الفلسطيني "القسامي" وسام خشان.. فضّل الشهادة على الزواج

25 يناير 2024
الشهيد الفلسطيني القسامي وسام خشان (فيسبوك)
+ الخط -

في الوقت الذي كانت تستعد فيه شكرية غوادرة من قرية بير الباشا جنوب مدينة جنين شماليّ الضفة الغربية المحتلة اليوم الخميس، للتوجه مع عائلتها إلى بلدة يعبد المجاورة الواقعة جنوب غرب جنين لطلب يد فتاة لابنها وسام خشان (25 عاماً)، كان العريس المرتقب يخوض اشتباكاً مسلحاً عنيفاً مع قوات الاحتلال الإسرائيلي على مدخل قريتهم قبل أن يرتقي شهيداً وتزفه أمه في جنازة مهيبة.

وفي حديث مع "العربي الجديد"، قالت الأم: "هو استعجل على عرسه في الجنة، ونياله بالحور العين. كنّا نحضر لأن نفرح بزفافه في الصيف القادم، لكننا اليوم زففناه شهيداً إلى العلا شهيداً".

تصف غوادرة ابنها وسام بأنه من عشاق المقاومة، وتقول: "عندما كنت أسأله كيف سيوفق بين الارتباط بفتاة ومقارعة الاحتلال، كان يردّ عليّ بأنه لا يوجد شيء عندي مقدماً على المقاومة، ولن يمنعني عنها أحد، حتى لو تزوجت وأنجبت".

واستشهد خشان وهو أحد عناصر كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس في جنين، خلال اشتباك، صباح اليوم الخميس، مع قوات الاحتلال التي حاصرت منزله، حيث سُمعت أصوات إطلاق نار واشتباكات مسلحة، ورفض الشهيد تسليم نفسه.

وتؤكد الأم التي كانت تتابع ما يجري من نافذة مطلة أن الاحتلال أصرّ على قتل وسام، مع أن جنوده كانوا قادرين على اعتقاله حيّاً بعد أن نفدت ذخيرته.

الصورة
تشييع الشهيد وسام خشان (25 عاماً) في جنين (نضال اشتية/الأناضول)
من تشييع خشان اليوم (نضال اشتية/الأناضول)

وخلال العملية العسكرية اعتقلت قوات الاحتلال شقيقه الأسير المحرر الفتى أحمد خشان (16 عاماً)، الذي أفرج عنه في صفقة التبادل التي جرت خلال الهدنة المؤقتة نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، والتي استمرت 7 أيام، بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، علماً أنه اعتقل في 10 سبتمبر/ أيلول 2022، وصدر بحقه حكم بالسجن لمدة ثلاث سنوات.

6 سنوات ونصف في سجون الاحتلال

أما الشهيد وسام، فقد أمضى أكثر من ست سنوات ونصف متفرقة في سجون الاحتلال، حيث اعتقل أول مرة عام 2015، وفي عام 2018 تعرّض خلال اعتقاله للضرب والاعتداء على يد عناصر وحدة "الناحشون" التي اقتحمت الغرفة التي كان يعيش فيها، وتقدم بشكوى ضدها لإدارة مصلحة سجون الاحتلال، لكنها زادت من التنكيل به وفرضت عقوبات عليه للتنازل عن الشكوى. وأعاد الاحتلال اعتقاله في يناير/ كانون الثاني 2022، وأمضى عاماً في الاعتقال الإداري.

وتؤكد غوادرة أن دماء ابنها ليست أغلى من الدماء النازفة في غزة، وتقول: "أنا وأولادي الأربعة فداء للأقصى، إن وسام منذ صغره يحب الجهاد والمقاومة، ولم يكن يهاب جيش الاحتلال، حيث كان يخرج من البيت لرشقهم بالحجارة إذا ما اقتحموا القرية، وقد دافع عن جنين ومخيمها".

خلال الاشتباك المسلح الذي خاضه وسام مع جنود الاحتلال، كانت الأم ترفع يديها للسماء لأن يحفظ ابنها، وعندما أيقنت أنه استشهد سألت الله أن لا يحتجزوا جثمانه.

خشان، ولحبه المقاومة باع سيارته الخاصة واشترى بثمنها بندقية، وكان يرفض كل المحاولات لثنيه عن هذه الطريق، فهو كان مطارداً لقوات الاحتلال منذ 6 أشهر على الأقل، وكان أحد المشتبكين من قرب مع قوات الاحتلال خلال اقتحامها فجر اليوم، مدينة جنين.

الصورة
تشييع الشهيد وسام خشان (25 عاماً) في جنين (نضال اشتية/الأناضول)
استشهد خشان بعد اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال (نضال اشتية/الأناضول)

وفي مقابلة مصورة مع أخيه الصغير محمود، يقول إنه التقى أخاه عقب عودته من الاشتباك، وكان معه سلاحه، وأبلغه بأنه سينام قليلاً في غرفة جانبية تابعة للبيت. ويتابع: "لم تكد تمر دقائق حتى سمعنا انفجاراً ضخماً، وتبين أن قوات الاحتلال تحاصرنا. على الفور طلب مني أخي الابتعاد، فقلت له ألا يشتبك معهم خشية من إقدامهم على قتله، لكنه ردّ عليّ قائلاً: (من يفرط بسلاحه سيفرّط لاحقاً بشرفه)، وبالفعل اشتبك معهم وسمعنا صوت صياح الجنود، ورأينا بعضهم قد سقط أرضاً".

واعتقلت قوات الاحتلال أشقاء وسام وحققت معهم ميدانياً قبل أن تفرج عن الصغير، وتبقي على أحمد معتقلاً.

وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد اقتحمت، فجر اليوم الخميس، مدينة جنين ومخيمها، حيث دارت اشتباكات في عدة محاور، فيما استُهدِفَت القوات المقتحمة بعبوات ناسفة.

وخاضت كتائب القسام - كتيبة جنين، مواجهة مسلحة مع الاحتلال، وقالت في بيان لها: "يخوض مجاهدونا وفصائل المقاومة اشتباكاً عنيفاً وتصدياً ملحمياً مع جيش الاحتلال الذي اقتحم الحيّ الشرقي والمنطقة الشرقية في جنين، واستُهدِفَت تعزيزات الاحتلال وقناصته بوابل كثيف من الرصاص المبارك وبعبوات شديدة الانفجار".

ولاحقاً، نعت "القسام" الشهيد خشان، وأصدرت حركة حماس بياناً قالت فيه: "نزف شهيدنا القسامي المجاهد وسام وليد محمد خشان (25 عاماً) من قرية بير الباشا جنوبي جنين؛ الذي ارتقى مقبلاً غير مدبرٍ بعد اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال صباح اليوم".

وتابعت: "إننا إذ نزف اليوم فارساً مقداماً في جنين، صمد في سجون العدو، وخرج ممتشقاً بندقيته ليواصل مسيرة الجهاد والمقاومة، ويرتقي ملتحقاً بركب الشهداء الميامين، المُضَحّين بأرواحهم ودمائهم دفاعاً عن أبناء شعبنا ومقدسات أمتنا في ربوع فلسطين المحتلة؛ لنؤكد أن هذه الدماء والتضحيات، لن تذهب هدراً، وأنها ستبقى نبراساً ينير طريقنا نحو القدس والمسجد الأقصى المبارك".

المساهمون