كشفت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي تسلم الحكومة 5 آلاف شكوى عن حالات تعذيب وانتهاكات داخل السجون، مؤكدة أن عدد الشكاوى إلى زيادة، وسط دعوات لمعالجة الملف.
وما من إحصائية رسمية عن عدد السجناء في العراق، لكن أرقاماً متضاربة تؤكد أنها تقارب المائة ألف سجين يتوزعون على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، بالإضافة إلى سجون تمتلكها أجهزة أمنية مثل جهاز المخابرات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب والحشد الشعبي، وسط استمرار الحديث عن سجون سرية غير معلنة تنتشر في البلاد وتضم آلاف المعتقلين.
وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قد دعا أخيراً ضحايا عمليات التعذيب في السجون والمراكز الأمنية إلى رفع شكاوى معززة بالأدلة، وخصص بريداً إلكترونياً لاستلام الشكاوى.
ووفقاً لعضو لجنة حقوق الإنسان البرلمانية النائب حسين علي مردان، فإن "مستشار رئيس الوزراء لشؤون حقوق الإنسان تسلم حتى الآن 5 آلاف شكوى، منذ طلع يناير/ كانون الثاني الماضي، تخص ضحايا عمليات التعذيب في السجون، مبيناً أن "تقديم الشكاوى ما زال مستمراً عبر البريد الإلكتروني، بينما يتم إجراء التحقيقات للتأكد من صحة تلك الشكاوى أو عدمها".
في هذا السياق، يقول رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، فاضل الغراوي، إن "الحكومة الحالية ومنذ تشكيلها وضعت أولوية لملفات حقوق الإنسان، وكانت لها إشارات ضمن البرنامج الحكومي"، مبيناً أن "اللجنة التي شكلها مستشار رئيس الوزراء لحقوق الإنسان لتلقي شكاوى التعذيب في السجون تسلمت في بداية عملها خلال الأشهر الماضية نحو 3 آلاف شكوى، وقد يكون العدد ارتفع خلال الشهر الحالي إلى 5 آلاف شكوى وبلاغ أو ادعاء، وأن اللجنة تعكف على إحالتها بشكل مباشر إلى مجلس القضاء لإجراء التحقيقات، والتعامل بشكل شفاف مع هذه القضايا".
وأوضح أنه "في حال وصول التحقيقات الخاصة إلى حقائق واضحة ستقوم بإعادة محاكمة الأشخاص الذين قد يكونون قد اعترفوا نتيجة إكراه بالتعذيب أو أخذ أقوالهم بالقوة"، مؤكداً أن "هذه القضايا تُعد من الملفات الضاغطة التي تحتاج معالجة شاملة". وأشار إلى أن "مفوضية حقوق الإنسان بالعراق قدمت (قبل حلها) في حينها رؤية شاملة للتعامل مع ملف التعذيب من خلال إناطة التحقيق، وخصوصاً الابتدائي منه، بمحققين عدليين بدلاً من الموجودين في وزارة الداخلية، وأن يجري التحقيق بإشراف القضاء وأن يكون حضور في التحقيق الأولي لمحامي الدفاع ومحامي المتهمين وحضور المدعي العام لتعزيز ضمانات العدالة".
أضاف: "دعت المفوضية أيضاً إلى أن يتم الإيداع والإيقاف بالنسبة للمتهمين في السجون المركزية التابعة لإشراف وزارة العدل بشكل مواقف خاصة تتوفر فيها كل الضمانات إلى حين تقرير مصير المتهم من المحاكم، بدلاً من وجودهم في أماكن قد تكون فيها إشكاليات في التعامل الذي قد تكون في جزء منه إشارات تتعلق بتلك بهذه الادعاءات".
وكان عضو البرلمان العراقي رعد الدهلكي قد أثار الشهر الماضي ملف "التعذيب الممنهج" داخل سجن الحوت جنوبي العراق، بعدما تحدث عمّا سماه "الإبادة الجماعية" داخل السجن، مؤكداً أن السجناء يفكرون بـ "الانتحار" للتخلص من التعذيب. وأكد رئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية النائب أرشد الصالحي أن أي رئيس للوزراء لا يستطيع حل ملف السجون، على الرغم من أن العراق موقع على الاتفاقيات الدولية، وهو مساءل أمام المجتمع عن الخروقات في سجونه، ونحن خلال زياراتنا إلى السجون حددنا الكثير من النقاط، لكن عند إثارة ذلك تقف قوى سياسية بوجهنا.
وكان المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب قد كشف في تقرير له، نهاية العام الماضي، وفاة نحو 50 معتقلاً نتيجة "عمليات التعذيب والإهمال الطبي في السجون التابعة لحكومة بغداد". أضاف أنّه ما بين يناير/ كانون الثاني الماضي وأغسطس/ آب الماضي توفّي 49 معتقلاً، 39 منهم في سجن الناصرية المركزي، وثمانية في سجن التاجي (شمالي بغداد)، بالإضافة إلى توثيق حالة انتحار في مراكز شرطة إجرام الموصل في محافظة نينوى (شمال)، ووفاة واحدة في مركز تابع لمكافحة الإجرام في العاصمة بغداد.
كذلك، كشف المركز عن "احتجاز السلطات الحكومية عشرات الآلاف من المعتقلين في ظروف غير إنسانية، بوضعهم في زنازين مكتظة وغير مهيأة صحياً لسنوات عدّة بدوافع انتقامية وطائفية"، موضحاً أنّ "الظروف الصحية معدومة في معتقلاتهم، وأنّها ذات درجة حرارة ورطوبة عاليتَين، ما يؤثّر على صحتهم بشكل مباشر".
وتعاني السجون العراقية من إهمال كبير، وغياب للدور الرقابي من قبل الجهات الحكومية والجهات المسؤولة عن حقوق الإنسان، في وقت يجرى الحديث فيه عن سيطرة بعض الجهات السياسية على السجون.