بعد انتهاء أي حملة قصف من قبل قوات النظام على مناطق شمال غرب سورية تستمر مخاوف الأهالي القاطنين في المناطق المستهدفة، فالخطر القادم من السماء تلاشى بعض الشيء، لكن هناك مخاطر كثيرة موزعة على الأرض على شكل ذخائر غير منفجرة وقنابل عنقودية، تلك الذخائر تقلق الأهالي على مدى سنوات الحرب ودفع كثير منهم حياته أو حياة أحد أقاربه ثمناً لانتشارها.
يقول أيمن الدرويش وهو من أهالي ريف إدلب الجنوبي لـ"العربي الجديد"، إنه فقد ابنته بانفجار أحد مخلفات القصف، وبات هذا الأمر يشكل عامل رعب له، مشيرا إلى أن المنطقة التي يقيم بها كانت مليئة بالذخائر غير المنفجرة، وأنه أشعل النيران لحرق بعض الأعشاب الضارة والأوساخ، لكنه لم ينتبه لوجود شيء من مخلفات القصف في المكان، فانفجرت وأصابت طفلته القريبة من النار وقتلتها على الفور.
أما مصطفى الخالد ابن جبل الزاوية فقد أصيب إصابة كادت تودي بحياته، يقول لـ"العربي الجديد"، إنه كان يحرث بستانه حيث أصاب المحراث إحدى الذخائر غير المنفجرة المغطاة بالتراب، ما أدى لانفجارها وإصابته بشظاياها، مضيفا" امتص الجرار غالب قوة الانفجار وهو ما كتب لي الحياة، لو كنت مترجلاً لكنت الآن في عداد الأموات".
من جانبه، يقول المتطوع في الدفاع المدني السوري حميد قطيني لـ"العربي الجديد" إنهم أحصوا منذ بداية العام الحالي 2023 حتى يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني، 15 انفجاراً لمخلفات الحرب في مناطق شمال غربي سورية، وأدت لمقتل 4 أطفال ورجلين، وإصابة 23 مدنياً، بينهم 16 طفلاً و3 نساء بجروح.
وفي السياق، نشر فريق منسقو استجابة سورية تقريراً قال فيه "إن مخلفات الحرب التي خلفتها قصف قوات النظام السوري وروسيا على مناطق شمال غربي سورية، تشكل الهاجس الأكبر لدى المدنيين في المنطقة وخاصة مع دخول فصل الشتاء وبدء الأهالي بالبحث عن وسائل التدفئة البدائية في الأراضي الزراعية.
وقال المهندس محمد حلاج مدير الفريق لـ"العربي الجديد" إن الفريق وثق منذ مطلع العام الحالي انفجار 22 نوع من ذخائر الحرب غير المنفجرة نتيجة القصف.
وأضاف الحلاج: نطالب الجهات المتخصصة بإزالة مخلفات الحرب بتوسيع نطاق البحث الميداني في كافة المناطق وتحديداً محيط المخيمات والأراضي الزراعية، لا سيما أن العام الماضي سجل مقتل 31 مدنيا، بينهم 16 طفلا وامرأتان وإصابة 53 آخرين، بينهم 34 طفلاً، نتيجة انفجار أكثر من 55 نوعاً من الذخائر غير المنفجرة والألغام في المنطقة.
ويخشى من قابلناهم من الأهالي من تكرار حوادث انفجار القنابل العنقودية أو الذخائر غير المنفجرة مع قدوم فصل الشتاء، حين يبدأ المزارعون بحراثة حقولهم، إضافة لانتشار المزارعين بين مزارع الزيتون بهدف قطافها، لا سيما أن قوات النظام استهدفت مساحات واسعة من إدلب في حملة القصف الماضية وبعضها طاوله القصف بالصواريخ المحملة بالقنابل العنقودية.