السمنة في الصين... ارتفاع النسب بسبب الحياة المستقرة

19 أكتوبر 2023
قد تتحوّل السمنة إلى عبء كبير على الاقتصاد الصيني (فريد دوفور/ فرانس برس)
+ الخط -

أظهرت دراسة حديثة بعنوان "انتشار السمنة والمضاعفات المرتبطة بها في الصين" أن نحو 35 في المائة من 15.8 مليون بالغ يعانون من زيادة الوزن. وأوردت الدراسة التي نشرتها وسائل إعلام رسمية أنه "جرى تشخيص معاناة ما نسبته 14 في المائة ممن شملهم البحث من السمنة المفرطة". 
ويثير موضوع السمنة نقاشاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي في الصين، حيث يدعو نشطاء إلى التركيز على أنماط الحياة الصحية، وتقليل الاعتماد على الوجبات السريعة. 
وكشفت الدراسة التي أعدتها مجلة "السكري والسمنة والتمثيل الغذائي" المتخصصة، أن زيادة الوزن والسمنة كانت أكثر انتشاراً بين الذكور مقارنة بالإناث، إذ عانى 41 في المائة من المشاركين الذكور من زيادة الوزن. كما بلغ معدل انتشار الزيادة ذروته بين سني 50 و54 لدى الذكور، و65 و69 لدى الإناث

قضايا وناس
التحديثات الحية

أيضاً كان عدد الأفراد الذين يعانون من السمنة المفرطة في شمال البلاد أعلى من الجنوب. وعاد ذلك إلى العادات الغذائية، فمعظم سكان شمال الصين يفضّلون تناول الأطباق التي تحتوي على دقيق، بينما يأكل الناس الأرز في الجنوب. 
وإلى العادات الغذائية، هناك عامل المناخ، ففي الشمال يصبح الناس بسبب برودة الطقس مقارنة بالجنوب أكثر استعداداً لتناول الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية لمقاومة البرد. 
أيضاً، أصبحت حالات زيادة الوزن أو السمنة أحد التحديات الخطرة التي يواجهها الشبان، خاصة المراهقين، إذ تشير تقارير إلى أن نحو 30 مليون مراهق يعانون من زيادة في الوزن أو السمنة في الصين.
يقول ليو جيان، وهو والد شاب يعاني من السمنة، لـ"العربي الجديد": "يبلغ ابني 22 عاماً، ووصل وزنه إلى 123 كيلوغراماً، ما يؤثر في مظهره وحركته وتفاعله مع الآخرين. وحاولت مرات أن أحثّه على اتباع نظام غذائي صحي، لكنه لم يهتم بالنصائح حتى وصل إلى مرحلة عدم إمكان السيطرة على زيادة وزنه، فبتنا نفكّر في الإجراء الجراحي لإنقاص وزنه، لكننا مترددون بسبب خطورة الجراحة على صحته". 
وعن نمط حياة ابنه وعاداته اليومية، يقول ليو: "يدمن ابني ألعاب الفيديو، ويبقى أمام شاشة الكمبيوتر أو الهاتف الخليوي حتى وقت متأخر ليلاً، وأثناء ذلك لا يتوقف عن تناول الطعام الذي يكون غالباً وجبات سريعة، مثل الهامبرغر والنودلز وشرائح البيتزا. ومع تزايد وزن ابني تغيّرت ملامحه تماماً، خاصة عند منطقة الجفن، حيث غابت عيناه وراء كتل دهنية سميكة، ما جعله يتعرض لتنمّر من زملائه، كما لاحظنا خلال الفترة الأخيرة معاناته من الاكتئاب والرغبة في العزلة بسبب هذا الأمر".

الصورة
انتشار كبير للسمنة بين مراهقي الصين (Getty)
انتشار كبير للسمنة بين مراهقي الصين (Getty)

وتقول أخصائية التغذية في المركز الصيني للصحة العامة بالعاصمة بكين، لي وان يونغ لـ"العربي الجديد": "الوقاية من السمنة ومكافحتها باعتبارها أحد الأسباب الرئيسة للعديد من الأمراض المزمنة، ذات أهمية كبيرة لبناء صين صحية". 
وتضيف: "لا شك في أن السمنة جلبت عبئاً كبيراً على الاقتصاد خصوصاً في الدول النامية، وأصبحت مشكلة صحية عامة في الصين، حيث تشير تقديرات إلى أن الإنفاق الصحي المتعلق بالسمنة في الصين سيزيد بنحو 22 في المائة من إجمالي الإنفاق الطبي الوطني بحلول عام 2030. ويتمثل الخطر الأكبر للظاهرة في الاكتئاب والشعور بالدونية، علماً أن نحو 8 في المائة من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و18 عاماً يتعرّضون لخطر الإصابة بالاكتئاب، بينما يعاني 5 في المائة منهم من قلق شديد". 
وتتحدث أيضاً عن خطر عمليات إنقاص الوزن التي انتشرت بكثرة خلال السنوات الماضية، وتقول: "بلغ متوسط عدد المرضى الذين خضعوا لجراحة فقدان الوزن في الصين 10 آلاف خلال ثلاث سنوات فقط. وخلال العام الماضي وحده وصل العدد إلى 20 ألفاً. وعمليات إنقاص الوزن تفتقر إلى الجودة، لذا هناك حاجة إلى تقديم مساعدة ودعم للمرضى الذين يعانون من السمنة المفرطة من أجل حثهم على فقدان الوزن بشكل طبيعي، وليس عبر التدخل الجراحي الذي قد تكون له أعراض جانبية تؤثر في صحة القلب والأوعية الدموية".

من جهته، يقول الطبيب في مستشفى بكين التخصصي، جو يانغ، لـ"العربي الجديد": "حصل تقدم كبير في تطوير أدوية إنقاص الوزن خلال السنوات الأخيرة، ولم ينحصر ذلك في إطلاق أدوية ناجحة خضعت لأبحاث سريرية مبكرة، إذ أجريت أبحاث طويلة المدى حول حماية القلب والصحة العامة للمرضى". 
يتابع: "اعتمد تطوير جراحة فقدان الوزن على توسيع الموارد الطبية العالية الجودة، وتحسين قدرات التشخيص والعلاج التخصصي السريري. وفي الصين جرى توحيد معدلات انتشار زيادة الوزن، بحسب الفئة العمرية والجنس، والدولة تدرك مدى خطورة السمنة، لذا اتخذت تدابير عدة لمعالجة الاتجاه المتزايد للظاهرة". 
وفي يوليو/ تموز الماضي، أصدرت الحكومة إشعاراً بشأن تحسّن خدمات الصحة العامة الأساسية في الصين، شددت فيه على توسيع الخدمات الصحية لبناء مجتمع سليم، وعلى أهمية الوقاية من زيادة الوزن لدى شرائح مختلفة من المجتمع. 
وعام 2020 حددت السلطات الصينية هدف خفض متوسط معدلات النمو السنوي للسمنة بنسبة 70 في المائة خلال السنوات العشر المقبلة.

المساهمون