السورية صبحية الحمود: 5 أعوام من النزوح المتكرر وسط مصير مجهول

السورية صبحية الحمود: 5 أعوام من النزوح المتكرر وسط مصير مجهول

12 أكتوبر 2023
صبحية في مركز لإيواء النازحين قرب مدينة الدانا شمالي محافظة إدلب (العربي الجديد)
+ الخط -

رحلة طويلة وشاقّة من النزوح المتكرر عاشتها السورية صبحية الحمود، من جنوب شرق إدلب إلى شمالها. أكثر من خمسة أعوام من التهجير والبعد عن الديار، اضطرت خلالها إلى مغادرة منزلها جنوبي إدلب تحت وابل القصف لتبدأ معاناة مريرة، آخر محطاتها كانت بسبب التصعيد الأخير للنظام السوري وروسيا على إدلب وشمال غربي سورية.

في مركز لإيواء النازحين قرب مدينة الدانا شمالي محافظة إدلب، غربي سورية، وعند الحدود السورية التركية، التقت "العربي الجديد" الأربعينية صبحية الحمود، وهي من بلدة سنجار جنوب شرقي إدلب، التي هُجّر معظم سكانها مع سكان عشرات القرى في محيطها بين نهاية العام 2017 وبداية العام 2018، إثر هجوم للنظام وحلفائه على قراهم فيما عرف حينها بمعارك شرق سكة الحجاز التي تمر من المحافظة.  

محطات متعددة من النزوح عاشتها صبحية رفقة عائلتها، آخرها كانت مع حملة التصعيد الأخيرة على إدلب، حين غادرت مخيما للنازحين قرب مدينة دارة عزة بريف حلب الغربي، إلى مركز للإيواء قرب مدينة الدانا شمالي إدلب، بعد أن استهدف النظام دارة عزة ومحيطها بقصف مركز دفع الكثيرين إلى النزوح.  

ودفعت الحملة الأخيرة، على منطقة خفض التصعيد "إدلب ومحيطها"، والتي تضم إلى جانب محافظة إدلب، أجزاء من ريف حلب الغربي والجنوبي وحماة الشمالي والغربي وجيبا صغيرا في ريف اللاذقية الشرقي، حوالي 79 ألف مدني إلى النزوح من منازلهم ومخيماتهم، بحسب منظمات محلية، ومعظم هؤلاء عاشوا مرارة النزوح مرات متعددة، كما هو الحال بالنسبة لصبحية.  

مركز الإيواء الذي تقيم فيه صبحية الحمود اليوم، يفتقد أدى مقومات المعيشة. منزلها الحالي مع أولادها عبارة عن خيمة، تفتقد الكهرباء والمياه والصرف الصحي ودورة المياه، لكنها تروي لحظات الرعب والخوف بسبب القصف والاستهداف قبل وصولهم إلى مركز الإيواء.  

تقول الأربعينية لـ "العربي الجديد"، إنها ذاقت مرارة وتعباً وقهراً خلال الأعوام الماضية، لكنها تصف لحظات القصف على مدينة دارة عزة التي كانت تقطن في أحد المخيمات القريبة منها مؤخرا، بأنها صادمة للغاية.

تضيف: "خفت على أولادي، عندما باغتنا القصف، لم أكن أعرف أين أذهب بهم، هربنا سيراً على الأقدام تحت جنح الليل لنبتعد عن القصف، بعدها أخذتنا سيارة مارة إلى قرب مدينة الدانا، وقضينا ليلتنا الأولى في العراء، لكن منظمة استجابت لنا ونقلتنا إلى مركز الإيواء هذا، غير أن القصف لاحقنا إلى هنا".  

تعرضت مدينة الدانا ومحيطها، بما في ذلك مناطق تضم مخيمات للنازحين للقصف في الحملة الأخيرة، التي شنها النظام وحلفاؤه بعد حادثة التفجير الذي طاول الكلية الحربية في حمص وقضى فيه عشرات الضباط الجدد، إذ اتهم النظام المعارضة بالوقوف وراء التفجير، غير أن الهجوم لا يزال غامضا ولم يثبت ضلوع فصائل المعارضة فيه، ولا سيما أن حمص لا تضم أي فصائل للمعارضة.  

 من سنجار، حيث بلدتها ومنزلها، خرجت صبحية مع أطفالها الستة مع نهاية عام 2017، نزحت إلى سراقب بريف إدلب الأوسط، ثم إلى مدينة إدلب مركز المحافظة، ثم مدينة سرمدا شمالي المحافظة، ثم إلى مخيم للنازحين على أطراف مدينة دارة عزة بريف حلب الجنوبي القريب من إدلب، قبل أن تحط رحالها في مخيم الإيواء الحالي، لكنها لا تعرف ما هي الوجهة القادمة.  

تقطن صبحية الآن داخل خيمة متواضعة دون أي مقومات، ويزيد من الصعوبة، أنها خرجت مع أطفالها دون أي ملابس أو مؤونة بسبب الخوف والهلع تحت القصف، ولم تتسلم من المنظمات الإغاثية حتى الآن سوى بطانيتين وسلتي طوارئ، وتناشد المنظمات المحلية بالوقوف على حالتها هي وأطفالها، ومعهم عشرات الآلاف من النازحين الذين غادروا أماكنهم بسبب الحملة الأخيرة.  

وكانت منظمة "الدفاع المدني السوري" (الخوذ البيضاء) قد وثقت مقتل 46 مدنياً، من بينهم 9 نساء و13 طفلاً، وإصابة 213 مدنياً، جراء تصعيد الهجمات الجوية والمدفعية والصاروخية الممنهجة من قبل نظام الأسد وروسيا في منطقة شمال غربي سورية، وكل تلك الهجمات أدت إلى موجة نزوح كبيرة.  

من جهته، قال فريق "منسقو استجابة سورية"، في تقرير عن أوضاع النازحين في المخيمات مع اقتراب فصل الشتاء، إنّ "مناطق شمال غربي سورية تشهد خلال الفترات الأخيرة زيادة كبيرة في الاحتياجات الإنسانية للمدنيين في المنطقة، بالتزامن مع اقتراب فصل الشتاء وارتفاع أعداد المحتاجين للمساعدات الإنسانية إلى أكثر من 4.1 ملايين نسمة يشكل 85% منهم من القاطنين ضمن المخيمات، إضافة إلى الارتفاع المستمر في أسعار المواد والسلع الأساسية في المنطقة، يضاف إليها تزايد معدلات البطالة بين المدنيين بنسب مرتفعة للغاية وصلت إلى 85% بشكل وسطي (مع اعتبار أن عمال المياومة ضمن الفئات المذكورة).  

وطالب الفريق "كل المنظمات والهيئات الإنسانية، المساهمة الفعالة بتأمين احتياجات الشتاء للنازحين ضمن المخيمات بشكل عام، والعمل على توفير الخدمات اللازمة للفئات الأشد ضعفاً"، كما "حث المنظمات بالعمل على إصلاح الأضرار السابقة، ضمن تلك المخيمات وإصلاح شبكات الصرف الصحي والمطري، وتأمين العوازل الضرورية لمنع دخول مياه الأمطار إلى داخل الخيام والعمل على رصف الطرقات ضمن المخيمات والتجمعات الحديثة والقديمة بشكل عام".  

 

المساهمون