رفع ليلة الأربعاء أول أذان في جامع الجزائر الأعظم، الأكبر في أفريقيا وثالث أكبر مسجد في العالم، واختيرت ليلة الاحتفال بالمولد النبوي الكريم مناسبة لافتتاح قاعة الصلاة، حيث تم أداء صلاتي المغرب والعشاء للمرة الأولى في الجامع، بعد تسع سنوات منذ بدء إنجازه عام 2011.
ورفع المؤذن ياسين اعمران الأذان، وأمّ الصلاة الأولى الإمام محمد ميقاتلي، وأقيمت الصلاة في المسجد بحضور رئيس الحكومة عبد العزيز جراد وعدد من وزراء الحكومة، وسفراء الدول الإسلامية، بعدما تعذر على الرئيس عبد المجيد تبون حضور المناسبة والإشراف عليها إثر نقله للعلاج في مستشفى بألمانيا، وتم بالمناسبة تكريم الطلبة الفائزين في مسابقة حفظ القرآن الكريم.
وكان مقرراً إلقاء كلمة باسم تبون خلال التدشين، لكن الرئاسة سحبت الكلمة في آخر لحظة، بعد قرار نقله إلى ألمانيا للعلاج. ووصف وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري، يوسف بلمهدي، خلال حفل افتتاح قاعة الصلاة في الجامع بأنه "يوم محمدي بامتياز نوفمبري بامتياز"، مشيراً إلى أن "بناء جامع الجزائر يعبر بحق عن مدى اهتمام الأمة الجزائرية دولة وشعباً بعمارة المساجد وبناء المدارس القرآنية وهو جهد لم ينقطع منذ الاستقلال".
واستغل الوزير الفرصة للتذكير بمناقب النبي الكريم، في سياق الرد على الإساءة الفرنسية، مضيفاً أن "قادة العالم ومفكريه وأدباءه شهدوا بأن محمداً هو رسول الإنسانية لكن الدفاع عن دينه وسنته وهديه ينبغي أن يكون بحكمة وبعيداً عن الغضب".
وبني جامع الجزائر الأعظم قبالة البحر في منطقة المحمدية في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية، على أنقاض كنيسة بناها الكاردينال لافيجري قائد التبشير المسيحي في الجزائر في القرن التاسع عشر. وسميت المنطقة باسمه في عهد الاستعمار الفرنسي، لكن السلطات الجزائرية تعمدت بعد الاستقلال تسمية المنطقة بالمحمدية، نسبة إلى الرسول، لمحو الأثر المرتبط بالاستعمار الفرنسي.
ويتربع الجامع على مساحة إجمالية تقدر بأكثر من 27 هكتاراً، وتعلوه أطول منارة في العالم يبلغ علوها 267 متراً، ليصبح بذلك أكبر جامع في أفريقيا وثالث أكبر مسجد في العالم بعد المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة. ويضم الجامع بالإضافة إلى صحن المسجد وقاعة الصلاة وساحتها التي تتسع لـ 120 ألف مصل، داراً للقرآن ومركزاً ثقافيا إسلامياً وفندقاً، إضافة الى 12 بناية ومكتبة تتسع لألفي طالب. وتتوفر المكتبة على مليون كتاب، بالإضافة لقاعة محاضرات ومتحف للفن والتاريخ الإسلامي ومركز للبحث في تاريخ الجزائر، علاوة على قاعات ومقرات إدارية وحظيرة سيارات تتسع لستة آلاف سيارة على مستويين تحت الأرض، ومساحات خضراء ومحلات تجارية.
وتم تزويد المسجد بالنظام المضاد للزلازل ما يسمح بتقليل نسبة الشعور بالهزات الأرضية بـ 70 بالمائة بحيث تمتص الدعائم الموجودة أسفل الجامع قوة الهزة الأرضية، لحمايته من أي كوارث محتملة بضمان يصل الى 80 سنة. ويخضع هذا النظام إلى مراقبة دورية للوقوف على مدى جاهزيته.
وصمم المسجد، الذي وضع الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الحجر الأساس لبنائه في أكتوبر/ تشرين الأول 2011 من قبل مكتب تصميمات ألماني، وأنجزته شركة صينية وقدمت إيران هبة من السجاد لفرشه. وكلف في الإجمالي 800 مليون دولار رسمياً، فيما تتحدث تقارير أن كلفته الإجمالية قاربت الملياري دولار. وأنشأ بالقرب من خط ترامواي يوصل إليه من وسط العاصمة والضاحية الشرقية، ولا يبعد كثيراً عن الطريق السيار في المدخل الشرقي للعاصمة، ما سيسمح بأن يكون قبلة سياحية ودينية للمواطنين المقيمين وكذلك للأجانب الوافدين إلى الجزائر.