العدوان الإسرائيلي على لبنان... مبادرات شعبية لاستقبال النازحين

27 سبتمبر 2024
هناك صعوبة في تأمين احتياجات النازحين (كورتني بونو/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- نزوح الأهالي وتضامن المجتمع: العدوان الإسرائيلي على لبنان دفع أهالي الجنوب والبقاع للنزوح، مما أدى إلى ازدحام مروري كبير. استجاب المجتمع اللبناني عبر وسائل التواصل الاجتماعي بتقديم إرشادات حول الطرق البديلة وتوفير المياه والطعام للعالقين.

- مبادرات الإيواء والدعم: شهدت مناطق متعددة في لبنان مبادرات تضامنية لإيواء النازحين، حيث قدم المواطنون منازلهم مجاناً أو بأسعار رمزية، وتم إنشاء خلايا أزمة لتوزيع النازحين وتأمين احتياجاتهم الأساسية.

- جهود منسقة لمنع الاستغلال: في مناطق مثل بعبدا وزرعون، تم تنظيم حملات لجمع التبرعات وتأمين المنازل للنازحين، مع التركيز على منع استغلالهم، مما يعكس روح التكاتف والتضامن بين أبناء الوطن.

دفع العدوان الإسرائيلي على لبنان أهالي الجنوب والبقاع إلى النزوح إلى وجهات غير محددة. فالهدف الأول ليس البحث عن بيت للسكن، بل حماية أنفسهم من القصف. خرجت أعداد كبيرة من الجنوبيين في وقت واحد، ما أدى إلى ازدحام مروري كبير على الأوتوستراد الممتد من مدينتي صور والنبطية بإتجاه صيدا. وعلق مئات آلاف اللبنانيين في سياراتهم لأكثر  من 14 ساعة. وتناقل مستخدمو مواقع التواصل الإجتماعي معلومات عن وسائل نقل متاحة، كالدراجات النارية، فيما تولى آخرون إرشاد العالقين في زحمة السير الخانقة إلى طرقات مختلفة لتحفيف أزمة السير.
الازدحام المروري الخانق دفع مواطني القرى والمدن الساحلية إلى تأمين المياه وبعض وجبات الطعام للعالقين في سياراتهم. ووضعت بالتصرف أرقام لعاملين في تصليح السيارات في حال تعرضت سيارات النازحين لعطل ما. وشهد لبنان هبة تضامنية شعبية واسعة بدأها ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي ومتطوعون في العاصمة بيروت، وفي مناطق جبل لبنان (كالشوف وعاليه، وصوفر)، ومدينتي طرابلس وعكار (شمال لبنان)، وغيرها بإرشاد النازحين إلى بيوت تستضيفهم بالمجان أو في مقابل بدل إيجار.

انتشرت على وسائل التواصل الإجتماعي لوائح وأرقام هواتف للبنانيين قدموا بيوتاً مجانية. ابن بلدة يونين (البقاع) علي الأطرش، قدم العديد من المنازل التي يملكها وعائلته في البقاع لاستقبال النازحين. ويقول لـ"العربي الجديد": "واجبي بصفتي مواطنا لبنانيا فتْح منزلي ومنزل أهلي لأي إنسان بحاجة إلى مساعدة وإيواء، وهذا أقل ما يمكنني تقديمه للنازحين". يتابع: "تلقيت أكثر من 200 اتصال من نازحين، واستطعنا تأمين 60 عائلة حتى الآن، ونتساعد مع أهالي في البقاع لتأمين العديد من المنازل في منطقة سعدنايل وغيرها من القرى".
التضامن الإجتماعي العابر للمناطق نجم عنه تشكيل خلايا للأزمة، وأنشئت نقاط في بعض الأماكن لتوزيع الأهالي على المدارس وتأمين احتياجاتهم الأساسية من فرش وأغطية. توزع بعض الشبان في منطقة رأس النبع (بيروت) لتسهيل حركة الناس.
في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، بدا لافتاً الاهتمام بتأمين النازحين. ولم يقتصر على المنازل والمدارس، إذ عمد المواطن الصيداوي حسن مصطفى، الذي يملك مطعماً في المدينة، إلى فتحه للنازحين. ويقول في حديثه لـ "العربي الجديد": "بلدي يدمر. لا أستطيع الوقوف متفرجاً. هذا أقل ما يمكنني تقديمه في الوقت الحالي".  

اهتمام بتأمين النازحين في المنازل والمدارس (فرانس برس)
اهتمام بتأمين النازحين في المنازل والمدارس (فرانس برس)

ويعد الشوف أحد أقضية محافظة جبل لبنان، من أكثر المناطق القريبة التي توجه إليها المواطنون. وأنشأت مجموعة من شبان المنطقة "داتا لإحصاء المنازل الجاهزة لاستقبال النازحين ليصار إلى نقلهم إليها". ويقول أحد الناشطين في المبادرة، بيان العلي، لـ "العربي الجديد"، إن ما نقوم به هو خدمة لأبناء بلدنا. هدفنا التكاتف الاجتماعي، وقد بدأنا بتحضير تبرعات لاحتياجات النازحين من مونة ولوازم للنوم، لتوزيعها على المدارس التي بدأت تستقبل النازحين في الشوف، وسيتم إقامة العديد من المبادرات وتنظيمها مع فعاليات المجتمع المدني في الشوف".
وتحت عنوان سقف واحد، يقوم شبان من منطقة بعبدا في بيروت، بتأمين منازل مجانية أو شبه مجانية للنازحين. وتقول إحدى المنظمات في الحملة عبير عدنان: "بدأنا منذ شهر بالبحث عن شقق والتحدث مع أصحابها في منطقتي بعبدا والحازمية لمحاولة إقناعهم بتأجير المنازل بأسعار مقبولة. جمعنا داتا الأرقام، واستطعنا تأمين عدد من العائلات في بيوت مجانية". وتشير عدنان إلى أنهم يواجهون صعوبة في تأمين احتياجات النازحين. لم يكن في الحسبان أن يحدث مثل هذا الاعتداء الكبير على مناطق واسعة في الجنوب والبقاع، فقد أصبنا بإرباك لتأمين الاحتياجات الأساسية". كما تعمل على تأمين بعض المنازل في مسقط رأسها في راشيا الوادي في البقاع.

في منطقة زرعون (قضاء المتن)، ينشط ابن البلدة رفيق ضو مع مجموعة شبان من مناطق ضهور الشوير والمتين، وغيرها من القرى، تحت اسم مبادرة إلى الناس، وقد استطاعوا تأمين مساكن لمواطنين نازحين من قرى النبطية والجوار، وتوزعوا على منازل مشتركة مع عائلات في البلدة. يقول ضو لـ "العربي الجديد": "افتتحنا النادي الاجتماعي في البلدة، واستقبلنا حوالي 60 عائلة. كما تم تأمين مستلزمات النوم، وأمّن أبناء ونساء المنطقة وجبات الفطور لتوزيعها على النازحين". يضيف: "يجري العمل على القيام بحملات لجمع تبرعات للمواد الغذائية وغيرها من مستلزمات النظافة لتوزيعها على النازحين من القرى الحدودية".
ومنعاً لاستغلال أصحاب الشقق المعروضة للإيجار للنازحين، يقوم ضو ومتطوعون معه، بالتنسيق مع أصحاب الشقق، ويحاولون أن يلعبوا دور الوسيط لمنع استغلال الناس الذين يتكبدون أموالاً طائلة نتيجة التهجير الذي تعرضوا له. ويختم ضو حديثه قائلاً: "واجبنا التكاتف والتضامن بما نحن أبناء وطن واحد في وجه الاعتداءات الإسرائيلية".

المساهمون