الجزائر: تجهيز أهلي لمطاعم الرحمة الرمضانية
تضاعف الجمعيات الخيرية الجزائرية أنشطتها خلال شهر رمضان لدعم العائلات المعوزة، وتتجلى مظاهر التكافل الاجتماعي في توزيع المواد الغذائية على الفقراء واليتامى، في حين تركز بعض الجمعيات نشاطها على "مطاعم الرحمة" التي توفر وجبات إفطار لعابري السبيل والعمال والمغتربين.
ويتطوع عشرات الشباب في رمضان لتحضير المأكولات المتنوعة حسب ما يجود به المحسنين، ويتولى بعضهم مهمة الوقوف في الشوارع ساعة الإفطار لتوزيع الوجبات، كما يتكفل شباب بعض الجمعيات بعمليات نقل الوجبات إلى بعض العائلات المعوزة، أو بعض العمال الذين لا يستطيعون مغادرة أماكن عملهم، كرجال الحماية المدنية أو العاملين في المستشفيات.
في محافظة تيبازة شرق العاصمة الجزائرية، تعكف جمعية الرحمة على التخطيط لمبادرة المطعم الرمضاني للسنة الرابعة على التوالي، ويؤكد الأمين العام للجمعية عبد الرحمن علاني، لـ"العربي الجديد"، أن فريقه بدأ في التحضير لاستقبال الصائمين من عابري السبيل والمحتاجين في مخيم الشباب بعاصمة المحافظة، مبدياً ارتياحه للمساهمة الكبيرة من السلطات الرسمية وبعض المحسنين من رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات.
يضيف علاني: "لجنة التحضير نجحت في الدعاية عبر الاستعانة بمواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن الترويج لها عبر اللوحات الإعلانية والملصقات في مداخل المدينة ومخارجها، بغية استقبال مزيد من المتطوعين الذين يتكفلون بالطبخ والتوزيع والنقل. المطعم يخدم كل الفئات المعوزة والمحتاجة، إضافة إلى عمال الورشات، وعابري السبيل، ومرافقي المرضى في المستشفيات، والجمعية تساند الأشخاص الذين يعانون من أوضاع خاصة في رمضان، وتسعى إلى تقديم 500 وجبة يومياً".
في منطقة مناصر الجبلية، تستعد الكشافة الإسلامية الجزائرية لافتتاح مطعمها السنوي بالتنسيق مع المدرسة القرآنية، وهو تقليد دأبت على تنظيمه مجموعة من المتطوعين تحت إشراف أعيان المدينة، إذ يجرى تجميع المواد الغذائية اللازمة، وتوفير الإمكانيات المادية والطاقم البشري لإنجاح المبادرة.
يقول رئيس الفوج الكشفي محمد صقال، لـ"العربي الجديد"، إن "الفكرة بدأت قبل سبع سنوات، حين فكرنا في فتح مطعم في أحد المنازل للتكفل بالعائلات المعوزة وعابري السبيل، وكانت التجربة الأولى ناجحة بسبب تضافر الجهود، الأمر الذي شجعنا على تكرارها، وأصبحنا نتمكن من توزيع ما يقارب 400 وجبة يوميا".
وتعتبر منظمة الهلال الأحمر الجزائري من أكبر المنظمات الخيرية التي تنشط في الشهر الفضيل، وتسعى سنوياً إلى مضاعفة المجهودات للتكفل بالمعوزين وعابري السبيل. تقول رئيسة المنظمة، ابتسام حملاوي، إن "برنامج التضامن سيقوم بفتح 200 مطعم لإفطار عابري السبيل، إضافة إلى توزيع وجبات إفطار على مستعملي الطرق، ولا تزال الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية تصل إلى المخزن الجهوي الموجود بمنطقة سيدي راشد في محافظة تيبازة، وستجرى إعادة تحويلها إلى مختلف المطاعم والمكاتب الولائية".
وتسعى "جمعية الإرشاد والإصلاح" إلى فتح العديد من المطاعم خلال رمضان، وكشف المكلف بالإعلام في الجمعية التي تعد الأبرز في الجزائر، حمد قاضي، لـ"العربي الجديد"، عن فتح أكثر من 40 مطعماً تقدم في المجموع ما يزيد عن 400 ألف وجبة خلال شهر رمضان، مشيرا إلى أن المبادرة الخيرية تمول من قبل محسنين ورجال أعمال، وهدفها دعم العائلات الفقيرة من خلال مطاعم الرحمة، وفي السنوات الأخيرة، بات يشاركنا العمل موظفون وأطباء يسخرون وقتهم وخبرتهم لمساعدة المشرفين على المطاعم وتقديم خدمة أفضل للصائمين.
ويعتبر أستاذ علم الاجتماع، عبد النور تادبيرت، أن "مطاعم الرحمة التي تتكفل بعابري السبيل ظاهرة إيجابية تؤكد قيم التضامن والتكافل، والزائر لمطاعم الإفطار الخيرية يلاحظ زوال الفوارق الاجتماعية والمهنية، فالكل يتجند في شهر رمضان لخدمة الصائمين، ومن بينهم رجال أعمال وأصحاب مؤسسات وشخصيات مرموقة، كلهم يشاركون عابري السبيل في تناول الإفطار لخلق جو من الحميمية والأخوة. هذه المبادرات تزيد من التماسك والترابط الاجتماعي، وتذيب الفوارق الاجتماعية بين المتطوعين وعابري السبيل".