يعود أصل تسمية الكثير من العائلات السورية لمهن كان أهلها يمتهنونها، كعائلة النجار والبيطار وعائلة الحداد وغيرهم. إلا أن ما يميز عائلة سمير حداد وأولاده الستة، أنهم ما زالوا يمارسون جميعاً مهنة الحدادة حتى اليوم ويتوارثونها في ما بينهم.
تنحدر عائلة سمير حداد من مدينة معرة النعمان التاريخية الأثرية جنوب محافظة إدلب شمال غربي سورية، ويعمل أسعد حداد مع أشقائه الخمسة في ورشتين متقابلتين في المدينة الصناعية بمدينة إدلب، بينما يعمل والدهم بمدينة إسكندرون التركية.
ولم يرث الأبناء عن والدهم مهنة الحدادة فقط بل ورثوا أيضا عادة التكافل الاجتماعي في ما بينهم، رغم أنهم جميعاً لديهم عائلات ومستقلون في السكن.
وللحفاظ على هذه المهنة التي يفتخرون بها، يأتون بمن بلغ من أولادهم 10 سنوات إلى ورشات الحدادة ليشاهد ويتعلم بعد الدوام المدرسي أو في وقت فراغه.
وقال أسعد حداد في حديثه لـ "العربي الجديد": "هذه المهنة شاقة لكنها تجري في دمي، إن لم أطرق الحديد يومياً أشعر بشيء ما ينقصني، عملنا في الورشة يشمل صنع كل ما يحتاجه الفلاح من فؤوس وغيرها ونقوم بدمغ جميع منتجاتنا باسم حداد".
"إلا أن الطرق في الحديد قد يبدو سهلا أمام قساوة الحياة والظروف المعيشية في إدلب"، كما يقول شقيقه بشار حداد في حديثه لـ "العربي الجديد"، متابعاً: "نعمل أنا وأشقائي يومياً دون كلل أو ملل وبالكاد نستطيع تأمين مصروفنا من طعام وإيجارات بيوت ومحلات، في معرة النعمان، قبل التهجير كان الوضع جيداً، كنا نملك بيوتا ومحلات تجارية، والعمل بحد ذاته كان أفضل من تأمين مواد أولية وتصريف منتجات".
ومضت ثلاث سنوات على يناير/ كانون الثاني الذي سقطت فيه معرة النعمان، بين أيدي جنود النظام السوري ومليشياته. والتهجير الذي حصل فيها لا يزال يشكل صدمة بالنسبة لسكانها في شتاتهم حتى الوقت الحالي.
وبلغ عدد سكان المدينة قبل الثورة عام 2011 حوالي 100 ألف نسمة، ودمّر النظام أجزاء من الجامع العمري، وقصف أيضاً المتحف فيها، ونهبت المليشيات التابعة له ضريح الخليفة عمر بن عبد العزيز، وأحرقته أيضاً، ولم يسلم من بطشها ضريح صاحب "رسالة الغفران" أبو العلاء المعري الذي نهب أيضاً.