لا خلاف على أن عمليات القتل الجماعي في الولايات المتحدة، وآخرها الهجوم الـ19 على مؤسسة تعليم أميركية هذا العام، والذي استهدف مدرسة في ناشفيل عاصمة ولاية تينيسي في 27 مارس/ آذار الماضي، وحصد 6 قتلى، وصلت إلى "معدلات وبائية". ويعزو أعضاء في الكونغرس هذا الارتفاع إلى مرض عقلي لا يحددونه، ما يعتبره علماء نفسيون "فكرة سخيفة، إذ لا وجود لتشخيص شامل للمرض العقلي أو الاضطراب العاطفي، بطريقة واحدة، كما لا دليل على أن وجود مرض عقلي إضافة إلى مسدس أو بندقية يؤدي إلى إطلاق نار جماعي".
يكتب موقع "سايكولوجي توداي" أنه "إذا كان بعض منفذي عمليات القتل الجماعي أظهروا علامات سابقة لأمراض عقلية معينة أكثر من أولئك غير المرضى عقلياً، وبينها أنماط من الفصام والاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب، فهناك أيضاً عوامل مساهمة محتملة أخرى، مثل تعاطي المخدرات والفقر وأنظمة الأسرة المختلة والعنف المنزلي والاعتداء الجنسي السابق، والباحثون لا يفهمون كيف تؤثر الأمراض المختلفة على النوايا الإجرامية فهذا سؤال معقّد".
ويصرّ الباحثون على ضرورة انتظار السياسيين والمؤسسات الإعلامية تشخيص حالات مطلقي النار جماعياً قبل توسيع الأفكار المسبقة الخاطئة عن مخاطر الاضطرابات العقلية، ويشيرون إلى أن "تغيّرات أخرى في التصرفات قد تكون أكثر تأثيراً من وجود مرض عقلي، مثل الغضب الذي قد يتمحور حول معادلة اقتل أو تقتل".
ولا يتردد هؤلاء الباحثون في القول إن "التحليلات تتطلع إلى منطق عقلي لشرح ما لا يمكن تفسيره، باعتبار أن ما يميّز المسالمين عن القتلة هو القدرة على تنظيم الدوافع، في حين أن الأكثر منطقية هو تجنب متاجر بيع الأسلحة للعامة مثل بندقية (إي آر 15) التي صممت أولاً بطلب من الجيش الأميركي لإطلاق 45 رصاصة في الدقيقة، تم جرى تعديلها لإطلاق 400 رصاصة في الدقيقة. أما المشرعون فهم من يقررون تشديد معايير شراء السلاح على صعيد حجبه عن أشخاص تورطوا بعنف منزلي أو قضايا تحرش بالأطفال، ومخالفات أخرى.
ويلمّح الباحثون أيضاً إلى مخاطر الإبلاغ غير المسؤول عن حقائق تتعلق بما قد يشكل أمراضاً عقلية، في وقت تؤكد فيه دراسات كثيرة أن العديد من المصابين بأمراض عقلية يتحسنون، ويعيشون حياة مرضية، ويساهمون بفعّالية في المجتمع. من هنا من العار نبذ أولئك الذين يعانون من أمراض عقلية عبر ربطهم بمعلومات مضللة لا تؤدي إلا إلى جعل طلب الرعاية أكثر صعوبة، وتخلق وصمة عار".