاتهم من حملة قمع وحشية تخضع الآن لتحقيق من قبل الأمم المتحدة.
حينها، توافد آلاف البنغلادشيين الغاضبين من أعمال العنف بحق المسلمين إلى الحدود، من أجل توزيع الأغذية والأدوية للوافدين من ميانمار. ومنذ ذلك الوقت، يعيش الروهينغا في مخيمات مكتظة تفتقر إلى الظروف الصحية اللائقة، ويرفضون العودة إلى ميانمار، قبل منحهم حقوق المواطنة وضمانات أمنية. لذلك، ازداد تعاطي سكان بنغلادش قساوة مع اللاجئين، بعد سنوات من الجهود غير المثمرة للتفاوض بشأن عودة آمنة للروهينغا.
ويقول كمال: "هناك كراهية شديدة في صفوف السكان المحليين والصحافة، الأمر الذي يثير قلقي من احتمال نشوب أعمال عنف في أي وقت". ويضيف: "من الأفضل لنا أن نعود إلى ديارنا حتى لو يعني ذلك أن نواجه الرصاص. إذا متنا، سنُدفن على الأقلّ في وطننا الأم".
وعانت بنغلادش من أجل مساعدة العدد الهائل من اللاجئين، بسبب تحديات إدارية ضخمة في استضافة مخيمات لاجئي الروهينغا، حتى مع المساعدات المالية التي تقدّمها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمات إنسانية أخرى. الشهر الماضي، أعلنت رئيسة الوزراء البنغلادشية الشيخة حسينة أن مخيمات الروهينغا أصبحت عبئاً ثقيلاً على اقتصاد بلادها وتهديداً لاستقرارها السياسي. وقالت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك: "إذا استمرت المشكلة فقد تؤثر على أمن واستقرار المنطقة بكاملها".
ويشعر الكثير من البنغلادشيين الذين يعيشون قرب مخيمات الروهينغا بالاستياء، إذ يعتبرون أن اللاجئين تجاوزوا مهلة بقائهم. ويقول الناطق باسم مجموعة محلية رافضة وجود الروهينغا أياسر الرحمن: "إنهم يجلبون العار لبنغلادش. يجب أن يُرسلوا إلى ميانمار فوراً"، متهماً اللاجئين بـ"نهب وظائفنا وسرقة جوازاتنا". وأصبح انتقاد الوضع الأمني في المخيمات والعبء الذي تلقي به على الموارد العامة متداولاً على نطاق واسع في تقارير وسائل الإعلام المحلية.
وفي أغسطس/ آب الماضي، حذرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان السابقة ميشيل باشليه، خلال جولة لها في بنغلادش في نهاية ولايتها، من أن "شروط العودة غير متوافرة" في ميانمار التي تحكمها مجموعة عسكرية، على الرغم من طلبات بنغلادش المتكررة. وأشارت إلى "ارتفاع حدة الخطاب المناهض للروهينغا، وتنميط صورتهم وجعلهم كبش فداء، واعتبارهم مصدر الجرائم والمشكلات الأخرى".
ويقرّ اللاجئون بوجود أنشطة عنف وإجرام داخل مخيمات كوتوبالونغ، وأن الروهينغا أنفسهم يقعون ضحايا ذلك في المقام الأول. وغالباً ما يجري توظيف روهينغا لنقل مخدرات لصالح الزعماء المحليين المؤثرين الذين يتحكمون بشبكات التوزيع.
وتسبق تجارة المخدرات توافد الروهينغا إلى بنغلادش في عام 2017، لكن يقول اللاجئون إنهم متهمون إلى حد كبير بانتشار المخدرات في بنغلادش. ويقول اللاجئ عبد المنّان: "من بين مليون شخص، هناك حفنة من التفاح الفاسد، لكن هذا لا يبرر وصف مجتمع اللاجئين بأكمله بالمجرمين". ويضيف: "الطريقة التي يجري توصيفنا وتصويرنا بها مؤلمة جداً".
(فرانس برس)