قال مرصد حقوقي عراقي، اليوم الإثنين، إن بدواً رُحّلاً ورعاة مواشٍ اضطروا خلال الأسابيع الماضية، إلى ترك مناطق الرعي في مناطق بادية نينوى ووديان غرب محافظة الأنبار شمال وغربي العراق، بسبب تعرضهم لابتزاز من قبل أفراد بمليشيات مسلحة استولت على رؤوس أغنام تابعة لهم وبشكل متكرر، مطالبا الحكومة العراقية بالتحقيق في عمليات الابتزاز والسرقة التي تحدث بين وقت وآخر بقهر السلاح.
بيان لـ #مرصد_أفاد، يتضمن شهادات، حول قيام فصائل مسلحة بالاستيلاء على مواشي رعاة الأغنام في الأنبار ونينوى بقهر السلاح. pic.twitter.com/GVBDcsUyl1
— مرصد أفاد (@Afada_iraq) February 20, 2023
ونقل مرصد "أفاد"، شهادات لرعاة أغنام وبدو رُحّل، من محافظتي الأنبار ونينوى، أكدوا فيها مغادرتهم مناطق الرعي بعد تكرار عمليات ابتزاز أقدم عليها عناصر بفصائل مسلحة.
وقال المرصد الحقوقي في بيان له، إنه "مع وفرة موسم الأمطار، نجحت قوات الجيش العراقي في تنظيم آلية دخول مربي المواشي إلى مناطق الرعي في بادية الموصل ومناطق غربي الأنبار، بعد انتعاش مراعي تلك المناطق، التي تمثل فرصة مهمة لمربي المواشي، عبر تراخيص أمنية توفر لهم موسما مريحا".
واستدرك البيان: "إلا أن أفرادا من فصائل مسلحة تنضوي ضمن "الحشد الشعبي"، أقدموا خلال الفترة الماضية، على الدخول إلى مناطق رعي مربي المواشي والبدو الرُحل، يستقلون سيارات دفع رباعي وتتبع للجهات التي يعملون فيها، وأخذوا رؤوس أغنام، بقهر السلاح منهم، وتكررت تلك الحالات في أكثر من منطقة وفترة بمناطق عدة بينها وادي جباب والأبيض والسيل وحوران والزغتان غربي الأنبار، وفي البعاج وبادية الحضر جنوب غربي نينوى على وجه التحديد".
وأبلغ أحد رعاة المواشي، المرصد الحقوقي بأن "ثلاثة أفراد من الحشد الشعبي، أخذوا 3 رؤوس أغنام منه، بعد إخضاعه لاستجواب بدا أنه ارتجالي، طلبوا منه إظهار هويته وترخيص تواجده، ثم وجهوا له أسئلة مثل علاقتهم بتنظيم داعش، وما إذا كان أحد من أقربائهم متورطا معهم. وأضاف في إفادة قدمها عبر الهاتف أنه "بعد انتهاء الاستجواب، أخذوا صورة عبر هاتف أحدهم لبطاقته التعريفية، وقالوا إنهم سيتأكدون من سلامة وضعه القانوني، وخلال ذلك قاموا بأخذ ثلاثة رؤوس أغنام وغادروا المكان الواقع قرب بلدة النخيب بمحافظة الأنبار على الحدود العراقية السعودية.
كما نقل عن منعم فياض الجحيشي، وهو مربي مواشٍ من أهالي البعاج ويقيم في مدينة أربيل أنه تعرض لما وصفه بـ"الخاوة"، ثلاث مرات خلال موسم الرعي الحالي، و"الخاوة"، تعبير باللهجة العراقية الدارجة يعني "غصب الممتلكات بالقوة".
أوضح فياض أن إحدى تلك المرات كانت من خلال حاجز تفتيش لأحد الفصائل المسلحة بالقرب من مدينة البعاج، حيث انتزع أحد المسلحين شاة صغيرة بيضاء من السيارة التي تحمل المواشي، تحت مزاعم أخذها لابنه، وعندما رفض سائق السيارة وأبلغه أنها أمانة يجب إيصالها لصاحبها رد عليه بالقول: "لعد أطبك على صفحة".
والتعبير يعني ركن سائق السيارة على جانب الطريق لمدة غير معروفة، وقد تصل لأيام قبل السماح له بالعبور.
وأورد المرصد شهادات تشير إلى أن الأفراد المتورطين في تلك العمليات ينتمون لفصائل عديدة أبرزها، "كتائب حزب الله"، "رساليون"، "لواء الطفوف"، "أنصار الله الأوفياء"، "عصائب أهل الحق"، و"سيد الشهداء"، إلى جانب جماعات أخرى تنشط بالمناطق ذاتها في الأنبار ونينوى.
ولفت بيان المرصد إلى أنه تواصل مع مسؤول محلي في ديوان محافظة نينوى، وأكد ضمنا حصول تلك العمليات، لكنه بررها بالقول إنها "تصرفات فردية، لا تمثل الحشد أو أي مؤسسة أمنية أخرى". وأضاف طالبا عدم ذكر اسمه: "سجلنا شكاوى مربي أغنام بأنهم تعرضوا لمصادرة رؤوس أغنام منهم، وبعضهم تعرض لمضايقات وابتزاز أيضا، لكنهم غير قادرين على تحديد هوية الأفراد بأي فصيل مسلح وهل هم جيش أم حشد، وأي تفاصيل أخرى تمكننا من متابعة القضية".
ودعا المرصد السلطات في بغداد للتحقيق في جرائم الابتزاز والإتاوات التي ترتكبها عناصر في فصائل مسلحة بمناطق عراقية نائية بعيدا عن وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي، بما يسمح للجناة بالإفلات من العقاب.
واعتبر أن تكرار ظاهرة الإتاوة والابتزاز باسم القانون والنظام، تعتبر من أبرز الجرائم المتواصلة في مناطق نشاط الفصائل المسلحة بمحافظة الأنبار ونينوى غربي وشمالي البلاد.
وحول ذلك قال المتحدث باسم مرصد "أفاد"، حسين دلي، في اتصال عبر الهاتف مع "العربي الجديد"، إن استمرار بعض الفصائل المسلحة، باتباع ممارسات الابتزاز وأخذ الإتاوات من أصحاب الأعمال هو استمرار للسمعة السيئة التي تطغى على نشاط هذه الفصائل وخصوصا في محافظتي نينوى والأنبار"، مضيفا أنه تم توثيق العديد من الشهادات في هذا السياق لكن تم تناول الشهادات الأبرز منها، لحث السلطات على الاهتمام بالموضوع ووقف الابتزاز الذي يتم بقهر السلاح"، معتبرا أن "هذه الأفعال المشينة لا علاقة لها بالدور الذي تدعيه تلك الفصائل من حماية المناطق الحدودية، بل هي محاربة للناس في أرزاقها ومصدر معيشتها المتواضع".
وطالب دلي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والقضاء، بـ"متابعة تلك الشكاوى والاتهامات ومحاسبة المتورطين وتوفير الحماية للعراقيين كلهم دون استثناء وخصوصاً للبسطاء ممن ليست لديهم وسيلة لإيصال صوتهم للجهات المسؤولة".