الجرائم تهدد سلامة أهالي بنغازي

08 يونيو 2021
لا يشعر أهالي بنغازي بالأمان (عبد الله دوما/ فرانس برس)
+ الخط -

لا يشعر أهالي مدينة بنغازي الليبية، عاصمة المنطقة الشرقية، بالأمان، في ظل ارتفاع نسبة جرائم الخطف والقتل والاحتجاز القسري، على الرغم من وعود القوات التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر، المسيطرة على المدينة، بتحسين الأوضاع الأمنية.
ويسيطر الخوف على المواطن الليبي الذي قد يكون ضحية عصابات ومجرمين، بعد ارتفاع معدلات جرائم الخطف والاعتداءات على الممتلكات العامة، خصوصاً بعد فشل حكومة الوحدة الوطنية في الوصول إلى المدينة، بعدما مُنعت من زيارتها من قبل قوات حفتر.
ويتحدث ماهر الشلقامي، الذي يقطن في حيّ الهواري في بنغازي، بغضب من جراء تردّي الأوضاع الأمنية في منطقته. في وقت يتهم خالد غفير، الذي يعيش في حيّ البركة، الأجهزة الأمنية بالتراخي في ضبط الأمن. ويقول الأول لـ "العربي الجديد" إنّ المدينة شهدت انتشاراً كثيفاً للدوريات المتنقلة مع بدء الاستعداد للعرض العسكري الذي نظمته قيادة قوات حفتر مؤخراً، متسائلاً: "إذا كانت لديهم القدرة على ضبط الأمن، فما الذي يدفعهم إلى إهمالنا وجعلنا في مواجهة العصابات التي لا نعرف انتماءها؟".
وفي اعتراف ضمني بالفوضى التي تهدد حياة المواطنين، أعلنت قيادة قوات حفتر، منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عن إطلاق عملية أمنية موسعة تهدف إلى "فرض القانون وضبط الأمن والقضاء على الجريمة وكلّ مظاهر التسلح"، مشيرة إلى وجود عصابات تستغل اسم المؤسسة العسكرية والأمنية لتحقيق مآرب شخصية، قبل أن تعلن في ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني الماضيين، عن تقسيمها إلى مراحل. ويعلّق الشلقامي: "مرّت أشهر عدة من دون نتيجة" لافتاً إلى أنّ مظاهر انتشار العنف والسلاح باتت أوضح في المدينة.

ويرى غفير أنّ الأجهزة الأمنية تتعمّد التغاضي عن الأوضاع الأمنية، وهو ما اعترف به وزير الداخلية في الحكومة الموازية السابقة في شرق ليبيا، إبراهيم بوشناف، إذ قال: "الوضع الأمني في بنغازي يكاد يخرج عن السيطرة". وأكد أنّ "الناس فقدت الأمل في قيام دولة مدنية عصرية"، مشيراً إلى أنّ المدينة باتت ملاذاً آمناً للمجرمين، ما جعلها تخرج عن السيطرة.
وإن كان المتحدث الرسمي باسم مديرية أمن بنغازي، طارق الخراز، قد نفى خروج الوضع الأمني عن السيطرة، إلاّ أنّه يعترف، خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، بتداخل في عمل الأجهزة الأمنية، وتعددها. يقول إنّ "أوامر القيادة العامة صدرت بضرورة منع استخدام الأجهزة الأمنية للسيارات المدنية أثناء عملها، وضرورة أن تحمل شعار الجهة التي تتبعها". ويشير إلى أنّ العمليات الإجرامية ينفذها مسلحون يستخدمون سيارات خاصة. وهؤلاء خارجون عن سيطرة القيادة العامة أو لا يبالون بتعليماتها. وفي كلا الحالتين، نحن من يدفع الثمن".

الصورة
لا يشعر أهالي بنغازي بالأمان (عبد الله دوما/ فرانس برس)
عناصر من قوات حفتر (حازم تركية/ فرانس برس)

وعادت القبائل إلى الاحتجاج على تردي الأوضاع الأمنية في ظل تزايد عمليات الخطف. ومؤخراً، أعربت قبيلة العواقير عن احتجاجها على استمرار ظاهرة الانفلات الأمني في بنغازي، وطالبت بضرورة الكشف عن مصير أبنائها المختطفين من قبل قوات حفتر.
من جهته، يقول الناشط المدني من بنغازي، منذر أبو شيبة، إنّ المدينة تشهد الكثير من التعديات من قبل عصابات، طاولت ممتلكات عامة وخاصة في وضح النهار. ويشير إلى استيلاء المسلحين على حديقة عامة في حيّ السلام وسط بنغازي، لإقامة محال خاصة بهم. كما عمدت مليشيا تابعة لحفتر بشكل رسمي إلى وضع يدها على أرض خاصة تابعة لأحد المواطنين.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

وفي محاولة لكشف التعديات على الممتلكات الخاصة، عمد مواطن من المدينة إلى تصوير محاولة استيلاء على أرض مجاورة لبيته بقوة السلاح، وقام بنشرها مؤخراً على منصات التواصل الاجتماعي.
ويتساءل أبو شيبة، خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، عن حجم القوة العسكرية المتواجدة في بنغازي وقدرتها على ضبط الأمن، قائلاً: "الوضع في بنغازي ليس خارجاً عن السيطرة بقدر ما هو إدارة للفوضى، بهدف إلهاء المجرمين في المليشيات عن تأمين منافع خاصة. أما أمن المواطن، فآخر اهتمامات السلطة". ويتساءل أبو شيبة عن مصير التحقيقات بعد العثور على 11 جثة في المدخل الجنوبي للمدينة منتصف مارس/آذار الماضي من قبل الحكومة أو سلطة حفتر، معتبراً أنّ السلطات متواطئة في التكتم على هذه الجرائم. فيما يؤكد الشلقامي أنّ بعض الأحياء في بنغازي "أصبحت وكراً للمجرمين وتهديداً حقيقياً لحياة المواطنين"، مؤكداً أنّ المواطن يواجه يومياً خطر الموت أو الخطف بهدف الفدية.

المساهمون