الغلاء يعكّر احتفالات السوريين بعيد النوروز

23 مارس 2022
يرتدين ملابس تقليدية احتفالاً بعيد النوروز (العربي الجديد)
+ الخط -

يشهد شهر مارس/آذار من كل عام احتفالات بعيد النوروز في كافة أنحاء العالم. ويحتشد الأكراد في مناطق عدة على أنغام أغاني الفلكلور الكردي ورقص الدبكة، مرتدين الأزياء التقليدية، ويقدّمون أنواعاً مختلفة من الأطعمة والحلويات احتفالاً بالعيد الذي يعدّ أهم مناسبة لدى الأكراد تترافق مع بدء فصل الربيع لما لها من دور في تقوية الروابط. ويعد العيد رمزاً لتجديد الحياة والوئام، وإعلاء قيم السلام، والتضامن والتسامح والمصالحة.

عيد هذا العام جاء ثقيلاً على سكان شمال شرقي سورية؛ فمعظم مناطق سيطرة الإدارة الذاتية "قسد"، أقصى شرقي البلاد، تشهد انقطاعاً للمياه والتيار الكهربائي، كما حدّت موجة الغلاء من تنوّع الأطعمة واللباس وجعلت البهجة منقوصة.

وتقول نيروز محمد، وهي أم لأربعة أطفال من مدينة القامشلي بريف الحسكة، لـ"العربي الجديد"، إن تحضير ثياب طفلتها البالغة من العمر 14 عاماً كلّفها أكثر من 100 دولار، عدا عن تكاليف الطعام والشراب والحلويات التي يعتقد المحتفلون أن على كل عائلة كردية أن تقدّم أفضلها وألذها، وتشير إلى أن تجهيز أبنائها الأربعة كان مكلفاً جداً نظراً للغلاء الذي تشهده المنطقة وينعكس بشكل مباشر على أسعار اللباس والأطعمة.

وتقول محمد إن ما يميّز هذا العيد هو مشاركة جميع سكان المنطقة من عرب وأكراد وطوائف دينية أخرى، وخصوصاً أن الاحتفالات جاءت في فترة أشرقت فيها الشمس بعد أيام عدة باردة. لكن انقطاع المياه والكهرباء عكّر على المحتفلين صفو هذه المناسبة، إذ يحتاجون إلى المياه للتنظيف والكهرباء لإعداد الأطعمة وتخزينها وإنارة الساحات ومراكز التجمّع.

بدوره، يقول ماجد حبو، وهو سائق سيارة أجرة من مدينة القامشلي، لـ"العربي الجديد"، إنه اعتاد الخروج وعائلته أيام العيد إلى مناطق طبيعية تكثر فيها المساحات الخضراء والمياه، كسد القحطانية في منطقة المالكية، لكنه أجبر هذا العام على الذهاب إلى أقرب نقطة خارج المدينة بسبب غلاء أسعار المحروقات وعدم توفرها بشكل كافٍ، فالمنطقة تشهد أزمة وازدحاماً كبيراً على محطات الوقود.

الصورة
يرقصون الدبكة (العربي الجديد)
يرقصون الدبكة (العربي الجديد)

ويؤكّد أن الغلاء حرم الكثير من العائلات من الاحتفال كالأعياد السابقة، إذ تضاعفت أسعار الكثير من المواد الغذائية، وهناك أزمة في توفير الدقيق والزيوت والسكر، ويشير إلى أن العائلة التي يكثر فيها الأطفال تزداد متطلباتها؛ فإذا أرادت الاحتفال كما يجب يلزمها إنفاق ما يكفيها من مصروف لمدة شهرين أو أكثر.

وتشهد المنطقة الواقعة شمال شرق سورية، وعلى الرغم من غناها بآبار النفط والغاز، أزمة في توفير المحروقات للسكان بسبب سوء الإدارة الاقتصادية من "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) والجفاف الذي أثّر بشكل مباشر على موسم القمح، إذ تعتبر الجزيرة السورية سلة البلاد الغذائية وتؤمن 60 في المائة من حاجتها.

وزاد تدهور الأوضاع منذ 2019 عندما تسببت تداعيات الأزمة المالية في لبنان بانهيار الليرة السورية، التي أصبحت قيمتها أقل من اثنين في المائة مما كانت عليه عام 2011، في وقت تؤكد فيه الأمم المتحدة أن عدد المعوزين بلغ 14.6 مليون نسمة في 2021 بزيادة 1.2 مليون عنه في 2020.

الصورة
يرقصون الدبكة (العربي الجديد)
من فعاليات الاحتفالات (العربي الجديد)

ويتشارك الأكراد الاحتفال بعيد النوروز أو "اليوم الجديد" مع الفرس والأفغان منذ القدم، ومن خلاله يستقبلون السنة الشمسية الجديدة، وقد أدرجته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في فبراير/ شباط عام 2010، في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، وأقرّت يوم 21 مارس/ آذار يوم نوروز العالمي.

وكان النظام السوري يمنع مظاهر هذا العيد بشكل واسع. لكن بعد عام 2011 وتراجع قبضته الأمنية عن بعض المناطق، صار الاحتفال به طقساً سنوياً. لكنّ مسلحي حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يشكّل نواة "قسد"، وبعد تمكّنهم من مناطق واسعة في شمال شرق سورية في عام 2013، بدأوا يضيقون على المحتفلين.

المساهمون