الطلاب اللبنانيون في أوكرانيا متروكون لمصيرهم ولا خطط لمساعدتهم

25 فبراير 2022
يحاول الطلاب الذهاب إلى بولندا وغيرها من الدول التي فتحت حدودها لهم(ألكس نيكوديم/الأناضول)
+ الخط -

"وكأنّ قدرنا البقاء أسرى القلق والخوف على المصير"... لسان حال الطلاب اللبنانيين في أوكرانيا الذين باتوا بفعل الغزو الروسي محاصرين إمّا في منازلهم أو في الملاجئ أو مشرّدين في الحافلات والباصات والمترو، بحثاً عن بقعةِ أمانٍ ناضلوا كثيراً وتغرّبوا في سبيلها.

وبينما لم يجد الطلاب اللبنانيون في أوكرانيا سلطات بلادهم إلى جانبهم، كما خذلتهم إبان جائحة كورونا ووجّهت إليهم الضربة الأقوى في ظلّ أزمة الدولار، بادروا من جديد بمفردهم ومع الجالية اللبنانية إلى مساعدة بعضهم بعضاً والتعاون لتأمين الملاجئ والمنازل والباصات للراغبين في مغادرة الأراضي الأوكرانية.

ناتالي دياب، وهي طالبة طب سنة خامسة، تمكّنت، صباح اليوم، مع بعض زملائها من مغادرة كييف إلى مدينة لفيف، التي تقع غربي أوكرانيا، تمهيداً للذهاب باتجاه بولندا أو غيرها من الدول التي قرّرت فتح حدودها للطلاب اللبنانيين، عدا عن الراغبين في العودة إلى لبنان، وفق ما تقوله لـ"العربي الجديد".

تشير دياب، التي تعيش في أوكرانيا منذ ستّ سنوات، إلى "أننا انقسمنا إلى مجموعات، غادرت أمس مجموعة وستخرج الدفعات تباعاً في السيارات والباصات إلى مدينة لفيف، علماً أنّ الوضع فيها ليس أكثر أماناً، فالخطر قائم والخوف كبير طبعاً، ولكننا نحاول كسب الوقت للوصول إلى الحدود واتخاذ قرار وجهتنا التالية".

وتضيف: "الوضع صعب جداً والسفارة اللبنانية في أوكرانيا لا تتجاوب معنا، ولها سوابق كثيرة في هذا الإطار على صعيد كورونا، عندما لم تتحرك لمساعدتنا وتأمين عودتنا، وكذلك في أزمة الدولار. من هنا قررنا أن نواجه بأنفسنا ونتعاون، وكطلاب طب سنة خامسة وسادسة، ساعدنا على نقل طلاب السنتين الأولى والثانية إلى أماكن آمنة، كما تلقينا طبعاً المساعدة من الجالية اللبنانية ضمن قدراتها، علماً أنّ العامل المعنوي مهم أيضاً بالنسبة لنا، وهو ما لم نحظَ به لا من الدولة اللبنانية ولا من سفارتها".

وتلفت دياب إلى أنّ "الوضع اليوم متأزم جداً في كييف. نحن غادرنا عند الساعة السابعة صباحاً مع اشتداد القصف ونتابع أوضاع الطلاب القادرين على المغادرة، وطلبنا من جميع الطلاب النزول إلى الملاجئ".

قبل الغزو الروسي بأيام، غادر بعض الطلاب اللبنانيين إلى بلادهم، بيد أنّ هناك عدداً كبيراً من الطلاب بقي في أوكرانيا كي لا يخسروا عامهم الدراسي، ولا سيما أنّ الجامعات لم تقفل أبوابها سريعاً وبينها جامعات هدَّدت كل طالب يغادر بالطرد.

قررت ناتالي بدورها البقاء، وتقول لـ"العربي الجديد": "الأزمة الاقتصادية في لبنان لم تردعنا أو تدفعنا إلى اليأس، فاستمرّينا وبحثنا عن وظائف بالتزامن مع دراستنا بهدف الحصول على شهادتنا ولن نتوقف عند اقترابنا من آخر الطريق، من هنا قرّرنا البقاء، لا سيما أنّ الجامعات لم تقفل أبوابها إلّا قبل يومين".

من جهته، يقول رئيس الجالية اللبنانية في أوكرانيا علي شريم، لـ"العربي الجديد"، إنّ "عدد الطلاب اللبنانيين في أوكرانيا هو بين 900 وألف طالب، ونحن نحاول التواصل مع الجميع بهدف حمايتهم، وقد تم تأمين حوالي 12 سيارة لنقل الطلاب إلى لفيف، والدفعات ستذهب تباعاً. كما طلبنا من الطلاب النزول إلى الطوابق السفلية وأن لا يبقوا في مبانٍ عالية وأن ينزلوا إلى الملاجئ".

ويشير شريم، الذي يتحدث على وقع أصوات القصف والقذائف، إلى أنّ وضع الطلاب صعب جداً، وهناك انهيار في صفوفهم وخوف طبيعي، بينما الدولة اللبنانية وسفارتها في أوكرانيا خارج السمع واكتفت بإلغاء فحص الـPCR الخاص بكورونا لمن يرغب في العودة، لافتاً إلى أنّ معظم الطلاب موجودون في خاركوف وكييف ومدن أخرى مثل ودنيبرو.

في السياق، نفّذ عددٌ من أهالي الطلاب اللبنانيين في أوكرانيا، اليوم الجمعة، وقفة احتجاجية في ساحة عبد الحميد كرامي في طرابلس، شمال لبنان، طالبوا فيها المجتمع الدولي بالتحرّك وإنقاذ أولادهم بعدما لم يلمسوا أي جدية في تعاطي السلطات اللبنانية مع القضية.

وطالب الأهالي بإجلاء أولادهم فوراً في ظلّ الغزو الروسي لأوكرانيا. وقال فادي ملحم، المتحدث باسم الأهالي، إنّ السفير اللبناني في أوكرانيا لا يرد على الاتصالات، والطلاب تُركوا لمصيرهم يواجهون خطر الموت، وبعضهم ترك مدينة خاركوف حيث يدرسون وتوجّه مشياً على الأقدام لأكثر من 19 ساعة حتى الحدود معرّضين حياتهم للخطر في ظلّ القصف المتواصل.

وكانت وزارة الخارجية والمغتربين في لبنان قد دعت في بيان، أمس الخميس، جميع الرعايا اللبنانيين المقيمين في أوكرانيا إلى توخي أقصى درجات الحيطة والحذر والبقاء حالياً في أماكن آمنة.

وأكّدت أنها تتابع اتصالاتها السياسية مع جميع الدول المعنية والصديقة بما فيها دول الجوار لتأمين الممرات الآمنة وتسهيل مغادرة الرعايا اللبنانيين الراغبين بذلك وفقاً لتطور الحالة الأمنية.
 

المساهمون