- النازحون يعانون من ظروف قاسية في مراكز اللجوء تشمل الازدحام، التلوث، نقص الغذاء، وانعدام النظافة، مما يساهم في انتشار الأمراض الفيروسية المعدية.
- الأطفال في غزة هم الأكثر تأثراً بالأزمة الصحية، حيث يشكلون نحو 60% من المجتمع ويواجهون مخاطر مباشرة نتيجة للقصف، نقص المياه العذبة، وانعدام النظافة الشخصية.
رصدت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة نحو 8 آلاف حالة عدوى بالتهاب الكبد الوبائي الفيروسي جراء حالة النزوح والتكدس غير المسبوق في مُختلف محافظات القطاع، في ظل استمرار القصف الإسرائيلي الذي استهدف كافة نواحي الحياة. وتفتقر مدارس ومراكز وخيام النزوح في المناطق التي باتت تؤوي ما يزيد عن مليوني نازح إلى أدنى مقومات الحياة، بما فيها الجانب الصحي، والذي تنعدم فيه إجراءات السلامة، ما تسبب بتزايد أعداد المُصابين بالأمراض الفيروسية المُعدية، وفي مقدمتها الأمراض الجلدية والتنفسية والتهاب الكبد الوبائي.
ويشهد الواقع الصحي في قطاع غزة حالة كارثية، بسبب الاستهداف الإسرائيلي المتواصل للمُستشفيات والمراكز والتجمعات الطبية، بالإضافة إلى الاستهداف المباشر للكوادر الطبية وسيارات الإسعاف بالإضافة إلى الإغلاق المتواصل للمعابر منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ومنع دخول الأدوية والمستهلكات الطبية، ومنع مغادرة المرضى المزمنين لتلقي برامج العلاج اللازمة.
وتتزايد الأزمات الصحية في المناطق التي تضم تجمعات المواطنين، بسبب حالة التكدس الناتجة عن التهجير القسري وانعدام الرعاية الصحية اللازمة، وافتقار تلك المراكز للأدوية، والمُتابعة الدورية. تقول الفلسطينية سوزان أبو سويلم، التي تُحاول الحصول على العلاج اللازم لطفلها أيوب (11 عاماً)، إنها اضطرت إلى النزوح مع عائلتها منذ الأسابيع الأولى للحرب، وقد تنقلت بين مراكز النزوح في المناطق الوسطى وصولاً إلى مدرسة في مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة.
وتُبين أبو سويلم في حديثها لـ"العربي الجديد"، أنها شهدت أعراضاً غير طبيعية على طفلها، واكتشفت إصابته بمرض التهاب الكبد الوبائي، فيما أرجعت المصادر الطبية سبب الإصابة إلى التكدس الشديد والتلوث الكبير في مراكز اللجوء، بالإضافة إلى النظام الغذائي الفقير وعدم كفايته لتعزيز المناعة، وخصوصاً لدى الأطفال.
وتُشير أبو سويلم إلى أنه وعلى الرُغم من معرفتها أسباب إصابة نجلها بالمرض، إلا أنها غير قادرة على مُعالجة أسبابه، نظرا لعدم قدرتها على مُغادرة المدرسة، والتي تضم آلاف النازحين، وسط أوضاع معيشية صعبة، وذلك لعدم وجود البدائل، في الوقت الذي تُفتقد فيه المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية للأدوية والرعاية اللازمة لحالة طفلها وباقي المصابين.
ويتشارك آلاف الأطفال في الواقع ذاته، حيث يفيد الفلسطيني إسماعيل شنينو بإصابة طفله ايهاب (13 عاما)، بالمرض نتيجة الأوضاع الصعبة داخل مراكز اللجوء، والتي تنعدم فيها تفاصيل الحياة الطبيعية، إلى جانب افتقارها لأدنى مقومات الحياة، وفي مُقدمتها الغذاء المنوع، وماء الشرب، وماء الاستحمام، في الوقت الذي تشهد فيه المراحيض العامة واقعا يرثى له بفعل الازدحام الشديد، والطوابير المُصطفة على الأبواب، وسط انعدام النظافة والتعقيم.
ويُبين شنينو، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لم يقتصر على الاستهداف المباشر للبيوت والمنشآت المدنية والتهجير القسري لمئات آلاف المواطنين وحرمانهم من بيوتهم، بل وصل إلى حرمانهم من أدنى حقوقهم الطبيعية، والمتمثلة في الغذاء الصحي والقُدرة على العلاج، والحصول على الأدوية، الأمر الذي بات يُهدد حياة الآلاف.
في هذا الإطار، يلفت مدير عام الرعاية الأولية في وزارة الصحة في غزة موسى عابد، إلى أن العدوان الإسرائيلي تسبب في عبء كبير وأزمات صعبة باتت ملقاة على كاهل الوزارة، فيما يؤثر غياب الخدمات الطبية على مختلف شرائح المجتمع، وفي مقدمتهم الأطفال، الذين يشكلون نحو 60 في المائة من المجتمع الفلسطيني.
ويشير عابد في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى تعرض الأطفال إلى جملة من الأزمات، وفي مقدمتها المخاطر المباشرة للقصف الإسرائيلي المتواصل، والذي يستهدف المدنيين، بالإضافة إلى نقص المياه العذبة الصالحة للشرب والاستخدام الآدمي، وانعدام النظافة الشخصية، وهو ما يزيد الإصابة بأمراض الجهاز الهضمي، والتي تم تسجيلها في مراكز الإيواء والمدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). ويلفت عابد إلى ظهور العديد من الأمراض داخل مراكز الإيواء، ومنها الأمراض الجلدية، مثل الجرب، والذي تم تسجيل نسبة منه داخل تلك المراكز جراء الازدحام الشديد والذي يؤدي إلى تفشي الأمراض الجلدية، وأمراض الجهاز التنفسي، والالتهابات الفيروسية والالتهاب الرئوي بين الأطفال، علاوة على نقص المواد الغذائية، وهو ما قد يُصيب الأطفال بسوء التغذية والكساح (ليونة العظام وضعفها لدى الأطفال)، وفقر الدم.
ويوضح أن انتشار مرض التهاب الكبد الوبائي بين الأطفال والكبار يعود للازدحام والنوم في ظروف غير صحية، والافتقار لإمكانية الحصول على خدمات الرعاية الصحية الأولية، جراء تدمير ما يزيد عن تسعين في المائة من مراكز الرعاية خلال العدوان المتواصل، ما يتسبب في تقليل فرص إتاحة الخدمات الطبية، في الوقت الذي لا تلبي فيه النقاط الصحية البسيطة داخل مراكز الإيواء الاحتياجات المتزايدة للنازحين.