أعلنت السلطات العراقية عن إعادة 127 عائلة من مركز التأهيل النفسي والاجتماعي في مخيم الجدعة بمحافظة نينوى (شمالي البلاد)، إلى مناطقها الأصلية بـ5 محافظات عراقية، مؤكدة أن تلك العوائل كانت قد أعيدت أخيرا من مخيم الهول السوري.
ومنذ أغسطس/ آب من العام الماضي، أعادت بغداد نحو 500 عائلة عراقية، أغلب أفرادها نساء وأطفال، كانوا داخل مخيم الهول ومعسكرات نزوح أخرى في شمال شرقي سورية.
وأطلقت السلطات العراقية في بغداد، بالتعاون مع منظمات أممية، سلسلة برامج نفسية وتعليمية تستهدف الأسر التي أُعيدت واستقرت في مخيم الجدعة الواقع في ضواحي مدينة الموصل، شمالي العراق.
ووفقا لبيان لمستشارية الأمن القومي، صدر اليوم الجمعة، فإنه "استكمالاً للجهود المبذولة في إعادة التأهيل والاندماج، أعيدت مجموعة من العوائل العراقية العائدة من مخيم الهول السوري والقاطنة في مركز الجدعة للتأهيل النفسي والاجتماعي إلى مناطق سكناها الأصلية"، مؤكدة أنه "تمت إعادة 127 عائلة من المركز إلى محافظة الأنبار والموصل وكركوك وديالى وبغداد (مناطقها الأصلية)".
وأشار إلى أن "تلك العوائل تم تأهيلها من قبل فريق البحث النفسي الميداني في مستشارية الأمن القومي"، لافتا إلى أن "عملية إعادة العوائل جاءت بدعم وإسناد من قبل وزارة الهجرة والمهجرين، وبتنسيق عال مع قيادة العمليات المشتركة والأجهزة الأمنية والاستخبارية، لتحقيق التعايش السلمي والمجتمعي في المناطق التي حدث فيها نزوح، إثر سيطرة تنظيم داعش عليها".
وعلى الرغم من التدقيق الحكومي الأمني لتلك العوائل، والتأكد من عدم وجود أي ارتباط لها بتنظيم "داعش" قبل أن تتم إعادتها إلى العراق، إلا أن أطرافا سياسية عراقية حليفة لإيران رفضت إعادتها من مخيم الهول، ودأبت على توجيه الاتهامات لها بأنها "متورطة بالإرهاب"، وأجبرت الحكومة على وقف برنامج نقل العائلات لعدة شهور مضت، خوفا من استهدافهم من قبل الفصائل المسلحة المرتبطة بتلك الأطراف، ما دفع الحكومة إلى السعي لإعادة تأهيل تلك العوائل.
من جهته، أكد مسؤول أمني في محافظة نينوى أن "البرامج التأهيلية التي تلقتها تلك العوائل متطورة جدا، إذ أشرفت عليها جهات أمنية، ووزارة الهجرة والمهجرين، ومنظمات أممية، وتضمنت أيضا برامج دراسية للأطفال والنساء، ولا سيما أن غالبية أفرادها لم يحصلوا على التعليم لسنوات أعقبت نزوحهم من البلاد".
وأشار إلى أن "العوائل حصلت أيضا على دورات تثقيفية مختلفة، ركزت على بناء الفكر الصحيح بعيدا عن الإرهاب والتطرف"، مؤكدا أن "تلك العوائل اجتازت الدورات بشكل عام، وأن لديها استجابة كبيرة للبرامج التوعوية".
وشدد على أن "قرار نقل تلك العوائل وإعادة دمج أفرادها بمناطقهم تم بعد اجتيازهم الدورات التأهيلية، وهم لا يشكلون أي خطر على المجتمع، بل على العكس تماما، هم عوائل متضررون من الإرهاب وغير مؤمنين به، ويؤمنون بالعيش الآمن بعيدا عن التطرف بشتى أنواعه".
مختصون بالشأن المجتمعي أثنوا على الدورات التأهيلية لتلك العوائل وإعادتهم إلى مناطق سكناهم. وقال الباحث المجتمعي بلال الوندي، لـ"العربي الجديد"، إن "تلك الدورات التأهيلية مهمة ليس لتلك العوائل حصرا بل لعموم المجتمع"، مؤكدا أن "فكر التطرف قد يكون وليد ظروف معينة يحكم بها الإنسان، لذا نحتاج دائما إلى تنمية الفكر المضاد، وإغلاق الباب أمام الأفكار المتطرفة بشتى أنواعها".
وشدد على أن "إعادة تلك العوائل إلى مناطقها الأصلية التي أبعدت عنها لسنوات طويلة، فضلا عن الدورات التأهيلية التي تلقتها، خطوة مهمة جدا لإصلاح المجتمع وإزالة خطر الأفكار المتطرفة، ولا سيما أن عزل العوائل والأطفال والنساء داخل مخيمات نائية واتهامهم بالتطرف هو الخطر الذي يبني الفكر المتطرف ويشكل بيئة حاضنة له".
ووفق إحصاءات سابقة، يوجد نحو 30 ألف عراقي في مخيم الهول، أغلبهم نساء وأطفال وكبار في السن، قسم كبير منهم نزح إلى سورية من المدن العراقية الحدودية بقصد الانتقال من هناك إلى تركيا، أو أجبرهم التنظيم على التحرك من المناطق التي خسرها إلى أخرى في مدن سورية.
ولا يمكن أن تعد تلك العائلات التي أعيدت من مخيم الهول من العائلات المحسوبة على ما يعرف بـ"عوائل داعش"، إذ أكدت السلطات العراقية أن هذه العائلات نازحة بفعل المعارك والعمليات العسكرية في المدن العراقية المجاورة لسورية، وانتهى بها المطاف في المخيمات.