الفشل الكلوي في غزة.. أربعة أشقاء يستغيثون طلباً للعلاج

19 سبتمبر 2024
أطفال من مرض الكلى يتلقون العلاج بمستشفى الرنتيسي بغزة، 20 سبتمبر 2023 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **أزمة الأدوية في غزة وتأثيرها على المرضى:** يعاني رامي أبو معوض وأشقاؤه من الفشل الكلوي وسط نقص حاد في الأدوية بسبب الحصار الإسرائيلي، مما يفاقم حالتهم الصحية ويعرضهم لمضاعفات خطيرة.

- **تحديات توفير الأدوية وارتفاع أسعارها:** يواجه المرضى صعوبة في الحصول على الأدوية الضرورية، حيث تصرف بشكل مقنن في المستشفيات وترتفع أسعارها في الصيدليات الخاصة، مما يزيد من صعوبة تحمل تكاليف العلاج.

- **تأثير الحرب والحصار على المنظومة الصحية:** منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، استهدف الجيش الإسرائيلي المستشفيات، مما أدى إلى نقص حاد في الأدوية والمستهلكات الطبية، ويعرض حياة آلاف المرضى للخطر.

داخل خيمة النزوح بمدينة دير البلح وسط غزة، يتفقد الفلسطيني رامي أبو معوض المصاب بالفشل الكلوي أدويته العلاجية التي نفد بعضها بشكل كامل وسط أزمة في العلاج والدواء يعاني منها القطاع من جراء حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل منذ نحو عام مع فرض حصار مشدد. كما يعاني ثلاثة من أشقاء رامي من المرض ذاته الذي تتفاقم مضاعفاته الصحية مع نقص ونفاد الأدوية لا سيما الخاصة بعلاج الأمراض التخصصية.

ويواجه الأشقاء الأربعة صعوبة بالغة في توفير علاجاتهم الخاصة التي تصرف أحيانا بشكل مقنن وفي الأحيان الأخرى لا تكون موجودة لدى مستشفى "شهداء الأقصى" الحكومي بينما ترتفع أسعارها بشكل كبير في الصيدليات الخاصة، وهو ما يعجزون عن توفيره. ويشعرون بكثير من المخاوف من مضاعفات صحية خطيرة ومحتملة قد يتعرضون لها من جراء نفاد الأدوية، تؤدي بشكل مباشر إلى الوفاة، كما قال أبو معوض لـ"الأناضول".

وفي 24 أغسطس/ آب الماضي، حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من تداعيات أزمة الأدوية والمستهلكات الطبية على حياة المرضى، والتي وصفتها آنذاك بأنها "غير مسبوقة". وأضافت الوزارة في بيان، أن 60% من قائمة الأدوية الأساسية و83% من قائمة المستهلكات الطبية نفدت من مستودعاتها، ما سيؤدي إلى "توقف الخدمات العلاجية بشكل كامل".

والخدمات التي حذرت الوزارة من توقفها هي "الطوارئ والعمليات والعناية المركزة وخدمات الغسيل الكلوي والرعاية الصحية والصحة النفسية"، ما يهدد حياة الجرحى والمرضى. وطالبت المؤسسات الدولية والأممية بضرورة إدخال الاحتياجات اللازمة من أدوية ومهمات طبية. بينما حذرت، نهاية يونيو/ حزيران الماضي، من نفاد وشيك للأدوية والمهمات الطبية الخاصة بالأمراض التخصصية كالسرطان والفشل الكلوي.

شح الأدوية

وقال أبو معوض، إنه وأشقاءه الثلاثة يعانون بشكل كبير من جراء "نقص الأدوية والعلاجات الخاصة بمرض الفشل الكلوي". وتابع: "بعض الأدوية التي نحتاجها غير متوفرة في مستشفى شهداء الأقصى (حكومي)، وبعض الأدوية التي لدينا انتهت صلاحيتها ولا توجد بدائل لها". وأوضح أنهم يحصلون بشكل شهري على ربع الكمية التي يحتاجونها من الأدوية ما يؤثر على حالتهم الصحية بشكل سلبي.

وعن خطورة نقص الأدوية، أفاد أبو معوض: "مثلا هذا الدواء يحمي من هشاشة العظام، لو توقفنا عن تناوله ممكن لأي حركة أن تعرضنا لكسور، الأمر الذي يجعلنا طريحي الفراش ونصاب بتقرحات ما يؤدي بنا للوفاة". وأشار إلى أن توفير الأدوية والعلاجات على حسابهم الخاص أمر صعب في ظل ارتفاع سعر الأدوية خارج المستشفيات، فضلا عن عدم توفرها بفعل المنع الإسرائيلي لدخولها إلى القطاع. وأكد ضرورة توفير الأدوية الخاصة بأصحاب الأمراض المزمنة الخطيرة مثل الكلى والسرطان، من أجل إنقاذ حياتهم.

وخلال أشهر الحرب، أغلقت صيدليات خاصة عديدة أبوابها في ظل شح ونقص الأدوية بينما تعرض بعضها للأضرار والقصف، فيما نجح البعض في إعادة افتتاح صيدلياتهم داخل خيام في مخيمات النزوح.

تقنين صرف العلاج في غزة

وفي مستشفى العودة وسط قطاع غزة، يقف عشرات المرضى والجرحى في طوابير أمام نافذة صرف الأدوية في انتظار دورهم لتلقي العلاجات الخاصة بهم. بعضهم يخرج ومعه العلاج اللازم أو البديل، فيما يغادر البعض الآخر حاملا ثقل وتداعيات جملة "هذا الصنف الدوائي غير موجود".

وسط أزمة دوائية تضرب مستودعات الصحة في قطاع غزة، تسعى المستشفيات المتبقية العاملة إلى تقنين صرف العلاجات للمرضى والجرحى من أجل تغطية أكبر عدد ممكن. وبحسب آخر إحصائية للمكتب الإعلامي الحكومي، فإن الجيش الإسرائيلي أخرج منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر نحو 34 مستشفى عن الخدمة، و80 مركزا صحيا، كما استهدف 162 مؤسسة صحية و131 سيارة إسعاف.

أمل أبو شرخ، مديرة مستودعات الأدوية في جمعية العودة (غير حكومية) التي تتبع لها مستشفى العودة بالمحافظة الوسطى قالت لـ"الأناضول": "إن إغلاق معبر رفح (في مايو/أيار الماضي) وعدم دخول المساعدات، تسببا بنقص حاد في المستهلكات الطبية والأدوية بغزة". وأوضحت أن استمرار العدوان تسبب بنقص بنسبة 74% من الأصناف الرئيسية من الأدوية و85% من المستهلكات الطبية.

واستكملت قائلة: "المستهلكات الطبية نقصها يؤثر على غيارات الجروح اليومية والجراحات الترميمية، فهذه الإصابات لم تعد لديها مستهلكات". وذكرت أن الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة كغسيل الكلى والسكري والسرطانات "مقطوعة من غزة منذ فترة طويلة" من جراء الحرب.

وأوضحت أنه بسبب نقص الأدوية لجأ المستشفى إلى تقنين صرف العلاج أو صرفه من خلال توفير البدائل. وتابعت: "في الوقت الحالي، عوضا عن صرف العلاج لشهرين أو أكثر نكتفي لفترة معينة، كما أننا نحاول صرف بديل من كل نوع من أجل تخفيف حدة الصرف". وناشدت ضرورة دخول الأدوية والمساعدات الطبية إلى قطاع غزة، بما يساهم في إنقاذ المرضى والجرحى.

بدوره، سبق أن حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، من أنّ آلافاً من أصحاب الأمراض المزمنة والخطيرة، ومنهم مرضى الفشل الكلوي، في قطاع غزة يواجهون حكماً بالموت البطيء في خضم جريمة الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين في القطاع. ووثق الفريق الميداني له قرابة 60 حالة لمرضى الفشل الكلوي، ممن باتوا معرضين لخطر الوفاة في أي لحظة، بعد وفاة 20 حالة على الأقل، بسبب عدم تمكّنها من تلقي العلاج وفي الوقت المطلوب، وذلك بفعل الهجمات العسكرية الإسرائيلية التي استهدفت المنظومة الصحية على نحو منهجي وواسع النطاق، مما أخرج معظمها عن العمل.

ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، توقف إسرائيل إمدادات الحياة الأساسية من مياه وغذاء وأدوية ومستهلكات طبية من خلال إغلاق المعابر وتعمد تقليل دخول المساعدات الإغاثية. ووفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، يواجه آلاف المرضى في القطاع الموت نتيجة نقص الأدوية وتدمير إسرائيل معظم المنظومة الصحية في القطاع وشح مساعدات الأدوية والمستهلكات الطبية الواصلة إلى القطاع.

 

وخلال 11 شهرا من الحرب، تعمّد الجيش الإسرائيلي استهداف مستشفيات غزة ومنظومتها الصحية، وأخرج معظم مستشفيات القطاع عن الخدمة؛ ما عرّض حياة المرضى والجرحى للخطر، حسب بيانات فلسطينية وأممية. وبدعم أميركي مطلق، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حربا مدمرة في غزة خلفت أكثر من 136 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة. وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

(الأناضول، العربي الجديد)

المساهمون