يستعد أهالي الرقة شمال سورية لفصل الشتاء الذي يحمل المعاناة، خصوصاً بالنسبة للفئات الفقيرة، في ظل صعوبة توفير مواد التدفئة.
ويقطن الرقة نحو 850 ألف نسمة، مقسمين على ثلاث مساحات جغرافية: وهي المدينة وأحياوها، والريف والقرى، و58 مخيماً عشوائياً تضم العائلات المهجرة والنازحة من المحافظات السورية الأخرى. وتعتمد الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية على توفير قسائم للمحروقات بشكل مدعوم، وهي المازوت والكيروسين (زيت الكاز) والغاز لكل عائلة من المسجلين والوافدين والنازحين، وفق تقسيم الأحياء والقرى والمخيمات (الكومين). والقسيمة سنوية يصدرها مكتب محروقات الرقة (سادكوب)، وتتجدد تلقائياً كل عام.
وأعلن الإداري في المجلس العام لمدينة الرقة، مهيدي الحمود، عبر الصفحة الرسمية للمجلس، انتهاء توزيع الدفعة الأولى من مخصصات المازوت للعائلات منذ سبتمبر/أيلول الماضي، بمعدل 300 ليتر من المازوت لكل عائلة في الريف والمدينة ومراكز الإيواء للوافدين، موضحاً أن الدفعة الثانية (300 ليتر من المازوت) توزع في فبراير/شباط المقبل.
ويقول خالد الأحمد، وهو رب أسرة يقطن في حي البجري في مركز المدينة لـ"العربي الجديد": "استلمنا مخصصات العائلة من المازوت منذ عشرة أيام عبر صهاريج معتمدة من سادكوب. لكن حين رأيت لون ورائحة المازوت، لم أشأ استعماله في البيت، لأنه يشكل خطراً على السلامة". يضيف: "فضلت بيعه لصاحب الصهريج بمبلغ 275 ألف ليرة سورية (نحو 57 دولاراً)، فيما يبلغ سعر شرائه من الكومين 51 ألف ليرة سورية (10.5 دولارات).
ويوضح الأحمد أن المازوت الموزع من سادكوب سيئ جداً وخطير؛ إذ لا يصفى، وفيه مواد ذات رائحة كريهة كالوقود والزنك والكاز وغيرها.
وشهد شتاء العام الماضي حدوث عدد من الحرائق داخل المنازل وحالات اختناق، الأمر الذي اضطر غالبية الأهالي إلى إعادة بيعه نتيجة رداءته. واقع أدى إلى وجود مجموعة من السماسرة الذين يشترون المازوت، ثم يبيعونه في السوق الحرة بسعر أعلى بعد تخزينه.
وأصدرت المديرية العامة للجمارك التابعة للإدارة الذاتية، في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، قراراً يقضي بمنع بيع المحروقات وإزالة المحطات والبسطات من أسواق المدينة والريف، واعتماد محطات وعددها 8 رسمية لتزويد السيارات والمركبات والصهاريج بالمادة، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المشتقات النفطية.
من جهتها، تقول أم خالد، وهي ربة أسرة تقطن في حي الدرعية الشعبي بالرقة لـ"العربي الجديد": "نبيع المازوت الموزع من الكومين ونستبدله بمازوت أنظف، أغلى بضعفين ويبلغ سعره 1700 ليرة تركية (نحو 0.35 دولار) لكنه آمن ولا يحتوي على مواد مشتعلة ولا رائحة له، خصوصاً أن لدي أطفالا وزوجي يعاني من الربو، الأمر الذي يشكل خطراً على صحته". تضيف: "العام الماضي اشتعلت المدفأة بشكل سريع والتهمت النار جزءاً من الغرفة ومحتوياتها. ولولا إطفاء الجيران النار، لاحترق البيت بأكمله، إذ أن النار لم تنطفئ بسهولة، لأن المازوت يحتوي على مواد أكثر اشتعالاً من المازوت، وهي أقرب ما تكون من رائحة الكاز والوقود".
من جهة أخرى، تضطر بعض العائلات في المخيمات وبعض مناطق الريف إلى استعمال بدائل أخرى للتدفئة كالحطب مثلاً أو الجلّة، وهي عبارة عن كرات مجففة من روث الحيوانات تصنع وتخزن خلال فصل الصيف في أماكن تصلها الشمس، وتستخدم شتاء في القرى والمخيمات والأحياء الشعبية بالرقة".