- مشروع القانون يأتي في ظل تحديات مثل اكتظاظ السجون بنسبة 190% وزيادة جرائم المخدرات بـ25%، مع استثناء جرائم تمس أمن الدولة من العفو، بهدف تخفيف الضغط على النظام القضائي والسجون.
- الناشط الحقوقي حمادة أبو نجمة يحذر من تأثيرات سلبية لقانون العفو على العدالة وحقوق الضحايا، مشيراً إلى ضرورة التأني واستمزاج آراء المجتمع قبل إقراره لتجنب تشجيع تكرار الجرائم.
وجّه العاهل الأردني، عبدالله الثاني، اليوم الأربعاء، الحكومة إلى إعداد مشروع قانون للعفو العام والسير بإجراءاته الدستورية بمناسبة اليوبيل الفضي لتسلمه سلطاته الدستورية.
وأكد ملك الأردن أهمية أن يراعي مشروع القانون المصلحة العامة، وأن يحافظ على الحقوق الشخصية والمدنية، وفق مبادئ العدالة وسيادة القانون، وألا يتعارض مع مقتضيات الأمن الوطني والسلم المجتمعي.
وقال وزير الداخلية مازن الفراية في تصريحات بداية شهر مارس/آذار الحالي، إن الطاقة الاستيعابية للسجون في الأردن هي 13350 نزيلا فيما تحتوي حاليا أكثر من 23 ألف نزيل بنسبة تصل إلى 190 بالمائة، مشيرا إلى أن الحكومة تعمل على توسعة السجون لزيادة طاقتها الاستيعابية من جهة، ومن جهة أخرى اتخذت الكثير من الإجراءات التي تقلل من أعداد النزلاء مثل العقوبات المجتمعية والأسورة الإلكترونية.
وأضاف أن معدلات الجرائم في مستواها الطبيعي، إذا استثنينا جرائم المخدرات، والتي ارتفعت عام 2023 بنسبة 25 بالمائة عن عام 2022، وزيادة عدد قضايا المخدرات في الشهرين الماضيين عن مثيلهما من العام الماضي بنسبة 24 بالمائة بالنسبة للتعاطي و32 بالمائة بالنسبة للترويج.
قانون للعفو العام لا يشمل كل الجرائم؟
وقال النائب السابق في البرلمان الأردني المحامي مصطفى ياغي، لـ"العربي الجديد"، إن قانون العفو العام الذي وجّه به الملك يهدف لإعطاء الفرصة لمن أخطأ للعودة إلى جادة الصواب.
وأضاف أن قوانين العفو العام لا تشمل كل الجرائم وتكون محددة وفي إطار زمني محدد أيضا، وتستثني الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي والخارجي، كالإرهاب والتجسس، وأحيانا جرائم هتك العرض وتراعي الحقوق الشخصية في جرائم القتل العمد والقصد، والسلب والسرقة التي تكون مرتبطة بعفو المجني عليه.
ولفت إلى أن قانون العفو سيخفف الضغط على مراكز الإصلاح والتأهيل "السجون" لكنه ليس مبررا، فالأصل بالحكومة الأردنية وكل الجهات المسؤولة وذات العلاقة البحث عن أسباب الجريمة ومعالجتها والتي من أهم أسبابها زيادة مؤشرات الفقر والبطالة.
وتابع أن الجماعات الإرهابية اليوم لا تستقطب الشباب من مدخل العقيدة بل المدخل الأوسع هو أوضاعهم الاقتصادية وظروفهم المادية، موضحا أن مجلس النواب يحتاج إلى وقت كاف لمناقشة القانون والمصادقة عليه، ومن ثم إرساله إلى مجلس الأعيان قبل نهاية الدورة العادية الحالية للمجلس.
بدوره، قال الناشط الحقوقي المحامي حمادة أبو نجمة لـ"العربي الجديد": "يفضل دائما أن يكون العفو في أدنى حدوده، وأن يأخذ العدل والقضاء مجراه، داعيا إلى أن يركز العفو على حالات يحكمها الوضع الإنساني وألا يتم التوسع بالعفو، وعدم شمول جرائم القتل والاغتصاب وهتك العرض، والرشوة والاختلاس، وقطع الأعضاء والتشويه وإحداث العاهات، والذم والقدح والتحقير بالعفو".
وأضاف أن على الحكومة التأني في دراسة حيثيات مشروع القانون وعدم تهميش دور القضاء صمام الأمان لحقوق الوطن والمواطن وملجأ المظلوم للوصول إلى حقه وإنصافه، داعيا إلى استمزاج مختلف شرائح المواطنين وكافة مكونات المجتمع وهيئاته قبل الإقدام على أي خطوة بهذا الاتجاه وإقرار القانون.
وتابع قائلاً إنه في كل دول العالم يوجد عفو خاص، وليس عاما، وتجربة الأردن بعد إصدار أكثر من 12 قانون عفو عام تشير إلى أن الجرائم تتكرر من المجرمين ذاتهم، وفي ذلك ضياع لحقوق كثير من الناس، فقانون العفو العام يشجع أحيانا سجناء وموقوفين على تكرار أفعالهم، وهو أيضا وإن كان مفيدا للعديد من الأشخاص، فهو يضيع حقوق متضررين.
وأشار إلى أهمية تجنب الحكومة الضغوطات الفئوية وضغوطات النواب والأحزاب وأن يكون العفو مرتبطا بحالات خاصة، وعدم المسّ بأمن المجتمع وحقوق الأفراد.