الجوع والفقر يحاصران سكان مخيمات الشمال السوري

31 أكتوبر 2022
الفقر يطاول كل سكان المخيمات السورية (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

تتصاعد نسب الفقر وينتشر الجوع بين آلاف العوائل المقيمة في مناطق شمال غربي سورية، وخاصة سكان المخيمات العشوائية في محافظة إدلب، والتي يقطنها نازحون ومهجرون من مناطق مختلفة.
رصد مراسل "العربي الجديد" عينات من تلك العوائل، ورافقها خلال رحلتها اليومية لتدبير أمورها المعيشة وتأمين المواد الأساسية التي تحتاجها الأسرة، وكانت السمة الغالبة أن معظم أفرادها يعملون على تقنين الاحتياجات، ويشترون المستلزمات بحسب الأولوية، ولا مكان في حياتهم لكثير مما يوصف بأنّه كماليات، رغم أن الكثير منها بات من ضروريات حياة أي عائلة تسعى إلى العيش الكريم.
سيف الدين العلي ربُّ أسرة مؤلفة من زوجته و5 أطفال، وهو يقيم في مخيم للنازحين قرب بلدة حارم غربي إدلب، ويقول لـ"العربي الجديد" إن "التكاليف اليومية للمعيشة أصبحت كبيرة بسبب ارتفاع الأسعار خلال الآونة الأخيرة، والانعدام شبه التام لفرص العمل في المخيم الذي أسكن به. المستلزمات الأساسية التي أعمل على جلبها بشكل يومي متشابهة، إذ لا أملك رفاهية تغيير الأصناف، وهي تشمل الخبز، والبندورة، والأرز، والمعكرونة، وفي كل أسبوع نصف كيلو من لحم العجل فقط، إضافة إلى الشاي والسكر".
وأشار العلي إلى أن "الأسرة تحتاج بشكل يومي إلى ما يقارب 150 ليرة تركية (8 دولارات) حتى يتسنى لها أن تأكل وتشرب بطريقة شبه آدمية، وبالنسبة لي، أحاول جاهداً ألا تتجاوز القيمة الشرائية للعائلة أكثر من 70 ليرة فقط. لكن عادة شراء الدواء من أبرز الأمور التي تنهك كاهل الأسرة، خاصة أن المكان الذي نقيم فيه ليس مكاناً صحياً، وغير مناسب لمعيشة العائلات، وخاصة الأطفال الصغار، إذ نعاني من قلة المياه النظيفة، وعدم وجود مكبات للنفايات، فضلاً عن العوامل المناخية التي تسبب الأمراض، مثل الحر الشديد صيفاً والبرد القارس شتاءً".
بدورها، تقول النازحة ياسمين التي تقيم بمخيم "داخل" في محيط قرية كللي شمال إدلب، إن لديها ثلاثة أطفال، و"العائلة بأكملها تعتمد على السلة الغذائية التي تقدمها المنظمات العاملة بالمنطقة لسكان المخيم. محتويات السلال المقدمة من قبل المنظمات ليست كافية للمعيشة، لكن الدخل اليومي الذي أجنيه من خياطة الأقمشة يسد العجز المالي، كما فضلت أن يترك أولادي المدارس هذا العام نظراً لعدم وجود دخل مالي كافٍ لشراء القرطاسية وملابس المدرسة وتوفير مستلزمات التدفئة".

ويؤكد عبد السلام اليوسف، مدير مخيمة "أهل التح" القريب من بلدة معرة مصرين، أن "معظم العوائل المقيمة في المخيم تحت خط الفقر، ولا تتوفر فرص عمل للشبان، والعوائل التي فقدت معيلها في وقت سابق انخرط أطفالها في سوق العمل، والمستحقات الأسبوعية لهم لا تكفي متطلبات عائلاتهم الحياتية لمدة يومين".
وفي السياق، يقول مدير فريق "منسقو استجابة سورية" محمد حلاج، لـ"العربي الجديد"، إن "نسبة العائلات الواقعة تحت خط الفقر بلغت خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول نحو 87 في المائة وفقاً للأسعار الأساسية وموارد الدخل في مناطق شمال غربي سورية، كما أن نسبة العائلات الواقعة تحت خط الجوع بلغ 39 في المائة من إجمالي العائلات الواقعة تحت خط الفقر، وذلك لعدة اعتبارات أهمها عدد أفراد العائلة العاملين، وأسعار الصرف المتغيرة".


وأوضح حلاج لـ"العربي الجديد" أن "كافة القاطنين في المخيمات المنتشرة بالمنطقة يصنفون تحت خط الفقر، كما يصنف 22.3 في المائة من نازحي المخيمات تحت خط الجوع، والكلفة الكلية لتأمين المعيشة اليومية ضمن الحدود الدنيا من دون الاعتماد على المساعدات الإنسانية هي 4015 ليرة تركية، وحسب التصنيفات الدولية للفقر، فإن حد الفقر للعائلة الواحدة هو 228 دولارا أميركياً، ما يعادل 4220 ليرة تركية بحسب سعر الصرف الحالي، فيما لا تتجاوز دخول الغالبية العظمى من العوائل في إدلب 3150 ليرة تركية".
ويبلغ عدد المخيمات في شمال غرب سورية أكثر من 1400 مخيم، ويسكنها أكثر من مليون ونصف المليون نسمة، جلهم يعيشون ظروفاً إنسانية غاية في السوء منذ عدة أعوام.

المساهمون