ارتفع عدد الجثث التي تم انتشالها من مقبرة حي الرفاعي في مدينة الموصل شمالي العراق، حتى صباح الثلاثاء، إلى 145 جثة، وتواصل فرق الدفاع المدني والطب العدلي انتشال المزيد من الرفات بعد ثلاثة أيام على فتح المقبرة.
واكتشفت المقبرة الجماعية في أرض خالية تقع خلف مسجد بهاء الدين، في الساحل الأيمن من مدينة الموصل، وتسبب تضارب المعلومات حولها، وتجنب السلطات الإجابة عن أسئلة الصحافيين بشأن هوية الأشخاص، وملابسات وفاتهم، وتاريخ الوفاة في جدل كبير، ثم قررت الشرطة منع دخول الصحافيين إلى المنطقة، أو إجراء لقاءات مع فريق انتشال الرفات.
وقال بيان مقتضب لمديرية الدفاع المدني في محافظة نينوى، أمس الإثنين، إنه تم انتشال 143 جثة مجهولة الهوية تعود إلى فترة معركة تحرير الموصل بين عامي 2016 و2017، وإنها "عبارة عن هياكل عظمية، وتمت المباشرة بتسليمها إلى دائرة الطبابة العدلية بموجب محضر رسمي".
وقال مدير الطب العدلي، حسن واثق، للصحافيين في وقت سابق، أن من بين المدفونين في المقبرة "أطفال ونساء".
وكشف مسؤول في ديوان محافظة نينوى، لـ"العربي الجديد"، شريطة عدم ذكر اسمه، عن تفاصيل جديدة حول المقبرة، مؤكدا أن "هناك "محاولات تضليل متعمدة من قبل الحكومة في بغداد، وأنه جرى انتشال رفات 145 شخصا حتى الآن، وغالبيتهم أطفال ونساء ورجال، والراجح أنهم قضوا خلال القصف الجوي والمعارك التي استمرت عدة أشهر في داخل المدينة".
وتابع المسؤول الحكومي: "بعد محاصرة الموصل، لم يكن أحد قادرا على الوصول إلى مقبرة المدينة الرئيسة الواقعة خارجها، وصار الناس يدفنون الضحايا في الساحات والحدائق العامة، وهناك أكثر من 20 مقبرة مماثلة. الرفات المستخرج لأشخاص تم تكفينهم ببطانيات، أو قطع قماش، ودفنهم بشكل شرعي باتجاه القبلة، والدفن منفرد، وليس داخل حفرة واحدة، وبالتالي لا ينطبق وصف (مقبرة جماعية) المتداول بشكل مقصود".
وأضاف أن "المعلومات تشير إلى أن غالبية الضحايا من أهالي منطقة حي الرفاعي، وأحياء مجاورة تعرضت للقصف الجوي خلال المعارك، وتم العثور على عظام أطفال تم التعرف عليها من طول عظم الفخذ وحجم الجمجمة، وتم دفنهم داخل بطانيات وقطع قماش".
وأشار إلى أن "المكان تم تحويله إلى مقبرة بعد تعذر الوصول إلى المقبرة الرئيسة بسبب المعارك، وهو ساحة بمساحة 400 متر خلف جامع بهاء الدين، ومعروف لدى الأهالي والسلطات المحلية أنه تم الدفن فيها منذ تحرير الموصل قبل 5 سنوات، وجاء قرار فتح القبور ونقلها لوجود خطط للاستفادة من المكان".
وقال المسؤول المحلي إن تكرار رواية أن المقبرة تضم ضحايا تنظيم داعش، أو بعض من مسلحي التنظيم من دون إجراء الفحوص، أو العثور على أدلة تؤكد هذه الرواية، هدفها "التخلص من تبعات كثيرة، منها إعادة فتح ملف الأخطاء العسكرية، وجرائم الحرب التي ارتكبت في المدينة خلال تلك الفترة".
ويرأس فريق استخراج رفات الضحايا النقيب بقوات الدفاع المدني، محمود عبد المحسن، ويضم الفريق ممثلين عن الجيش والشرطة المحلية والطبابة العدلية وبلدية الموصل.
وقال الناشط الحقوقي محمد الحديدي وهو من أهالي الموصل، لـ"العربي الجديد"، إن "المقبرة واحدة من مقابر كثيرة دفن فيها الأهالي موتاهم خلال فترة المعارك التي استمرت أكثر من 10 أشهر، وهناك توجيهات لقوات الأمن بمنع الإدلاء بأي تصريحات حولها، وهو ما يعزز حقيقة أن أغلب من فيها هم من ضحايا عمليات القصف التي استهدفت منازل المدنيين، والتي تورط فيها التحالف الدولي والقوات النظامية العراقية".
وأوضح الحديدي أن "تنظيم داعش ارتكب الكثير من الجرائم بحق السكان، لكن هذه المقبرة، ومقابر أخرى مثلها، تضم ضحايا عمليات القصف العشوائي على الموصل، والتي خلّفت كثير من الضحايا، من بينهم عائلات كاملة. لا يريد أحد أن يسأل عن مصير العائلات في المنازل القريبة من المقبرة، والتي تمت تسويتها بالأرض خلال القصف الجوي".
وكشفت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، عن وجود مقابر مماثلة لضحايا العمليات العسكرية والقصف الجوي على الموصل، أبرزها في أحياء سومر، وسيطرة بادوش، وشميسيات، والكصر، ومعمل الأسفلت، والقليعات، والزراعي، والسكر، والزهور، والقادسية، والنور، ونركال، والمحارين، والزنجيلي، ومناطق أخرى يتوقع أن يتم نقل الرفات منها إلى مقابر خارج المدينة.