ازدادت أخيراً أعداد الأسر الدنماركية العاجزة عن مسايرة ارتفاع الأسعار وكلفة أعياد الميلاد، بما في ذلك هدايا الصغار وعشاء الميلاد، كما تعودت طيلة السنوات الماضية.
ووفقاً لأرقام رسمية من منظمة الإغاثة "مودراهييلبن" (مساعدة الأمهات)، فإنه مع إغلاق موعد طلب المساعدة أمس الإثنين، ارتفع عدد طالبي "مساعدة عيد الميلاد" للعام الحالي بنحو 40% مقارنة بالعام السابق.
ويعزو القائمون على مساعدة الفقراء في هذه المنظمة الخيرية المهتمة بإعانة الأمهات وأطفالهن للتغلب على المصاعب المالية، تلك الزيادة (21 ألف طلب)، إلى ارتفاع الأسعار. وتقدم المنظمة إعانة مالية قدرها 550 كرونه عن كل طفل تحت الثامنة عشرة يعيش في منزل أسرته، وهو مبلغ لمرة واحدة ومرتبط بقضاء الأسرة أعياد الميلاد بشكل جماعي.
فيما تفيد أرقام منظمات أخرى مهتمة بمساعدة الناس لقضاء أعياد الميلاد إلى ارتفاع ملحوظ في طلبات المعونة. ومن بين تلك المنظمات يبرز الصليب الأحمر الدنماركي، الذي أفاد اليوم الثلاثاء بتلقيه طلبات مساعدة من نحو 20 ألف شخص، للأسباب نفسها، بينما تحدث "الصليب الأزرق"، وهو مؤسسة معنية بإعانة الفقراء، عن "أرقام قياسية".
ارتفاع عام لكلفة الحياة
بشكل عام يعاني الدنماركيون مع اقتراب وداع العام الحالي، في سياق أوروبي في أعقاب أزمة الطاقة وارتفاع معدلات التضخم خلال الأشهر الأخيرة، من انخفاض الأجور مقارنة مع زيادة أسعار السلع الغذائية وغيرها من المواد الاستهلاكية الضرورية، هذا إلى جانب فواتير الكهرباء والتدفئة التي حلقت عاليا. وبحسب خبراء "البنك الدنماركي"، فإن الرواتب في الربع الأخير من العام الحالي تراجعت بنسبة تفوق 5%، وهو ما لم تشهده البلاد منذ عقود.
الحديث في كوبنهاغن يدور حول "نكسة مالية" للأسر، حيث أعاد بعض الاختصاصيين في منظمة أرباب العمل (دي إيه) الأوضاع إلى ما ساد في خمسينيات القرن الماضي. وتؤثر زيادة الأسعار وارتفاع مستويات التضخم بصورة مباشرة على عدة فئات دنماركية.
منظمة أرباب العمل الدنماركية، وعلى لسان المسؤول فيها عن الواقع الاجتماعي لاس أولسن، تتحدث عن ما سمته "مقبرة اجتماعية، مع هذا الواقع غير المعتاد وغير المألوف للناس"، وهي بذلك تشير إلى تأثر ثلث العاملين في السوق الدنماركي باختلال ميزان المداخيل مع التضخم والأسعار، وبما لم تعهده الأسر طيلة 40 عاما. ويتوقع أولسن أن يزداد الأمر تعقيدا مع العام القادم 2023، ما لم تجر مفاوضات جدية لزيادة الأجور وتناسبها مع ارتفاع كلفة المعيشة، متوقعا حدوث الكثير من الإضرابات في سوق العمل.
وأشار تقرير حديث لمؤسسة "الإحصاء الدنماركي" لقياس المساواة في الدنمارك إلى اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء في البلد. ووفقا للإحصاءات القائمة على مقياس واسع النطاق، فإن الفجوة بشكل أساسي تتعلق بالدخل السنوي للطرفين. وتشير الأرقام إلى أن اختلال المساواة بين الفئتين الغنية والفقيرة اتسع بشكل غير مسبوق منذ عام 1987، إذ يسجل اليوم نحو 30% فرقا بين دخل الأغنياء والفقراء (بحسب المعايير المحلية لقياس الفقر)، بينما لم تكن قبل 35 سنة سوى 22%.
إن التأثيرات الاجتماعية للغلاء وأزمة الطاقة باتت أكثر تسجيلا في يوميات الدنماركيين، الذين يضطر بعضهم إلى وسائل غير مسبوقة لادخار تكاليف الأغذية وطرق استخدامها، من خلال البحث الدائم عما هو أرخص ثمنا، وأيضا عن مواد اقترب تاريخ صلاحيتها من الانتهاء لأجل التغلب على ارتفاع كلفة موائدهم.
وفي شهر ديسمبر/كانون الأول فإن "حمى عيد الميلاد" (كما يُطلق عليه محليا) في التسوق لا تبشر كثيرا قبيل مساء 24 منه. فالعديد من الأسر الدنماركية، التي لم تتقدم بطلبات مساعدة، تبحث عن وسائل أقل كلفة لتأمين هدايا لأطفالها حتى لا تكون المساحة المخصصة لها تحت شجرة الميلاد فارغة. إذ يتوجه بعضهم للبحث في سوق المستعمل لانخفاض أسعاره، والبعض الآخر يقتنص فرصة تخفيضات اضطرت إليها المتاجر بسبب تمسك المستهلكين بمحافظهم محكمة الإغلاق طيلة الفترة الماضية.