تقترب مستويات الفقر في سورية من 90 في المائة في الوقت الحالي مع وجود 12 مليون مهجّر ونازح، وفق ما ذكر المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون في إحاطته التي قدمها إلى مجلس الأمن مساء الأربعاء، ما يعكس عمق الأزمة الإنسانية التي يعاني منها السوريون، وخاصة النازحين منهم.
وأعرب بيدرسون عن قلقه من تطوّرات الوضع الحالي في سورية، مطالباً بوقف إطلاق النار على الصعيد الوطني، والالتزام بالقانون الدولي الإنساني لحماية المدنيين والبنية التحتية، لافتاً إلى ضرورة تبنّي "دبلوماسية سورية بنّاءة" للمساعدة في إنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة وتعزيز الاستقرار.
بدوره، أكّد وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث أنّ الأزمة السورية لا تزال تتفاقم وذلك بعد عقد على النزاع، و"الحياة صعبة للغاية بالنسبة للملايين، وتزداد صعوبة بالنسبة للكثيرين". ولفت إلى أنّ هناك عنفا متواصلا ضدّ المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال، مع تصاعد الهجمات الأمنية في أنحاء سورية خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول، وقال: "في الأسبوع الماضي وحده، أفادت الأنباء بأن هجوماً في أريحا بمحافظة إدلب أدّى إلى مقتل 11 مدنياً وإصابة أكثر من 30 شخصاً، بمن فيهم أطفال المدارس، كما تضرّر سوق يدعمه مشروع تابع للأمم المتحدة".
بالإضافة إلى أزمة الجوع والفقر، هناك أزمة مياه، مع ارتفاع معدل الإصابات بفيروس كورونا، وفقاً لغريفيث، الذي أشار إلى أنّ هناك ارتفاعا في أعداد المصابين بكوفيد-19، ووحدات العناية المركزة تعمل بكامل طاقتها الاستيعابية، فيما معدلات التطعيم لا تزال أقل من 2 بالمائة. وأضاف أنّ "السوريين سيواجهون شتاءً قارساً، وسيؤدي هطول الأمطار والبرد إلى تفاقم المصاعب التي يواجهها الملايين".
وركّز غريفيث على الأوضاع الصعبة التي يعيشها النازحون في المخيمات شمالي سورية، حيث قال: "يعيش ما يقرب من مليوني شخص في الشمال الغربي، معظمهم من النساء والأطفال، في مخيمات، غالباً في ملاجئ مكتظّة ومتهاوية، أو في وديان تغمرها المياه، أو على سفوح التلال الصخرية المعرّضة للعوامل الجوية".
وأضاف: "نحن بحاجة إلى حقنة عاجلة من المساعدات المنقذة للحياة، خاصة أنّ السوريين يستعدّون لفصل الشتاء".
يقول الناشط الإعلامي حسام الجبلاوي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "وضع الأمن الغذائي سيئ للغاية في مناطق سيطرة النظام السوري. وحوالي 80 بالمائة من سكّان مدينة اللاذقية يفتقدون تماماً للأمن الغذائي، مع تجاوز نسبة المصابين بسوء التغذية 70 بالمائة في الوقت الحالي". وأضاف أنّ "العائلات تعتمد على الوجبات ذات التكلفة المنخفضة من دون الاكتراث للقيمة الغذائية أو لنوعها، لسدّ الرمق لا أكثر، وتخطي الجوع".
وفي مناطق شمال غربي سورية، تزداد الأزمة سوءاً مع فصل الشتاء، بعد أن خفض برنامج الأغذية العالمي للمرة الثالثة من قيمة الحصة الغذائية التي تُمنح للنازحين. وجاء التخفيض في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، ما زاد من الأعباء والضغوطات المعيشية التي يعاني منها نازحو المخيمات.
وحذّر فريق "منسقو استجابة سورية" من كون التخفيض الأخير لا يتناسب من تقييم الاحتياجات الإنسانية في المنطقة، مشدداً على أنّ "أي تخفيض جديد قد يؤدي إلى مجاعة من غير الممكن السيطرة عليها".
من جانبها، قالت منيرفا الباروكي، منسّقة الأمانة العامة للمؤتمر الوطني السوري، إنّ المشاكل اليومية للمواطنين في سورية اليوم هي "من أسوأ ما تعرفه المنطقة، سواء أكان ذلك في الدخل الشهري للعائلة أم توفر الأساسيات، كالماء والكهرباء والغذاء والدواء".
ولا تزال سورية في صدارة الدول الأشد فقراً في العالم، وفقاً لموقع "World by map"، الأمر الذي ينعكس على أزمة الجوع التي يعيشها السوريون على امتداد جغرافية البلاد، مع وجود 82 بالمائة منهم، وفقاً لإحصائيات الموقع، تحت خط الفقر.