قرّرت محكمة جنايات القاهرة المصرية، اليوم الخميس، معاقبة 16 متهماً بالسجن المشدد لمدة 5 سنوات، يتصدرهم رجل الأعمال حسن راتب، و5 آخرين بالسجن لمدة 10 سنوات، أبرزهم النائب البرلماني السابق علاء حسانين، مع توقيع غرامة مالية مقدارها مليون جنيه على كل منهم، على خلفية اتهامهم بالاتجار بالآثار، وتمويل عمليات التنقيب عنها في منطقة مصر القديمة بالقاهرة، وحيازة كمية كبيرة من الآثار التي تعود إلى عصور مختلفة، تمهيداً لبيعها وتهريبها خارج البلاد.
وأُلقي القبض على راتب في 28 يونيو/حزيران 2021، تنفيذاً لقرار النيابة العامة بضبطه، بعدما كشفت تحقيقاتها مع النائب البرلماني السابق علاء حسانين أنه متهم بتمويل الأخير مادياً في عمليات التنقيب عن الآثار، وهو ما أكدته اعترافات شقيق حسانين بشأن توفير رجل الأعمال المعدات المستخدمة في عمليات البحث والتنقيب، وتربّحه ملايين الجنيهات، مستغلاً امتلاكه جنسية أجنبية لتهريب الآثار وبيعها في الخارج.
وخلصت تحقيقات النيابة إلى تمويل راتب التشكيل العصابي، الذي يتزعمه حسانين، بمبلغ 50 مليون جنيه على مدار 5 سنوات للتنقيب عن الآثار، وإتلاف الأخير بعض الآثار عمداً بفصل جزء منها، واشتراكه مع مجهول بطريق الاتفاق في تزييف آثار بقصد الاحتيال، وكذا اشتراكه مع الأول في ارتكاب جريمة إجراء أعمال حفر في أربعة مواقع بقصد الحصول على الآثار من دون ترخيص، والاتجار فيها.
وأفاد راتب في التحقيقات بأن الآثار محل الاتهام خرجت من مصر بمعرفة جهات رسمية، ودخل البعض منها إلى دولة الإمارات العربية المتحدة بمعرفة جهات سيادية في الدولة المصرية، وأن دوره لم يكن أكثر من مجرد وسيط. واعتبر راتب نفسه ضحية لخلافات أكبر منه، بين مسؤولين بارزين في الدولتين، في إشارة إلى مصر والإمارات.
وأواخر العام الماضي، سارعت الإمارات إلى ترحيل سفيرها في القاهرة، حمد سعيد الشامسي، عقب ورود اسمه رسمياً في تحقيقات النيابة المصرية بشأن القضية، علماً بأن هناك مسؤولاً آخر في سفارة الإمارات بالقاهرة سُحب من جانب دولته أيضاً، بالإضافة إلى إماراتيَّين اثنين آخرين، أحدهما رجل أعمال معروف.
يذكر أن الشرطة المصرية ضبطت المتهمين في القضية، وبحوزتهم 201 قطعة أثرية، منها لوحان خشبيان لتابوت منقوش باللغة الهيروغليفية، ومجموعة من التمائم تمثل آلهة مختلفة، ومجموعة أخرى من التمائم، و3 قطع حجرية مدون عليها نقوش فرعونية. وتضمنت الآثار المضبوطة مائدة قرابين حجرية، وطبقين من البازلت أسود اللون، و4 فازات (مزهريات) مختلفة الأحجام، وإناءً من الألباستر، و24 قطعة من الأواني مختلفة الأشكال والأحجام.
وراتب يستحوذ على مجموعة مهمة من الاستثمارات في محافظة شمال سيناء، منها: جامعة سيناء، ومصنع سيناء للإسمنت الأبيض، ومجموعة "سما سيناء" للاستثمار، ومؤسسة سيناء للتنمية. وامتلك قناة "المحور" الفضائية لسنوات طويلة، قبل إجبار النظام له على بيع 50% من أسهمها لعضو مجلس الشيوخ عن حزب "مستقبل وطن" محمد منظور، و38% لشركة إعلامية مملوكة للمخابرات العامة، و12% للشركة المصرية للأقمار الصناعية (نايل سات).
وأصدرت محكمة القاهرة الاقتصادية قراراً بالتحفظ على أموال راتب في 8 سبتمبر/أيلول الماضي، ومنعه مؤقتاً من التصرف فيها، سواء أكانت أموالاً نقدية أم سائلة أم منقولة أم أسهماً أم سندات أم صكوكاً أم خزائن أم ودائع مملوكة له ولأسرته في البنوك العاملة داخل مصر. وشمل القرار منع راتب من التصرف في أمواله العقارية الشخصية بالبيع أو التنازل أو الرهن، أو ترتيب أي حقوق شخصية أو عينية عليها بجميع البنوك.