العدوان يستهدف مستشفيات لبنان... قصف وإخلاء في محاكاة لسيناريو غزة

05 أكتوبر 2024
يخشى استهداف المزيد من المستشفيات في الجنوب (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعرضت مستشفيات جنوب لبنان والبقاع والضاحية لعدوان إسرائيلي أدى إلى خروج بعضها عن الخدمة، مما زاد العبء على المستشفيات المتبقية مثل مستشفى تبنين الحكومي.
- العدوان تسبب في إصابات بين الطواقم الطبية وصعوبة في إخلاء الجرحى، مما يعكس تجاهلاً للقوانين الدولية ويزيد معاناة الأهالي في القرى الحدودية.
- مستشفيات مثل ميس الجبل الحكومي تعاني من نقص المستلزمات والوقود، مما يهدد حياة المرضى، ونقابات المستشفيات والأطباء ناشدت المجتمع الدولي لوقف العدوان.

عدوان غير مسبوق على مسشتفيات جنوب لبنان أخرج أربعة منها عن الخدمة

مدير مستشفى مرجعيون: أخلينا المستشفى من طواقمه وأجلينا الجرحى

الإخلاء طاول أيضاً مستشفى ميس الجبل الحكومي

كما في غزة، لم يتردّد العدو الإسرائيلي باستهداف المستشفيات في جنوب لبنان والبقاع والضاحية ما أدى إلى توقف العديد منها عن الخدمة، وسط مخاوف من استهداف المزيد.

شهدت المستشفيات الواقعة في جنوب لبنان عدواناً همجياً وغير مسبوق، أدى إلى خروج أربعة مستشفيات عن الخدمة، وهي مستشفى صلاح غندور في مدينة بنت جبيل، ومستشفى مرجعيون الحكومي، ومستشفى بنت جبيل الحكومي، ومستشفى ميس الجبل الحكومي، بالإضافة إلى مستشفى السانت تريز في بلدة الحدث (قضاء بعبدا، محافظة جبل لبنان). وفي البقاع، أعلن مستشفى المرتضى في بعلبك خروجه مؤقتاً عن الخدمة بسبب الأضرار التي لحقت به نتيجة القصف. والاستهداف الذي لحق بالمستشفى ليس الأول من نوعه، فقد أغار طيران العدو الإسرائيلي في 29 سبتمبر/أيلول الماضي على ساحة المستشفى دون وقوع إصابات.
ومع التوقف القسري لمستشفيات الجنوب، لم يبق إلا القليل منها على خط القرى الحدودية، ومنها مستشفى تبنين الحكومي الذي يتحمل العبء الأكبر اليوم. 
وحلّ بمستشفى صلاح غندور سيناريو مشابه لما يقترفه العدو الإسرائيلي في قطاع غزة. تلقّى المستشفى تهديدات من العدو عبر مخاتير بنت جبيل، تطالبه بإخلاء المستشفى. وقالت إدارة المستشفى، في بيان، إنها "تعرضت لقصف همجي صهيوني بعد تلقيها تحذيراً من العدو بإخلائه"، ما تسبب في خروج المستشفى عن الخدمة. وأوضح البيان أن "القصف نتج عنه إصابة تسعة أفراد من الطاقم الطبي والتمريضي، إصابات معظمها بليغة وخطرة".
من جهته، يقول مدير مستشفى صلاح غندور الطبيب محمد سليمان، لـ"العربي الجديد"، إن المقصود بطلب الإخلاء هي فرق الإسعاف والهيئة الصحية. وبالفعل، أخلي المستشفى من فرق الإغاثة. يضيف: "بقي في المستشفى طاقم الأطباء وعدد من الممرضين. وتعرض لقصف همجي صهيوني أدى إلى سقوط تسعة جرحى من طاقمه، أربعة منهم في حالة خطرة، بالإضافة إلى خمس حالات متوسطة الجراح". يضيف: "لم يتمكن الصليب الأحمر من الوصول إلى المستشفى لإخلاء الجرحى إلا بعد ساعة ونصف الساعة من الاستهداف، ولم تصل سوى سيارتي إسعاف في حين كنا بحاجة إلى عشر. أخلينا بقية الجرحى بسيارات مدنية". وعلى الرغم من قرار الإغلاق، يوضح سليمان أنه "مؤقت ويجري تحضير طاقم طبي من الأطباء والممرضين لإعادته إلى العمل في أقرب وقت ممكن"، واصفاً العدوان على المستشفيات بـ"الهمجي غير المسبوق".

مستشفى مرجعيون الحكومي

صباح الجمعة، لم يسلم مستشفى مرجعيون الحكومي من العدوان الإسرائيلي، الذي استهدف مدخله، ما أدى إلى استشهاد سبعة أشخاص وجرح خمسة آخرين. يقول مدير المستشفى الطبيب مؤنس كلاكش، لـ"العربي الجديد"، إنه منذ توسع وتصاعد العدوان على الجنوب في 23 سبتمبر/أيلول، أوقفت العديد من المستشفيات خدماتها الاستشفائية، والعمليات الباردة، واقتصر عملها على أقسام الطوارىء لمعالجة المصابين جراء الغارات العنيفة التي تستهدف قرى الجنوب، بالإضافة إلى أقسام المختبرات والأشعة. يضيف: "أخلينا المستشفى من كافة طاقمه الطبي والتمريضي والإداري، وأجلي الجرحى إلى مستشفيات النبطية وحاصبيا". كان مستشفى مرجعيون يضم 25 كادراً صحياً، ولم تتضح خطة توجه الطواقم الطبية والتمريضية للعمل في مستشفيات أخرى. 
ويدين كلاكش العدوان الوحشي على الطواقم الطبية والمراكز الصحية وطواقم الإسعاف، قائلاً: "من المفترض أن تكون المستشفيات منطقة محايدة كي تتمكن من القيام بواجبها وتقديم الخدمات الطبية اللازمة للجرحى والمصابين والأهالي الموجودين في القرى الحدودية". ويشير إلى أنه خلال عدوان يوليو/تموز 2006، لم يتم إخلاء المستشفى سوى في الأيام الأخيرة عندما اشتد العدوان. 

مستشفى بنت جبيل الحكومي  

أخلي مستشفى بنت جبيل الحكومي وتوقف عن الخدمة منذ نحو أسبوع، جراء القذائف التي أصابت قسم الطوارئ، ما أدى إلى جرح ثلاثة أشخاص، أحدهم موظف في قسم الطوارىء. يقول طبيب الطوارئ في المستشفى حكمت بيضون، لـ"العربي الجديد": "قبل توسع العدوان، كان المستشفى يعمل كالمعتاد، ويؤمن جلسات العلاج لمرضى غسيل الكلى ثلاث مرات أسبوعياً، علماً أن عددهم 15 مريضاً". يضيف: "أحدث الاستهداف إرباكاً، خصوصاً لناحية إخلاء الجرحى الذين نقلوا إلى مستشفى تبنين الحكومي.

طفل جريح يعالج في أحد مستشفيات صيدا (محمود زيات/ فرانس برس)
طفل جريح يعالج في أحد مستشفيات صيدا (محمود زيات/ فرانس برس)

والتحقت طواقم تمريضية وطبية في مستشفى تبنين لمتابعة عملها". كان عدد الطاقم الطبي في المستشفى يبلغ 25 فرداً، واضطر غالبيتهم للنزوح مع عائلاتهم، بحسب بيضون. ويشير إلى أن العديد من الأطباء تطوعوا للعمل مع مراكز الرعاية الصحية التابعة لمؤسسات الإمام الصدر، وطواقم الإسعاف التابعة للهيئة الصحية، والدفاع المدني في كشافة الرسالة الإسلامية. ويناشد بيضون المجتمع الدولي تطبيق معاهدة جنيف التي تلحظ تحييد المستشفيات عن الاستهدافات خلال الحروب. 

مستشفى ميس الجبل الحكومي

طال الإخلاء مستشفى ميس الجبل الحكومي أيضاً، والذي تلقى تهديداً مباشراً من العدو الإسرائيلي، كما يقول المدير الطبي حليم سعد لـ"العربي الجديد". يضيف: "في الفترة الأخيرة، كان المستشفى يستقبل حالات الطوارىء الناجمة عن الاستهدافات الإسرائيلية كونه لا يبعد عن الحدود مع فلسطين المحتلة سوى 700 متر". 
وتعرض المستشفى إلى ثلاث إصابات مباشرة منذ بدء الاشتباكات على الحدود في 8 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023. الأولى كانت قذيقة مباشرة سقطت في قسم العناية المركزة، والثانية في موقف السيارات، وثالثة في محيط المستشفى. يقول سعد: "لم نتمكن من إحصاء الأضرار، لكن أبرزها كان تحطم الزجاج وتضرر المعدات الطبية". يضم مستشفى ميس الجبل 115 سريراً. وفي الآونة الأخيرة، كان يعمل بكادر صحي يضم ما بين 40 و50 شخصاً يتناوبون، خصوصاً في أقسام الطوارىء والعناية المركزة ومختبر الدم والأشعة. 
يضيف سعد: "نفدت المستلزمات الطبية والوقود، وتعذّر على المواطنين الذين كانوا يتبرعون للمستشفى بالوقود بمرافقة من الجيش اللبناني الوصول إليه". يتابع: "قوات اليونيفيل العاملة في الجنوب لم تعد قادرة على تزويد المستشفى بالمياه كما دأبت، ما دفعنا إلى إخلاء المستشفى ووقف العمل في كل أقسامه". ويتحدث سعد عن وعود وزير الصحة بتأمين سلف للمستشفيات لضمان استمراريتها، "لكن لم تصلنا أية مستحقات حتى اليوم. والتحق أعضاء الطواقم التمريضية بمستشفى تبنين الحكومي من دون معرفة مصير رواتبهم الشهرية. 

مستشفى في بيروت (فاضل عيتاني/ فرانس برس)
نقابة أطباء لبنان طالبت بوقف المجزرة الإسرائيلية بحق الجهاز الطبي (فاضل عيتاني/ فرانس برس)

لم يوضح مدير العناية الطبية في وزارة الصحة الطبيب جوزيف الحلو، الآلية التي يجب اتباعها بعد إخلاء مستشفيات عدة في الجنوب. يؤكد في حديثه لـ"العربي الجديد": "كل من يتقاضى مستحقاته المالية من الدولة سيحصل عليها، لا سيما الذين التحقوا بمستشفيات مجاورة". يتابع: "الوزارة لا تتخذ أي قرار بإخلاء المستشفيات إلا في حال تفاقم الوضع الأمني"، لافتاً إلى أن "مستشفى صلاح غندور في بنت جبيل سيعاود العمل في أقرب وقت ممكن". ويطمئن الحلو أن "المستلزمات الطبية في الجنوب تكفي لمدة خمسة أشهر، لا سيما مع إستمرار وصول المساعدات الطبية إلى لبنان من دول الخارج".
وأفادت إدارة مستشفى السانت تريز، وهو مستشفى خاص عند تخوم الضاحية الجنوبية لبيروت، عن "وقف الخدمات الاستشفائية" بعد وقوع "أضرار جسيمة" في المبنى والمعدات "بعدما استهدف الطيران الإسرائيلي بغارات عنيفة مبنى المستشفى وكل المعدات والتجهيزات الطبية". وقالت إن المستشفى "بات يتطلب عملية تأهيل شامل لمختلف أجزائه".

من جهته، يقول نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون، في حديثه لـ"العربي الجديد": "كنا قد حذرنا منذ بداية توسع العدوان من اعتبار المستشفيات أهدافاً عسكرية تماماً كما في غزة. ما حصل خلال اليومين الماضيين كارثة لا يمكننا تحملها". يضيف: "وضعنا خطة طوارىء صحية، لكن في حال استمر استهداف المستشفيات، فلن تنفع أي خطة طوارئ ومن الممكن أن تخرج العديد من المستشفيات عن العمل". 
ويتحدث سليمان أن النقابة تعمل على المساعدة "بتأمين الجرحى الذين نقلوا من مستشفيات الجنوب إلى مناطق آمنة. إلا أننا نواجه مشكلة في تأمين جلسات العلاج لمرضى الكلى، بسبب عدم قدرة مراكز غسيل الكلى في المستشفيات على استيعاب المزيد. هناك خوف من التأخر في تأمين العلاج ما قد يعرض حياتهم للخطر". ويختم حديثه قائلاً: "نناشد المجتمع الدولي والصليب الأحمر الدولي العمل على وقف العدوان على القطاع الطبي والمسعفين لضمان استمرارية عمل المستشفيات". 
كما وجهت نقابة أطباء لبنان نداء عاجلاً إلى منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة لوقف المجزرة الإسرائيلية بحق الجهاز الطبي اللبناني، عقب مقتل وإصابة أفراد من الطواقم الطبية وخروج مستشفيات في جنوب لبنان عن الخدمة. ووصفت النقابة الإجراءات الإسرائيلية بأنها "مجزرة بحق الجهاز الطبي اللبناني وفرق الإسعاف". 

المساهمون