الطب التقليدي ينتشر في الصين لمواجهة كورونا

23 يناير 2023
يشتمل الطب التقليدي على ممارسات مختلفة يتم اللجوء إليها منذ آلاف السنين (Getty)
+ الخط -

يلجأ صينيون كثر إلى الطب التقليدي لمواجهة الموجة الراهنة من كوفيد - 19 في الصين، فيستخدمون كبسولات الأعشاب، أو المشروبات الساخنة العشبية، أو تقنيات كالوخز بالإبر، إذ إنهم يرفضون تلقي أدوية مركبة كيميائياً.

ويشتمل الطب التقليدي على ممارسات مختلفة يتم اللجوء إليها منذ آلاف السنين، بينها تناول أدوية عشبية ومعادن ومستخلصات حيوانية، بالإضافة إلى تقنيات، بينها التدليك والوخز بالإبر وحركات تاي تشي.

ويعتبر منتقدو هذا الطب، وهم كثيرون في الصين، أنّه علم زائف وغير فعّال، مؤكدين وجود دراسات علمية محدودة تثبت فعاليته المحتملة، إلا أنّ ملايين الأشخاص يعتمدونه في الصين، ويشيدون بعدم تسجيله آثاراً جانبية كالتي يعاني منها المريض بعد تناول الأدوية التقليدية المسمّاة "غربية" (تعب أو اضطرابات في الجهاز الهضمي أو في الغدد الصماء).

ويتشارك عدد كبير من الصينيين الذين يتولون معالجة أنفسهم، عبر مواقع التواصل، علاجات لجأوا إليها كالحقن أو التدليك أو الوخز بالإبر.

الصورة
كتاب قديم عن طب الأعشاب التقليدي الصيني (Getty)
كتاب قديم عن طب الأعشاب التقليدي الصيني (Getty)

وبعدما أصيب يو لي (38 عاماً)، وهو موظف في شركة استشارية في بكين، بالحمى خلال فترة إصابته بكوفيد-19، حضّر مشروباً ساخناً يُعرف بخصائصه كمضاد للالتهاب ويحتوي على القرفة الصينية وجذور الفاوانيا وعرق السوس والعناب والزنجبيل، موضحاً "انخفضت درجة حرارة جسمي خلال الليل بعدما تناولت المشروب".

الرئيس شي جين بينغ يروج باستمرار للطب الصيني التقليدي، فيما تثني السلطات على دوره في مواجهة كورونا

ويؤكد المدافعون عن الطب التقليدي، أنّ الأدوية الصينية تعمل بشكل أبطأ لتنظيم درجة حرارة الجسم وإخراج مسببات الأمراض عن طريق العرق أو البول أو البراز. ويقول يو لي: "غالباً ما يلجأ أفراد أسرتي إلى الطب الصيني التقليدي. نحن نفضله على الأدوية الغربية التي تعالج الأعراض ونادراً ما تعالج مصدر المشكلة".

ويتشارك عدد كبير من الصينيين الذين يتولون معالجة أنفسهم، عبر مواقع التواصل، علاجات لجأوا إليها كالحقن أو التدليك أو الوخز بالإبر.

 ويخز لي وين (68 عاماً)، وهو اختصاصي في تقنية الوخز بالإبر، نفسه ببعض الإبر لمواجهة الإنفلونزا التي أُصيب بها.

ويرى أنّ "الأدوية الصينية مفيدة في التعامل مع الفيروس، إلا أنها عاجزة عن التخلص منه".

الصورة
ممارس للطب الصيني التقليدي (Getty)
ممارس للطب الصيني التقليدي (Getty)

في حين تتناول داني (39 عاماً) المتحدرة من بكين مشروباً يحوي مستخلصات نباتية لمعالجة السعال، قائلة: "لا أتناول هذا المشروب لأنني لا أجد الأدوية الغربية" التي يعاني الصينيون أحياناً للعثور عليها في الصيدليات منذ الارتفاع الكبير في حالات كورونا، بل "لأنها فعّالة ومهدئة"، مضيفة "أحضّر حساء من الإجاص والماء الساخن بالليمون لتسكين آلام الحلق وللحصول على فيتامين سي أيضاً".

أما كاي يونغماو (70 عاماً)، فيتناول عقارين صينيين يتمتعان بخصائص مضادة للالتهابات، موضحاً "أحضّر مرق الكراث والثوم والزنجبيل لتسكين آلام الحلق"، مضيفاً "أستخدم النباتات منذ عقود لمعالجة نزلات البرد والسعال وأمراض الجهاز التنفسي. أستمر في ذلك لأنني راضٍ عن النتائج وغالباً ما تثني وسائل الإعلام على فوائدها".

شكوك حول فعالية الأدوية الصينية

وعادة ما تكون "الأدوية الصينية" عبارة عن مستخلصات مغلية يشربها المرضى استناداً إلى وصفة من طبيب متخصص. إلا أنّ عدداً كبيراً من الصينيين أصبحوا يشترون من الصيدليات عقاقير من دون حيازة وصفة طبية وتأتي بأشكال مماثلة لتلك الغربية (كبسولات، حبوب، مساحيق)، إلا أنّ صينيين كثر يظهرون عدم اقتناعهم بالوصفات التقليدية.

ورغم أن الرئيس شي جين بينغ يروج باستمرار للطب الصيني التقليدي، فيما تثني السلطات على دوره في مواجهة كورونا، لا يزال الطب الحديث إلى حد كبير الطريقة المفضلة لتلقي الرعاية الصحية في الصين.

توصي منظمة الصحة العالمية فقط بالعلاجات القائمة على العقاقير الكيميائية لمواجهة كوفيد-19

ويقول الأستاذ في علم الأوبئة لدى كلية الصحة العامة التابعة لجامعة هونغ كونغ بن كاولينغ: "لا نُدرك ما إذا كانت هذه العلاجات فعّالة لأنها لم تخضع لتجارب سريرية"، مضيفاً "لا أستبعد احتمال أن يحمل بعضها فعالية، لكنني لا أستبعد أيضاً احتمال أن يكون بعضها ضاراً".

وتوصي منظمة الصحة العالمية فقط بالعلاجات القائمة على العقاقير الكيميائية لمواجهة كوفيد-19، كما توصي في حديثها لـ"فرانس برس" بصورة مقتضبة الدول بـ"جمع إثباتات وبيانات موثوق بها في شأن الممارسات والمنتجات الخاصة بالطب التقليدي".

ورغم أن الطب الغربي مفضل إلى حد كبير من السكان والمستشفيات في الصين، فإنّ السلطات الصحية وخبراء طبيين يظهرون في وسائل الإعلام، يؤكدون باستمرار أنّ الطب التقليدي وذلك الغربي يمكنهما أن يلعبا "دوراً تكميلياً" لمعالجة الحمى وآلام المفاصل والسعال والتهاب الحلق.

وتقول غرايس هسيا (30 عاماً): "نحن الشباب لا نعرف سوى القليل عن الطب التقليدي، ونفضّل الأدوية الغربية لأن نتائجها سريعة".

في حين تضيف لي نا (36 عاماً) من جانبها "تناولت الباراسيتامول لمعالجة الحمى وكانت فعاليته سريعة جداً"، معتبرةً أنّ "الأدوية الصينية غير فعّالة، ومَن يلجأ إليها يتناولها بكميات كبيرة لطمأنة نفسه وإقناعها بأنه تناول علاجاً ما".

ويرى لان جيروي، وهو طبيب متخصص في الطب الصيني ببكين، أنّ الشكوك المحيطة بفعالية هذه العلاجات تعود أساساً إلى التطبيب الذاتي، مضيفاً "هو منطق الطب الغربي نفسه: ففي حال اشترى الشخص الدواء استناداً إلى وصفة طبية سيكون هذا العقار فعّالاً على الأرجح، أما إذا اشتراه المريض بصورة عشوائية من الصيدلية، فربما لن يحمل أي فعالية".

(فرانس برس)

المساهمون