السويداء: جمعيات خيرية تدفع رواتب الموظفين بعد فشل النظام

31 يوليو 2023
موظفو النظام السوري يحصلون على أجورهم من المجتمع المدني (Getty)
+ الخط -

قررت جمعية بلدة شقا الخيرية، إحدى أهم الجمعيات الأهلية في محافظة السويداء جنوبي سورية، منح موظفي الخدمات العامة في عدد من القرى والبلدات رواتب شهرية بعدما تخلى النظام السوري عن دوره في هذا الشأن، وترك الموظفين بين خيار الفساد أو الاستقالة بلا الحصول على تعويضات.

وكانت الجمعية صرفت طوال أشهر مكافآت لعمال مصلحة المياه من أجل تعويض تردي أوضاعهم المعيشية، ثم خصصت رواتب شهرية لهم، وأيضاً لموظفي عمال النظافة في البلدية.

وقال أحد سكان البلدة لـ"العربي الجديد": "بدأت حكاية المساعدات المالية لموظفي مصلحة المياه بعدما كثرت حالات الرشاوى الفردية على حساب مصلحة الناس، ما كرّس واقع أن المياه تتوفر لمن يستطيعون الدفع، في حين يموت الفقراء عطشاً. وجرى التعاون مع مغتربين لتوفير رواتب لهؤلاء الموظفين وحراس الآبار وعمال البلدية من أجل سد فجوة عدم تجاوز رواتبهم الشهرية مائة ألف ليرة (أقل من 10 دولارات حالياً)، ما جعلهم يعتمدون على مساعدات أو رشاوى كي يعيشوا. وخلق ذلك حالة من الغضب والاستياء والمشاكل بين الموظفين والأهالي".

واطلعت "العربي الجديد" على مبادرة أطلقتها جمعية قرية الجنينة التي فتحت باب التبرع لصالح موظفي شبكة المياه وعمال النظافة.

وذكر أحد الأهالي لـ"العربي الجديد" أن "حل تقديم أموال للموظفين والعمال مؤقت بعدما تخلى النظام السوري عن تقديم أي مبالغ تتعلق بالخدمات العامة، واعتمد كلياً على مساهمات المجتمع، وترك بالتالي الموظفين أمام خيارات مفتوحة في التسوّل أو الحصول على رشاوى أو التخلي عن وظائفهم قسراً، في حين بات السكان لا يملكون إلا خيار إصلاح الأعطال، والحفاظ على العمال كي تستمر الحياة في حدها الأدنى".

قال الناشط المدني منيف رشيد لـ"العربي الجديد": "بعدما تأكد السوريون من أن استعراضات النظام وأجهزته لا تطعم خبزاً، ولا تحل مشكلة الأجور والرواتب، ولا تقف في وجه الانهيار الاقتصادي، ساروا في درب الحلول السهلة لتجنب توقيف الخدمات، ودفعوا رواتب الموظفين من جيوبهم. وما تقوم به جمعيات أهلية ومبادرات مجتمعية نوع من الإذلال، لكنه أمر متوقع بعدما وصلت مؤسسات الدولة إلى الإفلاس والعجز عن تقديم أي شيء سوى تحصيل الضرائب، بينما ينخر الفساد المؤسسات الخدماتية من المياه والهاتف والنقل والتموين وغيرها، ويترك العمال الذين تقع المهام الحقيقية على عاتقهم لمواجهة مصيرهم".

أضاف: "يوشك الوضع الخدماتي للصحة والتعليم على الانهيار التام، في وقت تصرّ حكومة النظام على أن الخدمات مجانية، ويجب الحفاظ عليها، في رسالة ضمنية تفيد بأن السكان والمغتربين يجب أن يواصلوا دفع ضرائب استمرار هذه المؤسسات من جيوبهم".

واعتبر الإعلامي حمزة المعروفي أن "تنفيذ المجتمع المدني مهام الدولة ومؤسساتها، خصوصاً على صعيد توفير رواتب موظفي المؤسسات الخدماتية، ذات وجهين، الأول إيجابي عبر تعزيز الإحساس العام بالمسؤولية تجاه الموظفين محدودي الدخل الذين لا يُجيد معظمهم مهنة تغنيهم عن وظائفهم، وتمسك المجتمع بالرغبة في تسيير عمل المرافق العامة التي تخدمه. أما الوجه السلبي والخطير فيكمن في تشجيع الدولة ومؤسساتها على التخلي عن واجباتها تجاه المواطنين، والمساهمة في تعزيز الفساد بشكل أكبر من الموجود".

أضاف: "جعلت الحرب في سورية جزءاً كبيراً من المواطنين ميسوري الحال في الداخل والخارج يساندون أولئك المحتاجين لمساعدتهم، خاصة بعد انهيار العملة المحلية والتضخم، لكن السؤال المطروح إلى متى سيبقى هؤلاء قادرين كمجتمع مدني على المساعدة مادياً في ظل تصاعد الأزمة الاقتصادية، وهل هذا حل فعلي لتلافي العجز؟

وقبل أيام، أطلق أهالي مدينة صلخد، جنوبي محافظة السويداء، مبادرة لدعم العملية التعليمية وتجهيز الطلاب بقرطاسية ولباس بمبلغ 130 مليون ليرة سورية (11,000 دولار). وهذا أمر يتكرر منذ سنوات في السويداء، لكن الجديد أن القائمين على المبادرة يدرسون جدّياً تخصيص رواتب للمدرسين كي يستمروا في التعليم.

وفي ظل هذه الحال، هل تتحول محافظة السويداء إلى أول مكان يشهد دفع السكان رواتب الموظفين بدلاً من حكومة النظام السوري التي تشجع هذه المبادرات وتثني عليها من دون أن تقدم شيئاً في المقابل؟

المساهمون