التغير المناخي قد يقود إلى نزوح الملايين في الشرق الأوسط

30 أكتوبر 2022
ستفقد مدينة الإسكندرية 214 ألف وظيفة إذا ارتفع مستوى البحر 50 سم (Getty)
+ الخط -

مع ندرة الأمطار وموجات الحر الشديدة والجفاف، قد يؤدي التغير المناخي إلى نزوح ملايين الأشخاص في الشرق الأوسط، أكثر مناطق العالم افتقاراً إلى المياه، مع ما يرافق ذلك من خطر توسع للمدن مضر بالبيئة واحتمال اندلاع نزاعات على الموارد.

بوادر هذه التغيرات يسجلها نقيب الفلاحين المصريين حسين أبو صدام على أرض الواقع، ويقول: "يهاجر الشباب من المناطق الريفية إلى الخارج أو إلى المدن الكبيرة للعمل"، مشيراً إلى أن عوامل مناخية تقف وراء هذه الهجرة.

يتوقع خبراء في المناخ احتمال أن تفقد مصر، بحلول العام 2060، نصف إنتاجية القطاع الزراعي

ورغم أن مصر تعاني أساساً من "عدد سكانها الكبير، ومن كونها أحد أكثر البلاد جفافاً في العالم"، فإن الظواهر الجديدة المرتبطة بالتغير المناخي، مثل "ظهور طفيليات جديدة"، تجعل من الزراعة أقل ربحية من ذي قبل"، على ما يؤكد أبو صدام.

وتفيد مفوضية الأمم المتحدة السامية بشؤون اللاجئين، بأن "90% من اللاجئين في العالم يأتون من مناطق معرضة بقوة لتأثيرات التغير المناخي".

216 مليون مهاجر لأسباب مناخية

وتشرح نائبة مديرة المنظمة الدولية للهجرة، إيمي بوب: "إذا لم يستطع السكان توفير غذائهم وزراعة الأرض، فلا سبيل آخر أمامهم إلا النزوح"، مشيرة إلى أن الكوارث الطبيعية المتكررة في عام 2021 "دفعت ثلاثة ملايين شخص تقريباً إلى مغادرة ديارهم في أفريقيا والشرق الأوسط".

وأضافت: "نتوقع أن يشهد الوضع تدهوراً"، مؤكدة أنه ينبغي "إيجاد مصادر بديلة للتوظيف وللدخل" للجم الهجرة المناخية.

ويتوقع خبراء في المناخ احتمال أن تفقد مصر، بحلول عام 2060، نصف إنتاجية القطاع الزراعي.

ويرى الباحث في مركز الدراسات الاقتصادية والقانونية والاجتماعية الفرنسي في القاهرة، فلوريان بونفوا، أن "هناك أيضاً انجذاباً لنمط الحياة في المدينة والخدمات المتاحة فيها".

وما لم يُعمَل على الحد من التغيرات المناخية، يرى البنك الدولي أنه سيكون هناك بحلول عام 2050، حوالى 216 مليون مهاجر لأسباب مناخية، إذ ستضطر عائلات بكاملها إلى النزوح داخل بلدانها، وسيشمل النزوح 19.3 مليوناً في دول شمال أفريقيا الخمس.

وهذه المنطقة معرضة للأخطار أكثر من غيرها، لأن شواطئها كثيفة السكان ومهددة بفعل ارتفاع مستوى مياه البحر، حيث إن 7% من سكانها يعيشون على ارتفاع أقل من خمسة أمتار من سطح البحر، وفق المؤسسة الأوروبية للمتوسط.

وبشكل تلقائي، يتجه المواطنون إلى المدن الكبرى، مثل القاهرة والجزائر وتونس وطرابلس ومحور الرباط-الدار البيضاء وطنجة، غير أن البنك الدولي يحذر من أن "بؤر الهجرة المناخية" تلك معرضة هي نفسها لارتفاع مستوى مياه البحر.

في الإسكندرية، على سبيل المثال، على ساحل البحر المتوسط المصري، سيضطر مليونا شخص إلى الانتقال إلى مكان آخر، أي نحو ثلث سكان المدينة، وستفقد المدينة 214 ألف وظيفة إذا ارتفع مستوى البحر 50 سم.

نزاعات عنيفة حول الماء والكلأ

ويحذر الخبير الاقتصادي عاصم أبو حطب، من أن تجمعات كهذه "تزيد الضغوط على الموارد"، وهو ما "قد يؤدي إلى نزاعات عنيفة"، على حد تعبيره، في منطقة يعتمد 22% من سكانها على الزراعة.

في السودان، أوقعت النزاعات بين القبائل على الماء والكلأ والأراضي مئات القتلى منذ مطلع العام الحالي في ولايات عدة.

وبحسب اليونيسف، تقع 11 دولة من أكثر 17 بلداً افتقاراً إلى المياه في العالم، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

في العراق على سبيل المثال، إذا لم يتخذ أي إجراء بحلول عام 2050، و"في حال ارتفاع الحرارة بمقدار درجة مئوية وانخفاض الأمطار بنسبة 10%، سيفقد هذا البلد البالغ عدد سكانه 42 مليون نسمة، 20% من مياهه العذبة" وفق البنك الدولي.

أما الأردن، أحد أكثر بلدان العالم جفافاً، فقد اضطر إلى مضاعفة وارداته من المياه من إسرائيل هذا العام، فيما يعاني قطاع غزة الخاضع لحصار إسرائيلي، من نقص مزمن في المياه منذ سنوات.

وتقول بوب إن المجتمع الدولي تعهد في مؤتمري كوبنهاغن وباريس للمناخ "مساعدة الدول النامية على مواجهة تداعيات التغير المناخي" من خلال المساهمة في إمداد هذه الدول "بطريقة مختلفة للزراعة وإدارة أفضل للمياه".

يذكر أن 24 دولة أفريقية حثت في مطلع سبتمبر/ أيلول، على احترام هذه الالتزامات بأسرع وقت ممكن.

وستجدد هذه الدعوة خلال مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب 27) الذي ينطلق في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني في مصر.

(فرانس برس)

المساهمون