يترقب آلاف المهاجرين الواصلين إلى إيطاليا مصيرهم، بعد ارتفاع منسوب زحف القوارب نحو سواحل الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط في الأسابيع الأخيرة، فيما تتصاعد فرضيات الترحيل القسري للواصلين، مؤخراً، بعد تجاوز مراكز الإيقاف والإيواء طاقتها القصوى.
ويعدّ الترحيل القسري كابوساً يرافق المهاجرين الذي واجهوا مخاطر الهجرة عبر القوارب من أجل الوصول إلى السواحل الإيطالية، وسط ترقب للقرارات الإيطالية الجديدة بشأن مصير آلاف الواصلين إليها مؤخرا، عقب تعثّر محاولات كبح تدفقهم إلى أراضيها بعد توقيع الاتحاد الأوروبي مذكرة تفاهم مع تونس بشأن ملف الهجرة في يوليو/تموز الماضي.
وقال النائب البرلماني السابق المقيم بإيطاليا مجدي الكرباعي إنّ "مراكز الحجز والإيواء الإيطالية تشهد حالة اكتظاظ غير مسبوقة نتيجة ارتفاع تدفقات المهاجرين في الأيام الأخيرة"، مؤكدا "تسجيل تجاوزات عديدة في هذه المراكز تمس بحقوق التونسيين الموجودين فيها".
وأضاف الكرباعي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "كابوس الترحيل يسيطر على المهاجرين الواصلين إلى إيطاليا بعد طلب السلطات الإيطالية من قوارب الإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط إنزال من يجرى إنقاذهم في البحر في تونس، وحرمان الأسر في مراكز الإيواء من حق الحصول على المساعدة والتوجيه القانوني لطلب اللجوء أو تسوية وضعية إقامتهم هناك" .
وأفاد المتحدث بأن "عمليات الترحيل القسري للمهاجرين التونسيين تجرى أسبوعيا بنسق سريع"، مرجّحا أن" تصل إلى مداها في شهر سبتمبر/أيلول، مع توجّه السلطات الإيطالية نحو اتخاذ قرارات جديدة بشأن ملف الهجرة بعد إخفاقها في تحصيل نتائج من مذكرة التفاهم الموقعة مع تونس في 16 يوليو الماضي".
وتابع: "يمنع التونسيون في مراكز الحجز والترحيل من الاتصال بمحامين، كما يحال آخرون ممن عاودوا تجربة الهجرة إلى السجون".
ويرى الكرباعي أن "السلطات الإيطالية تعتمد سياسة مُمنهجة لحرمان المهاجرين التونسيين من تسوية وضعيتهم وفق القوانين الدولية" .
وأكد البرلماني السابق أن "عدد المهاجرين في مركز الإيواء بجزيرة لامبيدوزا حوالي 3000، جرى إنزالهم في ظرف 24 ساعة، مع العلم أن طاقة استيعاب المركز لا تتجاوز 300 مهاجر.
وأفاد بأن "إيطاليا أصبحت غير قادرة على مجابهة الوضع، ورؤساء بلديات المعارضة يشتكون من سوء تصرف الحكومة في استقبال المهاجرين"، فيما سبق أن صرح وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوزي بأنه ستكون هناك قرارات جديدة في مسألة الهجرة والترحيل في شهر سبتمبر/ أيلول.
وفي يونيو/حزيران الماضي، قال أمين المظالم لحقوق الأشخاص المحتجزين في إيطاليا مارو بالما إن سلطات بلاده رحّلت هذا العام 2308 تونسيين نحو بلادهم، في مقابل إعادة 359 مصرياً و189 مغربياً و58 ألبانياً، كما نقلت وكالة "نوفا".
وأضاف أنه "جرى ترحيل 3154 شخصاً فقط إلى بلدانهم من إجمالي 6383 أجنبياً جرى إيواؤهم في مراكز الترحيل عام 2022".
ويقابل ترحيل المهاجرين التونسيين الواصلين إلى إيطاليا بانتقادات كثيرة من قبل منظمات تونسية، تعتبر أن إعادتهم بأعداد كبيرة إلى تونس تكشف موافقة سلطات بلادهم على هذه القرارات التي تفرضها إيطاليا على جنسيات دون أخرى.
وتسعى منظمات مدنية إلى الحد من الترحيل القسري للتونسيين من دول الاتحاد الأوروبي، من خلال اللجوء إلى الوسائل القانونية، ومقاضاة هذه الدول، ومطالبتها بالتعويضات لفائدة المرحلين. إلا أن هذه الحلول تبقى محدودة الأثر في ظل التعاون الرسمي مع الدولة التي تمارس سياسة الترحيل، بحسب ناشطين في مجال الهجرة.
وخلال عام 2022، رحّلت السلطات الإيطالية أكثر من 1700 مهاجر تونسي على متن ما يزيد عن 62 رحلة، بحسب أرقام لمنظمات حقوقية إيطالية. وحلت تونس في المرتبة الأولى دولياً وعربياً في عدد المهاجرين المرحلين، وفق المصدر ذاته.