القضاء التونسي يحقق في تزويج طفلين لأغراض تجارية

21 يونيو 2023
رفض كل أشكال استغلال الأطفال لأغراض تجارية (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

باشر القضاء التونسي بحثاً تحقيقياً بشأن مقطع فيديو جرى تداوله على شبكات التواصل الاجتماعي، يُظهر تزويج طفلين لم يتجاوزا 6 سنوات، وسط استياء من مواصلة استعمال الأطفال لأغراض تجارية.

وظهر في الفيديو الطفلان وهما يجسدان كامل مراحل الاستقبال وحفل الزفاف ويتبادلان القبل في إطار "ومضة إشهارية" لمحلات كراء ملابس الأطفال بمحافظة صفاقس جنوب شرقيّ تونس، الأمر الذي استدعى تبليغ مصالح حماية الطفولة وإحالة الملف على القضاء بسبب الاستغلال الاقتصادي للأطفال.

وقالت المندوبة الجهوية لحماية الطفولة بصفاقس، جيهان الهرابي، إن "مقطع الفيديو وصل إلى مصالح المندوبية من طريق مبلّغ، ما استوجب الإشعار الفوري للقضاء الذي تعهد ببحث تحقيقي في استغلال اقتصادي للأطفال وعرض معطياتهم الشخصية على شبكات التواصل الاجتماعي، في تعارض صارخ مع الحفاظ على المصلحة الفضلى للأطفال".

الفيديو كشف عن استغلال اقتصادي للطفلين اللذين تم استعمالهما في تصوير ومضة إشهارية لغاية تجارية بحتة وهو ما يستوجب الإحالة على القضاء

وأكدت الهرابي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الأطفال أصبحوا مهددين بمختلف أشكال الانتهاكات التي تعرضهم للمخاطر على شبكات التواصل الاجتماعي، في غياب وعي جماعي بالقوانين الحامية لهم من تداعيات نشر معطياتهم الشخصية وصورهم حتى من قبل أولياء الأمور.

وأضافت أن "الفيديو كشف عن استغلال اقتصادي للطفلين اللذين تم استعمالهما في تصوير ومضة إشهارية لغاية تجارية بحتة، وهو ما يستوجب الإحالة على القضاء".

وتحدثت مندوبة حماية الطفولة عن فوضى توظيف الأطفال في الإشهارات على شبكات التواصل الاجتماعي، في ظل نقص الدراية بالقوانين التي تفرض التراخيص المسبقة والرقابة على محتوى الإشهار.

وأشارت في سياق متصل، إلى الدور المهم الذي يلعبه المبلغون عن حالات الاستغلال الاقتصادي للأطفال أو مختلف الانتهاكات لخصوصياتهم كفئة هشة تستوجب الحماية من مختلف مكونات المجتمع.

وفي بلاغ لها قالت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، أمس الثلاثاء، إن "مقطع الفيديو الذي جرى تداوله عبر شبكات التواصل الاجتماعي، يتضمن ومضة ترويجية تتضمّن مشاهد لطفل وطفلة في حدود السادسة من العمر يرتديان بدلة عريس وفستان عروس ويقيمان موكب زفاف بتفاصيل وشكل لا يتناسبان مع سنّهما".

وأكدت أن "مكتب مندوب حماية الطفولة تولى التعهّد الفوريّ بالإشعار وإحالته على السيّد وكيل الجمهوريّة بالمحكمة الابتدائيّة بصفاقس 2 من أجل فتح بحث جزائي في الغرض ضدّ كلّ من سيكشف عنه البحث".

واعتبرت الوزارة أن "ما نُشر يُعَدّ جريمة استغلال اقتصاديّ للطفل وانتهاكاً لحرمة معطياته الشخصيّة وتعدّياً صارخاً على حقوق الطفل ومصلحته الفضلى".

وعام 2022 تلقت وزارة شؤون المرأة والأسرة والطفولة أكثر من 20 ألف إشعار عن الطفولة المهددة.

وكشف آخر تقرير إحصائي لمندوبي حماية الطفولة، بلوغ 20845 إشعاراً لمصالحها مقابل 15202 و17069 إشعاراً عامي 2020 و2021. ومثّل البيت العائلي أكثر الأماكن التي تعرض فيها الطفل للتهديد بنسبة بلغت على التوالي 60.5 المائة سنة 2020، 59.3 بالمائة سنة 2021 ثم الشارع بنسبة 19.1 بالمائة و20.2 بالمائة تليها المؤسسات التربوية بنسبة 9 و11 بالمائة.

وتباينت أصناف التهديد حسب الإشعارات الواردة، غير أن التقصير البيّن في التربية والرعاية مثّل أهم أصناف التهديد، بالإضافة إلى العجز عن الإحاطة والتربية.

وفي مجال شبهة الاتجار بالأطفال، سجّل الاستغلال الاقتصادي أكبر نسبة ليبلغ 58,5 بالمائة، يليه الاستغلال الجنسي بنسبة 29,5 بالمائة، ثم استغلال الطفل في الإجرام المنظم بنسبة 6,8 بالمائة.

وكان مكتب منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" قد اعتبر أن تونس تشهد انتشاراً ملحوظاً للعنف المسلط على الطفولة في السنوات الأخيرة، تثبته اليوم الإحصائيات الواردة على مندوبي حماية الطفولة. وأكدت المنظمة أهمية الإحصائيات في رسم سياسات وبرامج مستقبلية تكافح مظاهر العنف والاتجار بالأطفال وتعزيز آليات الوقاية.

يذكر أن وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، أطلقت منذ سنة منصة رقمية للتعريف بنظام وآليات حماية الطفل في تونس، وتستهدف الأطفال والأسر والمهنيين والباحثين في مجال الطفولة.

المساهمون