الكوابيس تلاحق سكان كهرمان مرعش التركية بعد شهر على الزلزال

05 مارس 2023
تستمر أعمال إزالة الأنقاض في كهرمان مرعش (فايسل ألتون/ الأناضول)
+ الخط -

بعد حوالي شهر من الزلزال المزدوج الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سورية، ما زالت مدينة كهرمان مرعش الواقعة على مسافة ساعتين من مركزه، تحاول إزالة الأنقاض التي خلّفتها هذه الكارثة.

يُراقب آدم سيرين من أحد الجسور الحفارات السبع التي تزيل أنقاض منزله والشاحنات التي تتناوب على نقلها. ويقول الرجل الثلاثيني الذي تمكّن من الهرب مع زوجته الحامل في شهرها الخامس من شقّتهما الواقعة في الطابق الحادي عشر من أحد الأبراج: "بالنسبة إليّ، يبدو الأمر كما لو أنه حدث أمس. ما زلت أسمع نداءات الاستغاثة في كل طابق. هذا الألم لن يزول".

يومياً، ينقل 250 طناً من الركام إلى مكب نفايات خارج الضواحي، تشمل أغراضاً منزلية مدمّرة وألواحاً وفتاتاً من الإسمنت. ويقول إرين غينش (26 عاماً)، وهو حارس غابات يساعد في عمليات التنظيف وإزالة الركام: "لم نجد جثثاً لكننا شممنا أمس رائحة قوية".

وأفادت السلطات بأن 46 ألف شخص لقوا حتفهم في الكارثة في تركيا، بالإضافة إلى ستة آلاف في الجانب السوري من الحدود بين البلدين. ويجذب موقع البناء المدمّر هذا متفرّجين وسكاناً سابقين يبحثون عن أغراض وتذكارات.

وأثّرت هذه الكارثة التي تركت مئات الآلاف من العائلات بلا مأوى على الحياة اليومية لـ14 مليون شخص.

ما زال مبنى والي أكغوز (54 عاماً) قائماً، لكنه تصدّع بشكل كبير. ورغم الخطر، مع تسجيل أكثر من 11 ألف هزة ارتدادية، صعد الدرج مع ابنه إلى شقته في الطابق السابع لاستعادة الأجهزة الكهربائية المنزلية وبعض الأواني وباب. واعترف هذا التاجر الذي تعيش أسرته المؤلفة من 13 شخصاً في منزل ريفي: "قمنا بمخاطرة كبيرة".

بعدما اضطر لبدء حياته من جديد في مسكن موقت، يمكن لفرشة أو بضع أغطية تم استردادها من منزله أن تحدث فرقاً.

وبحسب الحكومة، لجأ مليونا ناجٍ في خيم أو حاويات نصبت في ملاعب أو متنزّهات، لكنّها غير كافية للجميع.

وقررت سولماز توغاجار وأقاربها العودة إلى منزلهم المدمر وأوضحت: "نحن خائفون، لكن ليس لدينا خيار آخر". ما زالت هذه الخمسينية تبحث مع جيرانها عن خيمة في ساحة مسجد كهرمان مرعش التي تحوّلت إلى مركز لتوزيع المساعدات والوجبات الساخنة.

صدمة نفسية

وتتهم توغاجار مسؤول الحي الذي تقطنه بـ"الاحتفاظ بالمساعدات لأصدقائه". وعلى مرتفعات المدينة، نصبت 11 خيمة في حدائق المختار.

فرش إبراهيم بايلا على أرض خيمته بعض السجاد الذي استحصل عليه من المسجد المجاور. لكن لا يوجد في الخيمة أي شيء آخر لإيواء زوجته وابنيهما البالغَين 5 سنوات وشهرين. ويقول: "لا بأس في الوقت الحاضر فالطقس جيد، لكن ما العمل عندما تمطر؟". غير أنه لا يشكو، فهو ما زال على قيد الحياة وتمكن من إخراج جميع أقاربه من تحت الأنقاض، بمن فيهم والداه المسنّان.

كهرمان مرعش (أوزجيه إيليف كيزيل/ الأناضول)
حوالي 46 ألف شخص لقوا حتفهم في الكارثة في تركيا (أوزجيه إيليف كيزيل/ الأناضول)

وتمثّل المراحيض الموجودة فوق مبنى البلدية دورة المياه الوحيدة في الحي. لكن منذ الهزة الأخيرة السبت، يرفض ويليهان الصغير الذهاب إليها. ويوضح أنه "مصاب بصدمة نفسية"، مبدياً أمله في أن يتمكن من مقابلة طبيب نفسي. ويضيف: "سنحتاج إلى ذلك جميعنا". فما زال هذا الكهربائي يسمع نداءات الاستغاثة من الجيران فيما كان هارباً على الدرج، حاملاً والدته على ظهره.

وبعدما هرب المختار عقب الزلزال، تسلّم علي غوجكيران، وهو مصفف شعر نسائي، المسؤولية. خزّن صناديق حفاضات للأطفال ومواد غذائية في مكان آمن، كما يحتفظ بسجلات التوزيع بشكل دقيق. وقال: "كل منها صالح لمدة 15 يوماً. لكن هذه الحصص تحتوي بشكل أساسي على منتجات جافة من معكرونة وأرز وعدس. كيف نطبخها من دون موقد؟".

(فرانس برس)

المساهمون