الزلزال يغلق العشرات من مدارس إدلب

06 مارس 2023
تضررت الكثير من المدارس نتيجة الزلزال (بكر القاسم/فرانس برس)
+ الخط -

يتأمل أبو أحمد الحلبي المقيم في مدينة حارم، جدران المدرسة المتصدعة القريبة من بيته، ويقول إنه ينبغي له مراجعة جميع حساباته، بعد أن غيّر الزلزال نمط حياته بالكامل.
يضيف الحلبي لـ"العربي الجديد": "أقمت بهذا المكان بسبب قربه من مدرسة أطفالي. لم يتأثر منزلي بالزلزال، لكن المدرسة أصبحت خارج الخدمة بعد تصدعها، ما يعني أن عليّ البحث عن مدرسة أخرى، لتبدأ مشقة نقل أطفالي من المدرسة الجديدة وإليها، وهو أمر قد يعطل أعمالي، لكنه الأنسب، لأن خيار البحث عن منزل آخر ليس متاحاً، فغالبية أهل المدينة بحاجة إلى منازل، ما يجعل العثور على منزل غير متضرر من المهام الصعبة".
وأوقفت وزارة التربية التابعة لـ"حكومة الإنقاذ" الدوام لعدة أيام حتى تجري فحوصاً هندسية على المدارس كافة، وتستبعد المدارس الخطرة، كما وضعت خطة جديدة لاستئناف التعليم، وأحصت الوزارة أعداد المدارس التي تضررت نتيجة الزلزال، التي توزعت بين مناطق حارم، وسلقين، والأتارب، والملند، ومدينة إدلب، وقالت إن عدد المدارس المهدمة جزئياً بلغ 203 مدارس، من بينها 46 تعرضت لتشققات بسيطة، وإنها أنهت الدراسات الهندسية، وستضع خطة للترميم بالتنسيق مع وزارة التنمية.
يقول المكلف تسيير أعمال وزارة التربية، زياد العمر، لـ"العربي الجديد": "الوزارة عمدت إلى توزيع الطلاب الذين كانوا في المدارس المتضررة على المدارس السليمة، ولتخفيف الضغط عن تلك المدارس، لجأت إلى نظام دوام الفوجين، الصباحي والمسائي، كذلك لجأت إلى توزيع خيام على المدارس المتضررة جزئياً بهدف اعتمادها كصفوف دراسية".
توقفت المدارس المتضررة عن استقبال التلاميذ، ومن بينها مدرسة بسنيا، ومدرسة عربيا، ومدرسة محمد ارحيم، ومدرسة الدانا النموذجية، ومدرسة سرمدا المحدثة، ومدرسة سعاد كياري وغيرها، لكن الضرر الأكبر كان في مدرسة شام المعالي للذكور في سرمدا، التي تهدمت بالكامل.
يقول المدرس فؤاد العلي لـ"العربي الجديد": "لا يقتصر أثر الزلزال على البنية التعليمية على تضرر المدارس، فهناك آثار بعيدة المدى، فالطلاب الذين خرجت مدارسهم عن الخدمة سيلتحقون بمدارس جديدة قد تكون بعيدة عن أماكن إقامتهم، وعليهم التأقلم مع الحياة الجديدة، والأصدقاء والمدرسين الجدد، وهذه أمور تؤثر تربوياً بمسيرة الطلاب، وكثيرون لم يتأقلموا مع حياتهم الدراسية الجديدة بعد أن انتقلوا من أماكن إقامتهم إلى أماكن أخرى".

فقد آلاف الأطفال مدارسهم في الزلزال (عبد المنعم عيسى/Getty)
فقد آلاف الأطفال مدارسهم في الزلزال (عبد المنعم عيسى/Getty)

يضيف العلي: "تعتبر العلاقة بين الطالب وأستاذه من أهم الأسس التربوية، ويسعى المدرسون باستمرار لتوطيد العلاقة بالطلاب، فتلك العلاقة تسهل العملية التعليمية، وتساعد الطالب على اتباع تعاليم مدرسه، لكن التغيرات الأخيرة ستقطع العلاقات بين الطلاب ومعلميهم، وسيكون على المعلم بذل جهود إضافية لبناء الثقة مع طلابه الجدد، كذلك سيعاني الطلاب في اعتياد مدرسهم الجديد".
تسعى أم محمد المقيمة في مدينة سلقين، لإقناع ابنها بالذهاب إلى المدرسة مجدداً، وتقول لـ"العربي الجديد": "أحاول منذ أيام إقناعه بالذهاب إلى المدرسة، لكنه لا يتقبل فكرة أن يذهب إلى مدرسة لا يعرف فيها أحداً. ابني من الطلاب الانطوائيين، وليس من السهل اختلاطه بأصدقاء جدد، وهو يدرس في الصف الثالث، وقد توزع أصدقاؤه في مدارس لا يمكننا نقله إليها، ما يجعله مصرّاً على الامتناع عن الذهاب إلى مدرسة مغايرة لمدرسة أصدقائه".

تنعكس الأضرار التي تعرضت لها المدارس على المدرسين مثل التلاميذ، إذ بات على المدرس تحمّل مشاق إضافية للوصول إلى مدرسته الجديدة.

يقول المدرس سليمان العلي لـ"العربي الجديد": "أعمل منذ سنين في مدرسة لا تبعد عن منزلي في مدينة سلقين أكثر من مائة متر، وكنت أعود في أثناء حصص الفراغ إلى منزلي لإنجاز بعض الأعمال، أو إحضار مستلزمات المنزل قبل العودة إلى المدرسة من جديد، وكنت أعرف بعض الطلاب منذ كانوا في الصف الأول، وتربطني علاقة طيبة  بزملائي المدرسين وإدارة المدرسة، بينما ينبغي اليوم أن أنتقل إلى مدرسة بعيدة، ما يعني أن عليّ امتلاك وسيلة تنقل حتى أتمكن من الذهاب والعودة، وهو ما سيحمّلني مشاق إضافية، وتكاليف مادية ليست متاحة لدي في الوقت الحالي".
ويأمل كثير ممن التقيناهم من الطلاب والمدرسين أن تتحرك المنظمات الدولية والجهات الداعمة لتنفيذ مشاريع ترميم سريعة للمدارس التي تضررت، ويحلمون بسرعة إعادة الحياة إلى صفوفها مجدداً مع بداية العام الدراسي القادم.

المساهمون