أعلن الحوثيون، السبت، تشييع 44 من جثامين ضحايا الحريق الذي تعرض له مركز إيواء مهاجرين أفارقة، أواخر الأسبوع، في صنعاء، من دون إبلاغ المنظمات الدولية المعنية بشؤون اللاجئين رغم مطالبات دولية بإجراء تحقيق شفاف ونزيه.
وذكرت وكالة "سبأ"، الخاضعة للحوثيين، أن عملية التشييع تمت بناءً على طلب القيادات الممثلة للجاليات الأفريقية بصنعاء من حكومة الجماعة، غير المعترف بها دولياً، بسرعة تشييع الضحايا.
وأكد مصدر أممي بصنعاء لـ"العربي الجديد" أن عملية التشييع تمت بشكل أحادي، من دون التحقيق أو الكشف عن الرقم الحقيقي لعدد الضحايا أو هوياتهم، بعد تفحم جثث العشرات، لافتاً إلى أنه لم يُسمح لهم بزيارة مسرح الحادثة أو التحدث مع المصابين حتى الآن، وأن الرواية المنشورة عن حادث عرضي وترحيل أكثر من 400 إلى عدن، هدفها دفن الحقيقة فقط.
ولم يصدر أي تعليق فوري من منظمة الهجرة الدولية، التي تحدثت الأسبوع الماضي عن مصرع 8 مهاجرين فقط وإصابة 170 منهم، 90 حالتهم حرجة، وكشفت عن صعوبة الوصول إلى المرافق الصحية أو مسرح الحادثة المروعة.
ووفقاً للرواية الحوثية التي تم نشرها اليوم، تم دفن 44 شخصاً، فيما تم أخذ عينات لحمض الـ DNA للجثث مجهولة الهوية التي تم دفنها، ولم يتم الكشف عن عددها.
ورغم الاتهامات المباشرة لها من قبل منظمات حقوقية، وعلى رأسها "مواطنة" لحقوق الإنسان في اليمن، بالوقوف وراء الحريق المفتعل، إلا أن السلطات الحوثية دفعت عددا من ممثلي الجاليات الأفريقية في صنعاء إلى إصدار بيان صحافي يزعم أن الحادث كان عرضياً، كما نظمت لهم مؤتمراً صحافياً افتراضياً لتسويق هذه الرواية، وفقاً لاتهامات حقوقية.
في المؤتمر الصحافي الذي نقلته وسائل إعلام حوثية مساء السبت، تحدث ممثل الجالية السودانية في اليمن، عبدالله الليثي، أن عدد المهاجرين الذين كانوا بالمركز، قبل الحريق، حوالي 800 مهاجر يتوزعون على 5 عنابر، لافتاً إلى أن الحريق اندلع في العنبر رقم 1 وخلّف 44 قتيلاً و202 جريح، جميعهم غادروا المستشفى باستثناء 21 لا يزالون يتلقون العلاج، وبينهم 4 حالتهم حرجة.
ولم تكتف السلطات الحوثية بدفن الجثث من دون علم المنظمات الدولية وإجراء أي تحقيقات، فوفقاً لممثل الجالية السودانية تم الاتفاق بين وزارة الداخلية الحوثية والجاليات على "ترحيل 468 مهاجراً بصورة رسمية" وبشكل طوعي، بعد أخذ صورة وبصمة لكل فرد منهم.
وفي ظل شكوك بأن عدد الضحايا يتجاوز 200 قتيل، زعمت السلطات الحوثية أن من تبقى من الـ800 مهاجر في كافة العنابر فروا إلى جهة غير معلومة، لكنها عادت للحديث عن قيامها بالإفراج، عقب الحادثة مباشرة، عن 193 مهاجراً ، وصرفت لكل فرد منهم 100 ألف ريال يمني، ما يعادل 170 دولاراً.
وكشف موقع "يمن فيوتشر" الإخباري المستقل أن وسائل الإعلام الحوثية تجاهلت الحديث الذي قدمه ممثل الجالية الإثيوبية باليمن عثمان جلتو، والذي اتهم فيه السلطات الحوثية بالتقصير، كما كشف أن جماعة الحوثيين أبلغتهم بترحيل 468 شخصا إلى عدن، ولا يملكون أي اثبات على صحة ذلك الترحيل.
اليمن: اهالي المهاجرين "المحروقين" في مهمة "قسرية" لاثبات حصيلة ما تبقى لهم في صنعاء
— يمن فيوتشر (@Yemen_YF) March 13, 2021
.....
يمن فيوتشر: مرة اخرى يتكشف غموضا اكثر وليس الحقيقة بشأن واقعة الحريق المميت الذي حصد ارواح العشرات من المهاجرين الاثيوبيين بمركز احتجاز في العاصمة صنعاء الخاضعة لسلطة الحوثيين.1/14 pic.twitter.com/VqO4RG5H0y
كما تجاهل الإعلام الحوثي الأسباب التي أوردتها الجاليات وأدت إلى اندلاع الحريق، حيث تحدث ممثل الجالية السودانية عن حصول شجار بين المهاجرين أنفسهم، وقاموا بعدها بضرب أحد أفراد الحراسة الحوثية، الأمر الذي جعله يطلب تدخل قوات مكافحة الشغب، التي وصلت وأطلقت قنابل مسيلة للدموع، لافتاً إلى أن ذلك أدى إلى اشتعال حريق غير مقصود.
ورغم الكشف عن وجود قنابل مسيلة للدموع كسبب حقيقي للحريق، إلا أن رواية الجاليات لم تتطرق أيضاً لسبب الشجار الذي أكدته منظمة حقوقية يمنية و تقارير دولية.
وكانت منظمة "مواطنة" لحقوق الإنسان في اليمن اتهمت جماعة الحوثيين بالتسبب في مقتل وإصابة العشرات، عقب اندلاع حريق مميت في مركز احتجاز مكتظ بالمهاجرين واللاجئين الأفارقة بصنعاء في 7 مارس/ آذار 2021.
على الدول اتخاذ خطوات ملموسة على الفور لضمان المساءلة الجنائية والتعويضات في #اليمن، بما في ذلك الانتهاكات والتجاوزات المرتكبة ضد المهاجرين واللاجئين #المساءلة_الآن https://t.co/OpC28G5R4d pic.twitter.com/73QBANpZNl
— مواطنة لحقوق الإنسان (@MwatanaAr) March 12, 2021
وأشارت المنظمة، في بيان صحافي على موقعها الإلكتروني، إلى أنه ومنذ اندلاع الحريق، لا تزال جماعة أنصار الله (الحوثيين) تحتجز عددا من المهاجرين الجرحى، كما منعت وصول المساعدات الإنسانية، ومنعت أفراد أسر المهاجرين من زيارتهم.
وأوردت المنظمة شهادة عن شهود وناجين من الحريق المميت، وقالت في بيانها، إن عناصر حوثية مسلحة حاولت، الأحد الماضي، إنهاء إضراب المهاجرين عن الطعام بالقوة، وهو ما أدى إلى اندلاع عراك بالأيدي بين بعض المهاجرين والعناصر الحوثية.
ونقلت المنظمة، عن شهود عيان، قولهم إن قوات حوثية بدأت بعد فترة وجيزة بإطلاق الرصاص في الهواء، وجاءت قوات إضافية تابعة للجماعة، وبدأت بإغلاق باب العنبر وإطلاق المقذوفات من خلال نوافذه، والتي لم يتمكن الشهود من التعرف على ماهيتها جراء تصاعد الكثير من الدخان والأصوات العالية، وتسببت المقذوفات في نشوب حريق انتشر بسرعة.
وذكر البيان أن أكثر من 350 مهاجراً كانوا داخل العنبر الذي اشتعلت فيه النيران، وفقاً لمنظمة الهجرة الدولية التي كان موظفوها في ذلك الوقت في الموقع.
واعتبرت رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان، الحريق أنه "إضافة مروعة لقائمة الانتهاكات الطويلة التي تعرض لها المهاجرون واللاجئون في اليمن خلال هذه الحرب، وإضافة مروعة لقائمة انتهاكات جماعة أنصار الله (الحوثيين) الطويلة، لافتة إلى أنه لا يمكن لمجتمع المهاجرين واللاجئين في اليمن الانتظار أكثر من ذلك من أجل العدالة”.