يسعى خريجو وطلاب المناطق المحررة، في الشمال السوري، للاعتراف بتعبهم في التحصيل الأكاديمي، وهو ما تحاول الجامعات ووزارة التربية الحرة تحقيقه عبر اتفاقيات مع جامعات تركية.
أزمة عدم الاعتراف بالشهادات هي الكبرى لدى الجامعات السورية العاملة في مناطق سيطرة المعارضة، شمال غربي البلاد، وهو ما أدى إلى لجوء عشرات آلاف الطلاب إلى الجامعات التركية، كما جامعات سورية أخرى في مناطق سيطرة النظام. وكخطوة أولى في طريق الحلّ سعت بعض هذه الجامعات إلى توقيع اتفاقيات تعاون مع جامعات تركية، كما افتتحت الحكومة التركية فروعاً لبعض الاختصاصات داخل الأراضي السورية المحررة.
أخيراً، وقّعت جامعة "الشام العالمية" التي تتخذ من مدينة أعزاز بريف حلب مركزاً لها، وقبلها جامعة "حلب الحرة" اتفاقين مع جامعة "ماردين أرتكلو" التركية الحكومية، بهدف تأمين الاعتراف بالخريجين من طلابهما، كي لا يضطروا للسفر إلى مناطق أخرى بحثاً عن جامعات معترف بها، وتسهيل دراستهم في الجامعات إن أرادوا المتابعة في الدراسات العليا. في هذا الإطار، يقول رئيس جامعة "الشام العالمية" عز الدين القدور لـ"العربي الجديد" إنّ الاتفاق الموقع مع جامعة "ماردين" نصّ على تبادل الخبرات بين الجامعتين وتنظيم مؤتمرات علمية وإجراء أبحاث مشتركة، بالإضافة إلى تنظيم دورات تدريبية عبر الإنترنت لطلاب جامعة "الشام العالمية" وهو ما سينعكس إيجاباً على الطلاب لناحية قبولهم في الدراسات العليا في جامعة "ماردين". ويؤكّد أنّ جميع الطلاب الذين يدرسون في أقسام جامعة "ماردين" سيستفيدون من هذا الاتفاق. ويشير إلى أنّ الاتفاق نصّ على إمكانية قبول خريجي جامعة "الشام العالمية" في برنامجي الماجستير والدكتوراه بجامعة "ماردين" وكذلك قبولهم في برنامج الدبلوم والإجازة إذا استوفوا الشروط المطلوبة. يتابع أنّ الجامعة تسعى لعقد اتفاقيات مماثلة مع جامعات تركية أخرى وجامعات خارج تركيا، بهدف تحصيل الاعتراف لطلاب الداخل السوري، وهو ما سيرفع من كفاءة العملية التعليمية في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.كذلك، اتفق الطرفان بحسب القدور، على تنظيم برامج تعارف، وتقديم دروس ودورات مختلفة من أجل تقوية طلاب جامعة "الشام العالمية" وقبولهم كضيوف في جامعة "ماردين" وافتتاح مراكز "تومر" (تعليم اللغة التركية) تابعة للجامعة التركية في الجامعة السورية التي ستنظم كذلك امتحانات تومر و"يوس" (امتحان القبول في الجامعات التركية).
في دوره، يقول أستاذ القانون الدولي في جامعة "ماردين" وسام الدين العكلة لـ"العربي الجديد" إنّ الهدف من برامج التوأمة هو التبادل الطلابي والبحثي، ورفع كفاءة الجامعات، والاتفاق الأخير يمنح أفضلية لطلاب جامعة "الشام العالمية" لإكمال دراستهم العليا في جامعة "ماردين" ويقدّم تسهيلات على مستوى السكن والخدمات. يضيف أنّ هذا الاتفاق ينعكس إيجاباً على مصلحة الطالب والأستاذ، ويعطي الجامعات الناشئة دفعة إلى الأمام، ويرفع مستوى تصنيفها إذ يتعلق التصنيف بالمنهاج التعليمي، والتعاون مع الجامعات على المستوى الدولي، ومستوى الكوادر التعليمية.
من جهتها، تقول وزيرة التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة هدى العبسي لـ"العربي الجديد" إنّ الاتفاق الذي وقعته جامعتا "الشام العالمية" و"حلب الحرة" مع جامعة "ماردين" جعل من شهادات هاتين الجامعتين معترفاً بها، وأصبح بإمكان الطلاب الخريجين متابعة دراستهم العليا في الجامعات التركية. وتشير إلى أنّ عدداً من خريجي الجامعتين قبلوا في جامعات تركية وهذا يعتبر إنجازاً للجامعات العاملة في مناطق سيطرة المعارضة. تتابع أنّ الوزارة تسعى إلى توقيع اتفاقيات مماثلة مع جامعات مختلفة، منها ثلاث جامعات إيطالية، تمّ الاتفاق معها على التعاون في مجالات عدة. وتؤكّد أنّ هذه الخطوة ستوفر على طلاب الشمال السوري عناء السفر والبحث عن الجامعات المعتمدة، وسيستفيد منها جميع الطلاب الذين يرغبون بمتابعة تحصيلهم العلمي.
وتعرّف جامعة "الشام العالمية" عن نفسها بأنّها جامعة مستقلة مرخصة من قبل وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة، وفيها خمس كليات هي الهندسة بأقسامها كافة والعلوم السياسية وكلية التربية والشريعة والقانون والاقتصاد والإدارة، ويدرس فيها نحو 1300 طالب في مرحلة الإجازة و300 في الدراسات العليا، ويشرف عليها نحو 65 من حملة درجتي الدكتوراه والماجستير.
وكانت جامعة "حلب الحرة" وقّعت في يناير/ كانون الثاني الماضي اتفاقاً مماثلاً مع جامعة "ماردين" أشارت إليه "العربي الجديد" في حينه، وتركّز على ثلاث نقاط رئيسية، أولاها مرحلة الدراسات العليا عبر استقطاب خريجين من جامعة "حلب الحرة" لدراسة الماجستير في جامعة "ماردين"، وتبادل الخبرات العلمية وإقامة ورشات عمل ومؤتمرات علمية، وآخرها يرتبط بمرحلة الإجازة الجامعية عبر افتتاح مراكز لتعليم اللغة التركية ومنهاج "يوس" في الداخل السوري.
وفي مطلع فبراير/ شباط الجاري قررت الحكومة التركية، افتتاح كلية طبية ومعهد عالٍ للعلوم الصحية في بلدة الراعي الخاضعة لسيطرة فصائل الجيش الوطني السوري المعارض في شمال شرقي حلب. وبحسب القرار الذي نشر في الجريدة الرسمية التركية، فإنّ الكلية والمعهد سيتبعان جامعة العلوم الصحية في إسطنبول. وعلى خلفية ذلك، أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين في حكومة النظام، عن رفضها القرار التركي، واعتبرت أن ذلك يشكل عملاً خطيراً وخرقاً فاضحاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، بحسب تعبيرها.