إنه صراع يختلف عن كل الصراعات التي يؤججها الإنسان مع التنوع البيولوجي بشكل خاص، والطبيعة بشكل عام. يحاول الإنسان محو آثار ما اقترفت يداه، لكن الطبيعة التي تأذت منه أصبح جرحها عميقاً، وبحاجة إلى تضافر جهود جدي وقوي لشفائها.
لعل أخطر ما في الأمر هو حرق الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة، وينجم عنه ثاني أكسيد الكربون وباقي غازات الدفيئة التي تحتبس الحرارة في الغلاف الجوي حول الكرة الأرضية. لقد ساهم حرق الوقود الأحفوري والانبعاثات من وسائل النقل والأثر البيئي للزراعة في ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون إلى أعلى حد في عام 2022، إذ كانت المستويات قبل عصر الصناعة حوالي 280 جزءا في المليون. اليوم، نقترب من 420 جزءا في المليون. ويقول العلماء إن هذه أسرع وأكبر زيادة في ثاني أكسيد الكربون شهدها العالم على الإطلاق. تعمل دول العالم حالياً على إنتاج الكهرباء الخضراء من الطاقة الشمسية، ومزارع توربينات الهواء، ومن طاقة المد والجزر والموج، وطاقة النباتات وروث الحيوانات، ولعل الطاقة الشمسية في بلادنا هي الأكثر إنتشاراً، وهنالك لوحات شمسية ثنائية الوجه قادرة على إمتصاص أشعة الشمس من وجهها الأعلى وعلى إمتصاص ضوء الشمس من وجهها السفلي، وهي بذلك تنتج كهرباء أكثر من اللوحات التقليدية.
أما الطاقة الكهربائية المنتجة من الرياح فهي منتشرة في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، وهي أضعف نوعاً ما في البلاد العربية، وعلى الرغم من حاجة لبنان إلى هذه الطاقة من مزارع الهواء في عكار، والتي تمت دراسة تأثيرها على الطيور والخفافيش من عام 2011 حتى عام 2020، والمتوقع أن تنتج 20 في المائة من الكهرباء التي تحتاجها البلاد، قامت الشركات صاحبة المشروع ببيعه إلى شركات أخرى لأسباب قد تكون تجارية، ليعود الوضع إلى ما كان عليه قبل بدء العمل بالمشروع.
المهم هنا هو مجابهة تغير المناخ من خلال منتجات مبتكرة لا تؤدي إلى إنتاج ثاني أكسيد الكربون أو غيره من غازات الدفيئة. لذا فإن شركات عدة حول العالم بدأت بصناعة الكهرباء البيئية المكونة من منتوجات مراوح الهواء، وأضافت إليها الطاقة التي تأتت من اللوحات الشمسية، والطاقة التي تنتجها الشلالات الصغيرة في الأنهار، وطاقة أمواج والمد والجزر في البحار. كما عمدت بعض الشركات إلى خلط الطاقة المنتجة مع الطاقة النباتية والحيوانية، وتقضي الأخيرة بالاستفادة من روث الأبقار والحيوانات الكبيرة الأخرى. لكن طاقة حيوانية كهذه تم الاستغناء عنها لكونها لا تنتج سوى 1 في المائة من حاجة الإنسان إلى الكهرباء، وهناك من يرى أن من حسن الأخلاق عدم استخدام الطاقة الحيوانية.
أما الطاقة النباتية فهي ببساطة طاقة منتجة بدون إشراك الحيوانات، وتنجم غالباً عن الهضم اللاهوائي للمادة الخضراء الذي يعطي الغاز الحيوي، والذي يمكن استخدامه لتوليد الكهرباء، أو معالجته بشكل أكبر لصنع الميثان الحيوي، والذي بدوره يستخدم كغاز منزلي أخضر.
أما عن دور البحار والمحيطات، فقد وجدت دراسة أجريت في عام 2019 أنها امتصت 90 في المائة من الحرارة التي اكتسبها الكوكب بين عامي 1971 و2010، ووجدت دراسة أخرى أنها امتصت 20 سكستليون جول من الحرارة في عام 2020، أي ما يعادل قنبلتي هيروشيما.
ومع تطور العلم، تبين أن تلوث الهواء يقتل أكثر من 9 ملايين شخص سنوياً، وعليه سيتم التعامل مع النقاط الساخنة في جنوب آسيا وأفريقيا، وتطويرها لتحسين نوعية الهواء خلال السنوات القادمة. لكنْ هناك جانب إيجابي في الجسيمات الملوثة التي تسبب آثاراً صحية ضارة، فهي تعكس حرارة الشمس بدلاً من حبسها، وبذلك تمنع عن كوكبنا الاحتباس الحراري وارتفاع الحرارة.
(اختصاصي في علم الطيور البرية)