باتت الكلاب الضالة وكذلك كلاب الحراسة، المنتشرة في نطاق مخيّمات النازحين شمال غربي سورية، مصدر خوف وقلق للسكان، بالدرجة الأولى على أطفالهم الذين لم يعد في إمكانهم التنقل بحرية. وقبل يومَين، أصيب طفل بعضة كلب حراسة في مخيّم الحسون القريب من بلدة صلوة في ريف إدلب الشمالي، وقد سبقت ذلك إصابة طفل آخر بأمر مشابه في مخيّم الفاتح القريب من مدينة سرمدا.
والمشكلة في مخيّم الحسون، بحسب ما يقول أبو خالد أحد أقرباء الطفل الذي وقع ضحية كلب لـ"العربي الجديد"، هي أنّ "الكلاب في نطاق المخيّم هي كلاب حراسة"، لافتاً إلى أنّ "أهل الطفل صاروا يحرسون خيمتهم خشية من كلاب جيرانهم ومن احتمال هجومها على أطفالهم، وهم غير قادرين على استخدام السلاح تخوّفاً من مشكلات مع أصحاب تلك الكلاب، إذ إنّ الأمر قد يتطوّر إلى اشتباك بالأسلحة". يضيف أبو خالد أنّ "الحملات التي تستهدف الكلاب الضالة لا تشمل تلك التي تُربّى في مخيّم الحسون، علماً أنّها تتنقّل من دون قيود في المخيّم. والأمر نفسه يتكرّر في مخيّم الفاتح".
ولعلّ الصعوبة الكبرى في هذا الإطار تكمن في توفير العلاج والمصل المضاد لداء الكلب في الوقت الحالي. ويقول مدير المكتب الإعلامي في مديرية صحة إدلب عماد زهران، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذا النوع من الأدوية يحتاج إلى إمكانيات كبيرة من أجل توفيره، بالإضافة إلى الأمصال المضادة لسموم الأفاعي والعقارب". ويلفت زهران إلى "سعي دائم من قبل مديرية صحة إدلب لتوفيرها من خلال التنسيق مع جهات دولية، لكنّ الأمر صعب جداً"، مؤكداً أنّ "المديرية عملت في العام الماضي على توفير كميّة من الأدوية لكنّها نفدت بسرعة".
من جهته، يقول محمد الأحمد النازح في مخيّم الحسون، لـ"العربي الجديد"، إنّ "وجود الكلاب الضالة في المخيّمات يشكّل خطراً على السكان. ولعلّ الخطر الأكبر هو على النساء والأطفال"، مشيراً إلى أنّ "الأطفال يخافون من التنقّل بهدف شراء بعض الحاجيات. وقد صرنا نخاف من إرسال الصغار وحدهم".
في سياق متصل، يتحدّث الطبيب البيطري فايز الأحمد لـ"العربي الجديد" عن "ضرورة اتّخاذ تدابير في هذا المجال، من بينها تزويد الكلاب بلقاحات تمنع انتشار الأمراض، من قبيل داء الكلب، كخطوة للحدّ من الوفيات والإصابات بين البشر". ويوضح أنّ "فيروس داء الكلب يهاجم الجهاز العصبي المركزي للإنسان ويسبّب التهاباً في الدماغ. وقد تنقله الحيوانات الأليفة مثل الكلاب والقطط والأرانب إلى البشر عن طريق العضات أو الجروح. وفي حال الإصابة بالفيروس، يكون العلاج المصل المضاد له، علماً أنّه لا يتوفّر بشكل كبير في المناطق غير الخاضعة لسيطرة النظام السوري. وبالتالي ننصح بالابتعاد عن الحيوانات الشاردة كالقطط والكلاب وغيرها".
وفي المخيمات العشوائية التي تكون فيها دورات المياه مشتركة، يأتي خطر الكلاب الضالة وكلاب الحراسة كبيراً على سكانها النازحين، إذ إنّهم قد يتعرّضون لهجومات خلال توجّههم إلى دورات المياه تلك، وهو ما يدفع كثيرين إلى التسلّح بالعصي لإبعاد الكلاب في حال هاجمتهم. وتجدر الإشارة إلى أنّه في بعض المدن الواقعة في المنطقة الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة في محافظة إدلب، عمدت جهات إلى قتل الكلاب الضالة بهدف التخفيف من خطرها على السكان، على سبيل المثال في مدينة سلقين.