لم تُصدّق الطفلة الفلسطينية سما أهل (15 عاماً)، أن القصف الإسرائيلي الذي طاول المبنى الذي تسكن فيه ومنطقتها والمناطق المجاورة على مدار 11 يوماً قد توقف، وأنّها ما زالت وأسرتها على قيد الحياة، بعدما واجهت العائلة الموت خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع.
لحظات مرعبة عاشتها سما وأسرتها، حين قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية برج السوسي السكني، جنوبي مدينة غزة، والعديد من الأماكن المُجاورة، وقد أصيبت شقيقتها تسنيم (17 عاماً) من جراء القصف.
أجواء الرعب هذه عاشتها الكثير من العائلات الغزية. إلا أن سما نجحت في تصوير بعض من مشاهد القصف الذي طاول العمارة التي تقطنها، وغيرها من الأهداف المدنية المجاورة. وزاد الخوف لدى سما وأهلها في ظل تكرار قصف إسرائيل العائلات وإبادتها، إلى درجة أن كل عائلة باتت تعتبر نفسها هدفاً تالياً.
تقول سما لـ "العربي الجديد": "لا يمكن لما حدث أن يكون حقيقياً. أحاط بنا القصف والخطر من كل مكان. كنا على قناعة بأننا سنموت جميعاً. في اليوم الأخير من شهر رمضان، والذي صادف اليوم الثالث للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كان القصف قد هدأ فجراً بعد ليلة طويلة وعنيفة. عند الساعة السادسة صباحاً، عاود الإسرائيليون القصف بشكل فجائي وعنيف جداً، فبدأت التصوير. وكنت سأتوقف لعدم قدرتي على حمل هاتفي في تلك اللحظات العصيبة، إلا أنني تمالكت نفسي وأردت إكمال توثيق هذه الجريمة بحق أهلي وأخواتي والمدنيين، حتى يتمكن العالم من رؤية ما حصل معنا، في حال استشهدنا كما كنا نعتقد".
وكانت عائلة سما تحتمي في الصالة، المكان الأكثر أماناً في المنزل. في اللحظة التي بدأت الطائرات الحربية استهداف مُحيط البرج، ذهب الوالد إلى الشرفة لطمأنة العائلة حول مكان القصف، فباغتته الطائرات الحربية بقصف أسفل البرج، وقد دفعته قوة القصف إلى الصالة مجدداً، وراح الجميع يتوجه نحو الأسفل.
وتقول سما: "حملت شقيقتي مِسك (7 أعوام)، ووصلت بصعوبة إلى الشارع. كان القصف قد قلب السيارات المركونة في الشارع رأساً على عقب، فيما أحاطت النيران بالمبنى".
تتابع سما: "بدأ والدي تنظيم حركة الناس من البرج إلى المناطق الأكثر أمناً، فيما اتجهنا مع والدتي إلى حائط وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا)، واحتمينا في حاوية قمامة كانت إلى جوار الحائط، من الشظايا والزجاج المتطاير".
وبقيت الأسرة بين حائط "أونروا" وحاوية القمامة، إلى أن وصلت سيارة إسعاف. تقول سما: "لم أشعر بالأمان حتى في داخل الإسعاف من شدة القصف. لكن حين وصلنا إلى المستشفى، خالطني شعور بالأمان والصدمة في آن".
وتقول مسك: "عشت لحظات مخيفة بسبب القصف العنيف. رأيت النار والزجاج المكسور. كما رأيت شقيقتي تسنيم وقد أصيبت في وجهها من جراء القصف". من جهتها، تقول تسنيم التي أصيبت من جراء القصف، لـ "العربي الجديد"، إنه تم قصف الشوارع المُحيطة بعمارتهم السكنية واستهداف العمارة ذاتها والتي تقطنها عشرات الأسر. وعلى الرغم من قوة القصف، فإن أول ما فكرت فيه هو سلامة أسرتها".
وطاول الخراب والتدمير الذي خلفته الطائرات الحربية الإسرائيلية، على مدار أيام العدوان، معظم مناطق قطاع غزة.