لا تزال "جامعة الكويت" هي الجامعة الحكومية الوحيدة في البلاد منذ إنشائها في عام 1966، ووجهت انتقادات كبيرة إليها خلال السنوات الأخيرة، بسبب تراجع المستوى الأكاديمي، فضلاً عن قبولها أعداداً تفوق قدرتها الاستيعابية، وقدراتها المالية.
وتسببت الأزمات المتزامنة في تأخر البدء بإنشاء "جامعة عبد الله السالم"، بداية من تفشي فيروس كورونا الجديد في الكويت مطلع عام 2020، ثم الأزمات السياسية المتلاحقة، وأبرزها وفاة أمير البلاد السابق الشيخ صباح الأحمد الصباح في سبتمبر/ أيلول 2020، ثم انتخاب مجلس الأمة في شهر ديسمبر/ كانون الأول من ذات العام، إضافة إلى أعباء التعليم عن بُعد خلال الجائحة.
وقرّر وزير التعليم العالي، محمد الفارس، في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، تشكيل مجلس الإدارة التأسيسي للجامعة الحكومية الجديدة، وإصدار توجيهات بوضع الأسس العامة التي سيتم إنشاء الجامعة وفقها، كما قرر تعيين وزيرة التربية السابقة، موضي الحمود، رئيساً لمجلس الإدارة التأسيسي للجامعة.
وتتواتر التحذيرات من قبل التربويين الكويتيين حول ضرورة عدم نقل المشكلات القائمة في "جامعة الكويت" إلى الجامعة الجديدة، والاستفادة من تجربة الجامعة القديمة التي أدى تداخل القرار السياسي والاجتماعي فيها إلى تراجع واضح بالعملية التعليمية. وقال رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس في جامعة الكويت، إبراهيم الحمود، لـ"العربي الجديد"، إن "على الجامعة الجديدة أن تستفيد من الأخطاء القائمة، ومن بينها أن تتوسع في إنشاء الكليات الفنية والتقنية، مثل كلية الطب، وكليات الطب المساعد، إضافة إلى كليات التقنيات والعلوم البرمجية".
وتعد ميزانية التعليم الأضخم في الكويت، إذ تخصص الدولة له سنوياً ملياري دينار (نحو 6.6 مليارات دولار أميركي)، لكن هذا المبلغ، ورغم صغر مساحة البلد وقلة عدد سكانه، لا ينعكس على الجودة، أو على مستوى المتعلمين، وخصوصاً في التعليم العالي.
وقالت الأستاذ في كلية التربية بجامعة الكويت، النائب السابق في مجلس الأمة، سلوى الجسار، لـ"العربي الجديد": "يجب أن نعترف بداية بتراجع التعليم الأكاديمي في الكويت، وهذا أمر تثبته كل الإحصائيات والدراسات، وخصوصاً في جامعة الكويت باعتبارها الجامعة الحكومية الوحيدة، وبالتالي علينا تقييم الوضع الحالي داخل تلك الجامعة لنحاول قدر الإمكان تجنب تكرار ذات المشكلات في الجامعة الجديدة".
وحول التخصصات التي ترى أن على مجلس إدارة الجامعة التأسيسي أن ينتبه إليها، قالت الجسار: "فلسفة إنشاء الجامعة الجديدة يجب أن تكون مرتبطة بسوق العمل، وعليه يتم استحداث تخصصات مرتبطة بهذا السوق، وأبرزها التخصصات التقنية والطبية، إضافة إلى تحرر الجامعة من القيود المفروضة، إذ تحولت جامعة الكويت إلى مؤسسة تهتم بالتعليم الكمي وليس النوعي، فصار الهدف منها تخريج أكبر عدد ممكن من الطلاب لإدماجهم في سوق العمل رغم عدم امتلاك الكثير منهم للمهارات المناسبة للعمل".
ودعت الجسار إلى تخصيص ميزانية أكبر للبحث العلمي في الجامعة الجديدة، وتحويلها إلى جامعة بحثية بدلاً من كونها "مجرد مؤسسة أكاديمية إضافية لتخفيف الضغط على جامعة الكويت"، مشيرة إلى أن جامعة عبد الله السالم ينبغي ألا تقع في الأخطاء التي تراكمت على مدار أكثر من 50 عاماً منذ تأسيس جامعة الكويت.
ويتخوف الأكاديمي عبد اللطيف بن نخي من الظروف التي رافقت صدور قرار إنشاء جامعة عبد الله السالم في عام 2019، ويقول إن سبب إنشائها كان "محاولة قطع الطريق على محاولات الجامعات الخاصة للاستثمار في مباني جامعة الكويت القديمة"، مؤكداً أن "الهاجس التعليمي والبحثي لم يكن قائماً حين إقرار إنشاء هذه الجامعة"، وهو ما قد يؤدي إلى عدم الاهتمام بها، وتضييع فرصة كبيرة لتطوير العلمية التعليمية في الكويت.
ووجهت انتقادات كبيرة لجامعة الكويت خلال العام الأخير بسبب قبولها أكثر من 11 ألف طالب في السنة الدراسية الجديدة، بما يفوق طاقتها الاستيعابية، ويرجع ذلك إلى ارتفاع نسب النجاح في الثانوية العامة، والتي وصلت إلى 91 في المائة، وهي نسبة يعتبرها الخبراء "تاريخية"، ويرجعها كثير منهم إلى أسلوب "التعليم عن بعد".
ويقول أكاديميون ومختصون في شؤون التعليم إن الجامعة كانت ملزمة بقبول جميع المتقدمين إليها من المستوفين لشروطها، على الرغم من عدم وجود إمكانات بشرية أو مادية لقبول هذا العدد الكبير، وإن هذا سيكون له تأثير مباشر على جودة التعليم المقدم لهؤلاء الطلاب، فضلاً عن الأعباء المترتبة على هيئة التدريس.