بدأت موجة الحرائق الجديدة، التي اندلعت الليلة الماضية في الجزائر، تأخذ أبعاداً سياسية، بفعل شكوك متصاعدة حول وجود طرف ما ودوافع خلف اندلاعها في 11 ولاية، وفي وقت واحد. وُصفت الحرائق بأنها جزء من "سياسة الأرض المحروقة"، وطالبت عدّة قوى سياسية الحكومة بكشف المتورّطين فيها للرأي العام وردعهم بقوة القانون.
تشتبه الحكومة الجزائرية في أن الحرائق التي اندلعت في 11 ولاية شرقي وغربي البلاد، بشكل متزامن الليلة الماضية، وخلّفت ضحايا ونازحين وخسائر مادية وبيئية كبيرة، ذات دافع سياسي، وبوجود أطراف متورّطة في إشعال الحرائق. وهدّدت الحكومة بعدم التسامح مع من وصفتهم "بالمتربصين بالوطن"، المتورطين.
وعلّق رئيس الحكومة عبد العزيز جراد، في تغريدة على حسابه على تويتر، اليوم السبت، على حرائق الغابات التي تشهدها عدة ولايات في البلاد، وقال: "الغابات رأسمال اقتصادي وبيئي للجزائريين كافة، لن نرضى بالتفريط فيه، سنواجه الحرائق الطبيعية بالتشجير، وكل شجرة ضاعت سنعوّضها، أما ما أثبتت التحقيقات أنه مدبر ومقصود فلن نتسامح مع أعداء الحياة والمتربصين بالوطن". وحيّا جراد جهود رجال وفرق الدفاع المدني وحراس الغابات، كما حيّاهم على شجاعتهم وإخلاصهم وتجنّدهم لصالح الوطن والمواطن.
وأعلن وزير الزراعة الجزائري عبد الحميد حمداني، في تصريح للصحافيين على هامش اجتماع مع لجنة برلمانية، أنه تمّت السيطرة على أغلب الحرائق، والأولوية القصوى في الوقت الحالي متوجّهة إلى إنقاذ المواطنين والغابات والتكفّل بالضحايا. وتواصل فرق الدفاع المدني مواجهة ما تبقى من الحرائق في 11 ولاية، بمساعدة المواطنين الذين تجنّدوا للمساعدة، وشكّلت إدارة الدفاع المدني خليّة أزمة طارئة لمتابعة وتسيير عمليات التدخّل، وأرسلت فرق دعم إلى المناطق الأكثر تضرراً. وأعلن قسم الإعلام في هيئة الدفاع المدني أنه تمّ حتى الآن إخماد 21 حريقاً، وأسفرت هذه الحرائق عن وفاة شخصين داخل مزرعة لتربية الدجاج حاصرتهم النيران داخلها، وإصابة 10 آخرين باختناق جرّاء استنشاقهم للدخان المنبعث من الحرائق، فيما نزح عدد من العائلات في بلدة ڨوراية بولاية تيبازة، 200 كيلومتر إل الغرب من العاصمة الجزائرية.
وفي السياق الذي ذهب إليه رئيس الحكومة، عبّرت حركة البناء الوطني عن"قلقها الشديد" من الحرائق التي تعتبرها "تهديداً لاستقرار وأمن البلاد وممتلكات المواطن". وحذّرت من "تعدّد أساليب الأجندات المضادة للاستقرار وسياسة الدفع نحو الانزلاق نحو المجهول"، ولم تستبعد الحركة أن تكون هذه الحرائق "جزءاً من المؤامرة التي تحاك من أطراف تقتات من الأزمات والاضطرابات، وأجندات ترفض انتقال الجزائر الآمن نحو الاستقرار والعودة إلى الشرعية الشعبية". وأشار إلى محاولات ضرب الاستقرار وصناعة الارتباك في الساحة الوطنية، وأضاف: "إذا كانت الحرائق بفعل فاعل فإنّها تكرار لسياسة الأرض المحروقة التي يعرفها الشعب الجزائري جيداً، ولا يمكن أن تعيق الجزائر عن استمرارها في التجديد السياسي".
ودعت حركة البناء (إسلامي)، الشعب الجزائري إلى اليقظة التي توقف تدمير مكتسبات الجزائر وثرواتها، و"المساهمة في التصدّي لمثل هذه التهديدات الخطيرة على الجزائر وعلى ممتلكاتنا"، وحمّلت الحكومة مسؤولية استقرار البلاد وتأمين الشعب والممتلكات، وطالبت بإجراءات عاجلة تبدأ من التحقيق العميق والعاجل و اعتماد الشفافية في التعامل مع الحدث والتكفّل بالضحايا والتعويضات اللازمة.
وأكّدت رئيسة حزب تجمّع أمل الجزائر فاطمة زرواطي، وهي وزيرة البيئة السابقة، أنّ حرائق الغابات، التي شهدتها عدّة ولايات عبر الوطن منذ ليلة أمس، ليست عفوية، وكتبت على صفحتها على فيسبوك "إنّ الحرائق التي اشتعلت في عدّة غابات ليست عفوية، نحيي رجال الحماية المدنية على التجنيد الكبير ونستنكر بشدة هذه الجرائم في حق الحياة والطبيعة".
وكتب القيادي في حركة مجتمع السلم، نصر الدين حمدادوش، تغريدة جاء فيها: "من يقف وراءها يزيد في أتعاب شرعية السلطة الجديدة، ونتائج الاستفتاء، والإغراق في معارك التلهية، إلا أنّها لا تشغلنا عن جذور الأزمة الحقيقية، ولا عن واجبنا الوطني في مواجهة أي تهديد لبلادنا"، ووصف القيادي في جبهة العدالة والتنمية، لخضر بن خلاف، الحرائق بأنّها ذات خلفية سياسية وبأنّها جزء من "سياسة الأرض المحروقة".