تطالب حملة في الكويت، وصلت إلى البرلمان، بإعادة التلاميذ إلى المدارس، بدلاً من استمرار التعليم عن بُعد
تضرر قطاع التعليم في الكويت أكثر من غيره، من جراء الأزمة الناتجة عن انتشار فيروس كورونا الجديد، مع الرفض الحكومي لعودة التعليم الوجاهي، مع استثناءات بسيطة شملت الأشخاص ذوي الإعاقة، فيما يستمر تلقّي الآلاف دروسهم سواء في المدارس (كما في الجامعات) عن بُعد، وهي التقنية التي أثبتت فشلها، وفق خبراء في التربية والتعليم.
وعلى الرغم من الانتقادات الموجهة إلى وزارة التربية الكويتية، فإنّ مسؤولين فيها يقولون لـ"العربي الجديد" إنّهم رفعوا توصية إلى اللجنة التعليمية في مجلس الوزراء، طلبوا فيها العودة إلى مقاعد الدراسة في إبريل/نيسان المقبل، لكنّ اللجنة التعليمية استشارت السلطات الصحية، فأكدت الأخيرة أنّ العودة إلى المدارس قبل الصيف غير ممكنة، نظراً لعدم وصول نسبة من تلقّوا اللقاحات إلى 65 في المائة من سكان الكويت، بعد.
في هذا الإطار، يقول المسؤول في وزارة التربية، عبد العزيز الكندري، لـ"العربي الجديد": "نحن من أشدّ المطالبين بعودة التعليم وفق الاشتراطات الصحية، لكنّنا لا نستطيع تجاوز السلطات الصحية التي يحق لها وحدها تقدير الأمور". يؤكد الكندري أنّ وزارة الصحة حددت موعد العودة إلى مقاعد التعليم في سبتمبر/أيلول المقبل، أي مع بداية العام الدراسي الجديد، ما يعني أنّ العام الدراسي 2020/ 2021 سيستكمل عن طريق التعليم عن بُعد، حتى نهايته.
وأطلق أساتذة وأكاديميون وأولياء أمور غاضبون، بالإضافة إلى منظمات مجتمع مدني ووسائل إعلام محلية، حملة "التعليم أولاً"، وذلك في محاولة للضغط على مجلس الوزراء لإعادة التعليم إلى المدارس وفقاً للاشتراطات الصحية. تقول بثينة الحسيني، وهي ولية أمر ثلاثة تلاميذ، ومن المتطوعات في الحملة، لـ"العربي الجديد": "هذه الحملة مستحقة ومدعومة من جميع أطياف المجتمع الكويتي تقريباً، وحتى من الوافدين المتواجدين على أرض الكويت، إذ لا يعقل أن يحرم آلاف التلاميذ من التعليم النظامي، بل يتعلمون بطريقة غير منهجية أثبتت فشلها وعدم جدواها".
واستهدفت الحملة جمع 50 ألف توقيع على بيان رُفع إلى مجلس الوزراء، جاء فيه: "نحن مجموعة من التربويين وأولياء الأمور والطلبة، نؤكد على حق التعليم للجميع كما كفله لنا دستور دولة الكويت. وعليه، نطالب الحكومة باعتماد الشفافية المطلقة في ما يختص بخطة التعليم للفترة الزمنية المتبقية من العام الدراسي الحالي والمقبل، وخطة العودة التدريجية إلى المدارس".
فوجئ القائمون على الحملة بجمع أكثر من 100 ألف توقيع، ما يعكس الرغبة العارمة لدى أولياء الأمور والخبراء التربويين في الكويت في العودة إلى المدارس بأسرع وقت ممكن. في هذا الإطار، تقول الدكتورة دنا المشعان، وهي خبيرة تربوية بارزة، إنّ النظام التعليمي الحالي القائم على التعليم عن بُعد، ينذر بجيل غير متعلم، فيما الحلّ المثالي هو العودة إلى المدارس وفقاً للاشتراطات الصحية ووفقاً لنظام "التعليم المدمج". تؤكد المشعان أنّ كلّ الدراسات أشارت إلى أنّ المدارس إذا طبقت الاشتراطات الصحية فلن تكون مصدراً للوباء، على العكس من التجمعات العائلية التي لا تلتزم بالاشتراطات الصحية.
ونشرت الحملة بيانات إحصائية أشارت إلى أنّ الدول المجاورة للكويت، تحديداً الخليجية، أعادت تلاميذها إلى المدارس بنسب متفاوتة. وهكذا، تبقى الكويت الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تُعد أيّ تلميذ، بل، على العكس، تخطط لجعل الاختبارات الخاصة بالثانوية العامة عن بُعد، وهو ما سيشكل سابقة تعليمية، وفق أحمد المطيري، أحد أعضاء الحملة، ومعلم اللغة العربية المتقاعد.
بدورها، تقول غادة خلف، وهي من المسؤولات البارزات في الحملة، إنّ الدعاية المباشرة التي نفذتها الحملة في المجمعات التجارية، أثبتت فاعليتها، فكثير من أولياء الأمور قالوا إنّهم خائفون على أبنائهم من الفيروس، لكنّهم خائفون على أبنائهم من الجهل أيضاً.
واستجاب نواب مجلس الأمة (البرلمان) لحملة "التعليم أولاً"؛ إذ وجّه النائبان عبد العزيز الصقعبي وعبد الكريم الكندري أسئلة إلى وزير التربية، حول عدم تبني الوزارة نظام "التعليم المدمج". فيما وصف رئيس مجلس الأمة، مرزوق الغانم، وقف العملية التعليمية بأنّها "كارثة كبيرة تتحمل مسؤوليتها الحكومة". ويعبّر النائب حسن جوهر، في حديثه إلى "العربي الجديد" عن اعتقاده أنّ وزارة التربية لا تملك خطة واضحة للعودة، وأنّ كثيراً من الفعاليات التربوية والحملات التي تنفذها منظمات المجتمع المدني، واعية أكثر من وزارة التربية ووزارة الصحة بخطورة الوضع التعليمي. ويؤكد جوهر أنّ هذه الحملات مدعومة من نواب مجلس الأمة.